متابعات

لماذا يجب التخلص من ثقافة “أبقى معي بينما أحوّل الاتصال”؟

جدة : البلاد

يتوقع المستهلكون في هذه الأيام الحصول على خدمة تحقق رضا فوري. وسواء كانوا يسعون للحصول على معلومات، أو يحاولون شراء منتج أو خدمة، أو التواصل لحل مشكلة ما، هناك طلب قوي للحصول على خدمة وتفاعل سريع وسلس.

ولا يتحلّى المستهلك بالصبر الكافي، خصوصا عندما يتعلق الأمر بإجباره على التنقل في متاهة من المواقع على الإنترنت، أو التنقل بين العديد من ممثلي خدمة العملاء عند الاتصال بمركز الاتصال.

إن تحويل اتصال العميل داخليا يشكل نقطة “ألم” مستمرة لمراكز الاتصال والوكلاء والعملاء. وعلى الرغم من أنه لا مفر من هذا التحويل في بعض الأحيان، إلا أن معدلات حدوث عمليات تحويل الاتصال غالبا ما تكون أعلى مما يجب أن تكون عليه، ما يؤدي إلى تدهور تجربة العميل (CX) وتجربة الموظف (EX) في آن معا.

ويجد العملاء أنفسهم أحيانا مضطرون للتعامل مع موقع ويب أو موظف لفترة أطول بكثير مما يريدون، ويصبح الموظف ضحية للإحباط أثناء العمل الشاق لإصلاح هذه المشكلة.

هناك العديد من الأعراض التي تشير إلى ارتفاع معدلات تحويل الاتصال داخليا. تاريخيا، كان يحدث ذلك نتيجة لاستخدام أدوات قديمة، ما يحد من هامش وحرية تحرك الموظف واستخدامه للأدوات المطلوبة لحل المشاكل. هذه العوارض كانت تحدث بغض النظر عن الخبرة أو التدريب الذي تلقاه الموظف، ولطالما تسبب ذلك في تحويل الاتصال بين موظف وآخر بينما العميل موضوع قيد الانتظار على الهاتف.

أبرز “المتهمين” في هذه المشكلة هم “أنظمة الاستجابة الصوتية التفاعلية” (IVR) المعقدة، بالإضافة إلى أدوات الخدمة الذاتية المعقدة مثل مواقع الويب سيئة التصميم وتطبيقات الهواتف الذكية. يضيع العملاء ببساطة في متاهة لا نهاية لها من القوائم والارتباطات التشعبية وواجهات المستخدم التي يصعب التنقل فيها بلا داع. وهذا الأمر يسبب الازعاج حتى بالنسبة لجيل الألفية الذي يتمتع بمعرفة رقمية واسعة.

وتتحد كل هذه العناصر لإلحاق الضرر بقدرة مركز الاتصال على الحفاظ على “مستويات خدمة” (SL) عالية، ومعدلات جيدة على صعيد مؤشر “التعامل بنجاح مع الاتصال من خلال أول موظف” FCR. وفي نهاية المطاف، يعاني الجميع، وتتعرض سمعة العلامة التجارية للأذى. والأسوأ من ذلك، أن مراكز الاتصال تشهد حتما ارتفاعات أساسية في “متوسط وقت المناولة” (AHT) الخاص باتصالات العملاء، مما يؤثر فورا على نوعية الخدمات. إن زيادة بمعدل نصف دقيقة فقط على مستوى الاتصال، يمكن أن تشكل تراكميا عشرات الساعات، وكلها خسائر تتجمع على مدار العام.

لكن التحوّل الرقمي السريع مهد الطريق لاستخدام مزيج من الأتمتة و”تعلم الآلات” (ML) و”الذكاء الاصطناعي” (AI) مما يوفر طريقة فعالة لخفض معدلات تحويل الاتصال داخليا.

وهذا يشمل عناصر مثل “روبوتات الدردشة” Chatbots والاتصالات الصوتية المستندة إلى الذكاء الاصطناعي، التي تحل مكان الخدمة الذاتية التقليدية التي تقتصر على مجموعة من الخيارات المبرمجة مسبقا. وهكذا يمكن بناء قاعدة معارف مع مرور الوقت لتقديم المزيد من الحلول.

يستخدم مصرف كبير في منطقة آسيا – المحيط الهادئ الذكاء الاصطناعي للمحادثات (Conversational AI)، وتحديدا القياسات الحيوية للصوت لتبسيط تجربة العملاء وتسهيل حياة الموظف. عندما يتصل العملاء بالبنك، يمكنهم البدء فورا بالتحدث والاستفسار، ويعمل الذكاء الاصطناعي بعيدا في الخلفية للمصادقة على هوية المتصل باستخدام البصمة الصوتية. ويمكن للعميل تجنب الخوض في سلسلة من الأسئلة. والنتيجة هي أن العملاء لن يضطروا إلى التعامل مع أسئلة تحديد الهوية، مما يوفر لهم الوقت، مع ضمان التحدث إلى الوكيل المناسب من أول اتصال.

كذلك، خفضت إحدى شركات الاتصالات الأوروبية بشكل كبير عمليات تحويل الاتصال داخليا من خلال إدخال روبوت صوتي ليحل محل نظام الـ IVR التقليدي والمعقد. هذا التحديث يعني أن العملاء لن يضيعوا في قوائم لا نهاية لها، ولن ينتهي بهم الأمر مع الموظف الخطأ للحصول على المعلومات، بغض النظر عن الخيار الذي يختارونه خلال الاتصال. وسجلت هذه الشركة عائدا كاملا على الاستثمار بغضون أقل من 18 شهرا بسبب الفوائد الواسعة لاستخدام روبوتات الاتصالات.

ومع ذلك، من الأهمية بمكان التمييز بين هذه النوعية من روبوتات الدردشة وبين غالبية “الروبوتات” الموجودة في السوق والتي تعكس أسوأ ما في عالم أنظمة الاستجابة الصوتية التفاعلية (IVR) القديمة. وعمليا، لا تعد روبوتات الصوت والدردشة أكثر من واجهات محادثة، ويمكن أن تكون هامة فقط إذا كانت الخدمات الموجودة خلفها ذات قيمة. هذا يعني أن التصميم يصنع الفعالية أو يفسدها. ولا تقوم برامج الروبوت التي تستخدم برمجيات قديمة بأكثر من إعادة تدوير الإحباطات التي يشعر بها العملاء دائما مع أنظمة الاستجابة الصوتية التفاعلية، لكن في شكل جديد.

تفتح التقنيات الحديثة الباب أمام ردم الفجوات بين عالمي تجربة العميل CX والتجربة الكلية TX (Total Experience). وبهذا يمكن أن يتلقى العملاء خدمات بناء على معلومات متسقة ودقيقة، ويكتسب الموظفون زملاء عمل في البيئة الرقمية تجعل حياتهم أسهل. ولكن قبل الاستثمار في الأتمتة و”تعلم الآلات” ML والذكاء الاصطناعي، سواء من خلال برامج الدردشة أو غير ذلك، يجب أن تكون الأولوية لضمان تقليل جهد العميل وتقليل الوقت الذي يحتاجه لحل المشكلات. ومع أخذ كل هذه العوامل في الاعتبار، سيتفاعل العملاء مع خدمات ذاتية موثوقة وسهلة الاستخدام ووكلاء يمكنهم تقديم أفضل الخدمات من أول اتصال، وسيتجنب الجميع متاعب تحويل الاتصالات داخليا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *