جدة – البلاد
ترتكز العلاقات السعودية الأمريكية على شراكة راسخة على مدى ثمانية عقود، تحقيقا للمصالح الكبيرة المشتركة في كافة المجالات، التي تعكس حرص القيادة بين البلدين الصديقين على تعزيز الشراكة الاستراتيجية.
وانطلاقا من خصوصية هذا الشراكة، وتقدير البلدين لأهميتها في تنمية فرص الازدهار والنمو الاقتصادي، ومواجهة التحديات المهددة للاستقرار الإقليمي والعالمي، تشهد العلاقات السعودية الأمريكية مرحلة مهمة في هذا الاتجاه.
وبدعوة كريمة، من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – أيده الله – وتعزيزاً للعلاقات الثنائية التاريخية والشراكة الاستراتيجية المتميزة بين المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية، والرغبة المشتركة في تطويرها في المجالات كافة، يقوم فخامة الرئيس/ جوزيف بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الصديقة بزيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية يومي 16 و 17 ذي الحجة 1443هـ، الموافقين 15 و16 يوليو 2022م؛ حيث يلتقي خلالها بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وبصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء- حفظهما الله.
وطبقا لبيان الديوان الملكي أمس، تشهد الزيارة بحث أوجه التعاون بين البلدين الصديقين، ومناقشة سبل مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة والعالم. كما يتضمن جدول الزيارة في يومها الثاني، حضور فخامته قمة مشتركة، دعا إليها خادم الحرمين الشريفين- أيده الله – أصحاب الجلالة، والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وصاحب الجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية، وفخامة رئيس جمهورية مصر العربية، ودولة رئيس مجلس وزراء جمهورية العراق، في يوم 17 ذي الحجة 1443هـ الموافق 16 يوليو 2022م.
منطلقات قوية
وتكتسب زيارة الرئيس الأميركي إلى المملكة أهمية خاصة؛ كونها البلد العربي الوحيد الذي سيزوره خلال زيارته لمنطقة الشرق الأوسط؛ مما يعكس الأهمية البالغة التي تنظر بها قيادة الولايات المتحدة للمملكة ودورها الحيوي في تعزيز أمن واقتصاد المنطقة والعالم.
فزيارة الرئيس جو بايدن إلى المملكة، ولقاؤه مع خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد، تعكس استشعار قيادتي البلدين لحجم التحديات المُشتركة، وأهمية رفع التنسيق إلى أعلى مستوياته، تعزيزًا للنهج الثابت الذي تتميز بها العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الصديقين، والحرص المشترك على مواجهة التحديات والمخاطر التي تتعرض لها المنطقة وتؤثر على الاستقرار الإقليمي والدولي، وذلك للمعطيات العديدة التي تشكل الأهمية الاستراتيجية للتعاون والتنسيق وتعزيز الشراكة الاستراتيجية وتتمثل في:
– توافق رؤية كل من الرياض وواشنطن تجاه أهمية ردع سلوكيات إيران المُزعزعة لأمن واستقرار المنطقة والعالم، وتحييد خطر الميليشيات الإرهابية المدعومة من طهران، وهو ما يجعل من استمرارية التواصل والتنسيق على أعلى المستويات أمرًا بالغ الأهمية في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي.
– ينظر العالم- وباهتماك كبير- إلى العلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية؛ كمرتكز أساسي لتعزيز أمن واقتصاد المنطقة والعالم، لما يُشكله البلدان من دور محوري في جهود تعزيز الأمن والسلم الدوليين، انطلاقًا من مكانتهما السياسية والأمنية والاقتصادية وعضويتهما في مجموعة الـG20؛ الأكبر اقتصادًا وتأثيرًا، بكل مايعنيه ذلك من مصالح مستدامة للدول الأعضاء وشعوب العالم.
خطر الإرهاب والنووي
هذه الركائز والقواسم المشتركة القوية في العلاقات السعودية – الأمريكية ، يعززها إيمان البلدين الصديقين بأهمية جعل منطقة الشرق الأوسط خالية تمامًا من أسلحة الدمار الشامل، وهي الرؤية التي ينطلق منها البلدان في سعيهما، بأن يضمن أي اتفاق نووي مع إيران عدم تمكنها من إنتاج قنبلة نووية؛ تجنيبًا للمنطقة سباق تسلح سيكون الخاسر فيه أمن واستقرار المنطقة والعالم.
كما تدعم الولايات المتحدة الأميركية جهود المملكة العربية السعودية، من خلال قيادتها للتحالف العربي في تحقيق أمن واستقرار اليمن، وجهود الحل السياسي، وإنهاء العمليات العسكرية، من خلال ما تضمنته مخرجات اتفاق الرياض، وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي وتسلمه السلطة، بما يساعد في تخطي الأزمة الحالية وعودة الأمور إلى نصابها.
أيضا تُعد مكافحة التطرف والإرهاب في العالم من أهم أوجه الشراكة الاستراتيجية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية؛ وقد أسهم التعاون الثنائي المميز في هذا المجال في تحقيق العديد من المكتسبات المُهمة في دحر التنظيمات الإرهابية؛ مثل تنظيمي (القاعدة) و(داعش)؛ وتحييد خطرها على أمن واستقرار المنطقة والعالم.
ومن الجوانب المهمة في علاقة البلدين، دعم الولايات المتحدة الأميركية لجهود المملكة الرائدة ومبادراتها الكبرى في مكافحة التغير المناخي، وفي مقدمتها مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، التي أطلقها سمو ولي العهد، وقد عبّرت واشنطن عن ذلك الدعم من خلال مشاركة المبعوث الخاص للرئيس بايدن، جون كيري في المؤتمر الدولي الذي استضافته الرياض في أكتوبر الماضي، لتتلاقى التوجهات والمواقف السعودية الأمريكية في القضايا الكبرى ومواجهة التحديات السياسية والأمنية والمناخية في المنطقة والعالم، والجهود المشتركة تجاهها، وتعزيز آفاق التعاون في كافة المجالات.