التراث هو تلك الموروثات المادية والمعنوية المنقولة من جيل الآباء والأجداد إلى الجيل الحالي ويدخل فيه حصيلة القيم والآداب والفنون والمعارف والمعتقدات، وبوجه عام ينطوي على جميع أنشطة الإنسان المادية وغير المادية كنتاج لتراكم الخبرات. وقد عرفه المجلس الدولي للمعالم والمواقع الأثرية “الإيكومس” المنبثق عن اليونسكو على أنه (مفهوم واسع يتضمن البيئة الطبيعية والثقافية معاً، ويتضمن المعالم التي لها قيمة استثنائية “تاريخية أو فنية أو علمية أو غيرها” سواء أكانت من صنع الإنسان أو الأعمال المشتركة بين الإنسان والطبيعة.
وعادة ما يتم تصنيفه إلى تراث مادي وآخر غير مادي “معنوي” فالتراث المادي يتصل بتلك الموروثات الأثرية المادية التي تم إنجازها في القدم واهتمت بها ورعتها الأجيال ويدخل فيها تلك المباني والمعالم والقطع الأثرية واللوحات الفنية وغيرها، أما التراث غير المادي أو غير الملموس فيتصل بالعادات والتقاليد والمهارات المنقولة عبر الأجيال كمهارات صناعة الحرف وطرق الزراعة وتربية الماشية ومهارات الطبخ والأغاني والممارسات الثقافية وغيرها.
إن المملكة بحكم موقعها في قلب الحضارات والثقافات المتقاطعة وبحكم التاريخ والجغرافيا والأهمية الدينية، أضحت الأكثر غنى وتنوعاً في مجال التراث بشقيه المادي والمعنوي، بل تمتلك ثروة كبيرة من الموروث الثقافي الفريد المتعدد. ونظراً لأهمية التراث السعودي وحفظه فقد جاء تأسيس هيئة التراث ضمن رؤية 2030 التي تهدف بشكل رئيسي إلى الاحتفاء بتراث المملكة كثروة ثقافية وطنية وعالمية، حيث تم تأسيس الهيئة في فبراير 2020 بناء على قرار مجلس الوزراء الموقّر رقم 414، وتتولى الهيئة مسؤولية تطوير قطاع التراث والحفاظ عليه، وتشمل تطوير الأنظمة المتعلقة به وحفظه من خلال اقتراح استراتيجية قطاع التراث في إطار الاستراتيجية الوطنية للثقافة ومتابعة تنفيذها بعد اعتمادها من الوزارة .. وغيرها من المهام الكبيرة التي تضطلع بها، وترتبط تنظيمياً بسمو وزير الثقافة الذي يرأس مجلس إدارتها.
وهنالك جانب من تراثنا المتمثل في بعض القطع الأثرية القديمة التي بحوزة بعض الأسر مثل الأسلحة القديمة كالخناجر والسيوف والبنادق والأدوات المنزلية ومستلزمات المطبخ والأدوات الحجرية من رحى ومسن للسكاكين والأدوات الفخارية والملابس النسائية والرجالية ومستلزمات العروس والجلديات والأدوات الزراعية، بالإضافة إلى المنسوجات وأعمال الحياكة اليدوية والعملات الإسلامية القديمة وغيرها وكلها تحتاج إلى وضعها في متاحف والحفاظ عليها كثروة وطنية، ويمكن دفع قيمتها لأصحابها أو وضعها مع اسم الأسرة التي كانت في حوزتها، كما يمكن تشجيع تلك الأسر على إهداء تلك القطع للدولة أو إقامه متاحف تدرج على قائمة وزارة الثقافة. بقيت الإشارة إلى الجهود المقدرة التي تبذلها وزارة الثقافة وهيئة التراث والجمعيات الوطنية المهتمة بشؤون التراث في سبيل حفظ وتنمية تراثنا ليظل ثقافة أمة تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل.
باحثة وكاتبة سعودية
J_alnahari@