أوصتني أمي – رحمها الله – بوصايا عديدة، نابضة بالحكمة والتجارب وما أكثر وصايا الأمهات للأبناء، حرصاً على ما ينفعهم في دينهم ودنياهم وكانت كثيراً ما تركز على مبدأ (التسامح) مع الآخرين، ومقابلة السيئة بالحسنة سواءً مع الأقربين أو البعيدين، وغض الطرف عن زلاتهم وتجاوزاتهم المخالفة لحسن التعامل وتوطيد العلاقات، وكظم الغيظ تأسياً بقوله تعالى: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين).
وكنت وما زلت أتمسك بوصاياها القيمة وأحاول العمل بها، وظل وما زال التسامح سجية أتعامل بها في مجريات حياتي مع من أعرف ومن لا أعرف، وقد أكسبتني هذه السجية مكاسب حياتية عديدة من أهمها: الارتياح النفسي، ونبذ القلق ومحبة الآخرين.
علمتني الحياة أن النجاح (قمة شاهقة العلو) لن يصل إليها إلاّ من كان صبوراً وجاداً وعلى قدر فاعل من الكفاح والصمود، أمام متغيرات الحياة ومواقفها متوشحاً بقول الشاعر:
ومن يتهيب صعود الجبال
يعش أبد الدهر بين الحفر؟!
الرباط الوثيق في استدامة الحياة الزوجية (المودة والرحمة) وقد فسَّرها بعض الحكماء: بأنها أشبه بالبستان الجميل الزاخر بأنواع الأشجار المثمرة والمياه العذبة، والموفق من مرتادي هذا البستان أن يجاوز بين ثماره متعددة المنافع، وأن يؤاخي بينها (منهاجاً.. وحياة.. ومشرباً) وقد لا يخلو هذا البستان – أحياناً – مما يعكر صفو التمتع بلذيذ ثماره وحلو مشربه وقديماً قيل:
إذا أنتَ لم تشرب مراراً على القذى
ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
فضل تربية البنات (عن عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – قالت: دخلت مرأة معها ابنتان لها تسأل، فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة، فأعطيتها إياها، فقسمتها بين ابنتيها، ولم تأكل منها، ثم قامت، فخرجت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا ، فأخبرته فقال (من ابتُليَ من هذه البنات بشيء كُنَّ له ستراً من النار) صحيح البخاري.
أجل فإن تعليم البنات وتربيتهن حتى يتزوجن جزاء ذلك الجنة، كما جاء في الحديث، كما أن تأهيلهن وتهيئتهن للعمل في هذا العصر بات ضرورة ملحة تمليها ظروف الحياة ومتطلبات العصر، من وجوه كثيرة، وقد أثبت اندماجهن في العمل الوظيفي نجاحاً باهراً عاد عليهن وعلى أسرهن ووطنهن بالخير والنفع، وما ذلك إلا بفضل الله ثم بفضل تشجيع الدولة وتوفير فرص العمل لهن وبما يتفق والتخصص والقدرة.
وبالله التوفيق ،،،
Ali.kodran7007@gmail.com