مكة المكرمة – أحمد الأحمدي
يأتينا شهر رمضان كل عام ليدخل علينا البهجة والفرحة ونعيش أيامه ولياليه لنحاول أن نعوض ما فاتنا في زحمة الحياة التي تأخذنا مادياتها، فنجدها فرصة لا تعوض في التقرب إلى الله عسى أن يغفر لنا ويرحمنا، ورمضان في حياة كل واحد منا له خصوصية وله مباهجه وله ذكرياته الحلوة التي تبقى في الذاكرة ولا تكاد تفارقها، فلا شيء يعدل فرحة دخول شهر رمضان. فدخوله يعني الطمأنينة والروحانية التي لا توجد في أي شهر سواه، فما إن يعلن شهر رمضان إلا ويتسابق الناس فيما بينهم إلى التهنئة الخالصة ببلوغ شهر رمضان المبارك، سائلين الله أن يعينهم على صيامه وقيامه، وهم بذلك يستشعرون فضل هذا الشهر الكريم بمضاعفة الأجر فيه وفضل أيامه ولياليه.. هذه التهنئة باتت ميسرة وسهلة بعد توفر طرق الاتصال المتعددة والحديثة، فبالماضي القريب كانت البرقيات هي السبيل الوحيد ليس للتهنئة فقط بل بالإعلام بدخول الشهر الكريم.
حاتم حسن قاضي وكيل وزارة الحج لشؤون الحح سابقا ورئيس لجنة اصلاح ذات البين بامارة منطقة مكة المكرمة حاليا تحدث عن ذكرياته الرمضانية وكل ما يتعلق بشؤون وشجون هذا الشهر الكريم في الماضي والحاضر واكد القاضي أن لرمضان الكثير من الذكريات التي لا تزال عالقة في ذاكرته رغم مرور عقود من الزمن عليها.
ويضيف: من هذه الذكريات كان والدي يرحمه الله يحرص أن يذهب بنا كل رمضان للمدينة المنورة لاداء الصلوات بما فيها التراويح والتهجد في الحرم النبوي الشريف والاستمتاع بليالي وايام رمضان وروحانيتها المشبعة بالايمان والخشوع في العبادات في الروضة الشريفة المباركة ونستنشق عبيرها ونشعر ببركة طيبة الطيبة ولذا نسعد بذلك فنصوم كامل الشهر بها ولا زلت اذكر ذلك الصوت القرآني الشجي لفضيلة امام وخطيب المسجد النبوي الشريف آنذاك فضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح ــ رحمه الله ــ وكان ذلك في عام ١٣٨٠ه واذكر أن صفوف المصلين كانت يسيرة لا تتجاوز بناء الحرم القديم وكان رحمه الله اذا توجه لله بدعاء القنوت خشعت القلوب وذرفت الدموع. وقال القاضي إنه في حياة الوالدين رحمهما الله كان يحرص واخوته حتى بعد استقلالهم بالزواج على الافطار معهما لنيل رضاهما ودعواتهما الكريمة في وقت اجابة الدعاء خاصة وان للصائم دعوة لا ترد.
وعن ما يفقده من تفاصيل رمضان الامس قال القاضي من ذلك فقد والديَّ رحمهما الله وبركة الافطار معهما وبركة دعائهما وايضا يمر علي رمضان هذا العام بوفاة خالي المربي الفاضل احمد بن عبد الله شافعي ــ رحمه الله ـــ الذي فقدناه قبل اشهر قليلة فقد كان يرحمه الله يحرص في كل رمضان على جمع الاسرة والارحام والاصحاب في اول ليلة من ليالي العشرة الآواخر من هذا الشهر الكريم في منزله العامر للافطار معه اسال الله له الفردوس الاعلى من الجنة.
الحرم النبوي
تظل ذكريات رمضان عالقة في الاذهان هل ثمة ذكريات ما زالت تعاودكم كل ما هل رمضان؟
لا زلت أذكر ذكريات رمضان فما اجملها من ذكريات تعبق بالخشوع والايمان خاصة عندما كان يأخذنا والدي رحمه الله في بعض السنوات للمدينة المنورة فنصوم كامل الشهر بها ونؤدي صلاة التراويح والتهجد خلف فضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح امام وحطيب الحرم النبوي انذاك كان ذلك في عام ١٣٨٠ه وكانت الصفوف قليلة لا تتجاوز بناء المسجد القديم وكان الشيخ عبد العزيز بن صالح ــ رحمه الله ـــ اذا توجه لله بالقنوت خشعت القلوب وذرفت الدموع وتسمع بكاء المصلين من خلفة انها ذكريات ايمانية خاشعة في المسجد النبوي الشريف لا ازال اذكرها مع اطلالة شهر رمضان المبارك كل عام رغم صغر سني آنذاك.
قرار الصوم
هل يمكن ان نعرف على اول رمضان قررت فيه الصيام وكم كان عمركم انذاك؟
كان الفرار آنذاك للوالد ــ رحمه الله ــ بمساعدة الوالدة ــ رحمها الله ــ حيث كانا يحثاني واخوتي على الصيام فمنذ ان كان عمري سبع سنوات بدأت أصوم وقد شعرت بالغبطة لتجربة الصوم في ذلك العمر الصغير.
قديما وحديثا
حدثنا عن الفرق بين رمضان قديما والوقت الراهن؟
تختلف ظروف رمضان في السابق عن الوضع الحالي لعدة أمور وعوامل منها التطور الحاصل في مختلف مجالات الحياة والتقارب العالمي المشاهد في هذا الزمان ففي السابق كان الصائمون يهيئون انفسهم لرمضان من منتصف شهر شعبان تقريبا حتى لا يأتي عليهم الشهر الكريم الا وهم منكبون على عباداتهم من صيام وقيام وتلاوة قران ، وكان في السابق اذا اتموا صلاة الترا ويح يخلدون للنوم كسائر أيام العام ثم الاستبقاظ آخر الليل للسحور فقد كانوا لا يعرفون السهر الحاصل في هذه الآونة.
ورمضان فرصة عظيمة وباب خير مفتوح للصلح والاصلاح فإن المشاحن وقاطع الرحم يحرم من خير كثير في هذا الشهر واني انتهز الفرصة في سؤالكم هذا لا ادعو جميع القراء من كانت بينه وبين قريب أو عزيز خصومة أو مشاحنة فليبادر بالمسامحة فإن خيرهما الذي يبدأ بالسلام .
البرنامج الرمضاني
حدثنا عن البرنامج اليومي الذي اعتدت عليه في شهر رمضان المبارك.
لا يخفى عليكم ان لهذا الشهر خصوصية وميزة عن غيره من الشهور ولعل من اهم خصوصية القرآن الكريم الذي نزل فيه لذا فاهم برامج المسلم في هذا الشهر أن يضاعف من ورده القرآني ويلزم نفسه بذالك ويحث عليه غيره.
وكذلك من برامج هذا الشهر الكريم عادة جميلة اعتادها كثير من العلماء وهي مدارسة كتب الشمائل والاخلاق النبوية لتكون نبراسا يهتدى به الجيل المسلم وحبذا نشر مثل هذا البرنامج في بيوتنا وبين أبنائنا فلو استعرضت الأسرة وهم على مائدة الا افطار كل يوم خلق من اخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم وتواصوا بتطبيقه لا استفادوا بنهاية الشهر ثلا ثين خلقا نبويا نسال الله التو فيق٠ومن لرامج هذا الشهر ما اكرمنا الله به في الجمعية الخيرية بمكة المكرمة من تفقد احوال الفقراء والمحتاجين في بلد الله الحرام ٠والمشاركة في توريع السلال الغذائية الرمضانية وتفطير الصائمين وغير ذلك٠ وكذلك السعي من خلال لجنة اصلاح ذات البين بامارة منطقة مكه المكرمة .
وجبة الافطار
هل هناك وجبة افطار معينة تحرص على تناولها على طعام الافطار؟
أفطر على التمر والسمبوسه والشوربة .
رفاق الطفولة
هل تنتهز فرصة رمضان للقائهم ؟
بداية نتذكر من مضى منهم للدار الآخرة بدعوات وقت الإجابة أن يتغشاهم بواسع رحمته وأن يسكنهم فسيح جناته ، ثم إن المحبة تسود للزملاء والرفقاء جميعا والمناسبات التي تجمعنا في غير رمضان أكثر مما يجمعنا في رمضان فالجميع يشغل فيه بالأقارب والأرحام والصيام والقيام.
فعل الخير
في الماضي كان الجيران يتبادلون الأطباق الرمضانية والحلويات هل ما زالت هذه العادة موجودة ام تلاشت في إيقاع الزمن ؟
كانت في السابق يتجمع في المائدة جميع أهل الحي فكل بيت يمد لجاره بما طبخه لفطور وسواء في ذلك الغني والفقير كلٌ على قدر سعته ومازال لتلك العادة بقية وإن قلت وتلاشت.
ومما أذكره أن لنا جارة كريمة وهي السيدة دولة المحضار كانت تتغنى بشهر رمضان ووصوله وتبدأ بالتهيئة له من بداية شعبان وكانت إذا دخل رمضان فرغت نفسها وأهل بيتها لتفطير الصائمين وإطعامهم ابتغاء أجر الله وثوابه ووفاء منها لزوجها أبو بكر المحضار الذي بدأ هذه العادة الطيبة منذ ما يقارب ٥٠ سنة أبوبكر المحضار فكانت تعد لهم الشوربة بنفسها هي وابنتها يطبخون قدورا تكفي ما يقارب ٤٠٠ شخص يوميا تطعمهم بفرح وسرور بلا كلل ولاملل حتى جاوزت الثمانين وهي على هذا الحال لم تجعل السن عائقا في فعل الخير وتحث أسرتها على هذا مع كرم الأخلاق وطيب النفس ويشاء الله أن من محبتها لهذا الشهر أن يقبض روحها فيه قبل عامين رحمها الله وغفر لها وتقبل منها صالح عملها.
الاستعداد لرمضان
كيف كانت الاستعدادات لرمضان قديما ؟
كما أسلفت لكم أنهم كانوا يستعدون له منذ وقت مبكر لئلا يشغلون فيه بغير الطاعة، ولم تكن تشاهد بعض المبالغات التي نراها في الاونة الأخيرة من التزاحم على محلات المواد الغذائية والمطاعم والمشروبات وقد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى التشاجر والنزاع والسباب فيذهب أجر الصوم وثمرته فالصوم جنة وكم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش.
التواصل الاجتماعي
وسائل التواصل الاجتماعي هل ترى انها ألغت التواصل بين الأهل والجيران ؟
لا أقول ألغت هي تظل وسيلة فالعبرة بكيفية استخدامها.
هل تمارس اي نوع من الرياضة في ليالي رمضان ؟
طبعا رياضة المشي مهمة ونحث الجميع عليها ، ولكن كما ترى للسن حكمه.
المسلسلات التلفزيونية
هل تشاهد المسلسلات والبرامج الرمضانية ؟
في البرامج والمسلسلات النافع والضار وقد توافقني أن كثرتها في هذا الشهر غير مناسبة فلو يتم توزيع الجهد في كامل العام لكان أفضل للمشاهد وأسلم لمكانة الشهر وحرمته، ولا أتعنى لمشاهدة برنامج أو مسلسل بعينه إلا إن حصل ذلك اتفاقا.
أو ما يكون منها له ارتباط بالشهر وروحانيته كما كنا سابقا نتابع على مائدة الإفطار للشيخ علي طنطاوي وخواطر قرانية للشيخ الشعراوي رحمهم الله.
اكلات رمضانية
حدثنا عن الأكلات الرمضانية التي تعيدك إلى ذاكرة الماضي في رمضان ؟
خبز الشريك ومشروب السوبيا والدقة المديني والسحيرة لأننا كنا في بعض السنوات مع الوالد رحمه الله نصوم رمضان كاملا بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
ما الذي تفتقده من تفاصيل رمضان الأمس؟
افتقد من تفاصيل رمضان بالأمس القريب خالي المربي القدير أحمد بن عبدالله شافعي رحمه الله ووالدينا ووالديكم اجمعين الذي كان يحرص في كل عام على جمع الأسرة والأرحام والأصحاب في أول ليلة من ليالي العشر الأواخر في منزله وكنا نفطر معه في كل يوم ، وفقدناه قبل أشهر قريبة وهذا أول عام يمر علينا بعد وفاته نسأل الله له الفردوس الأعلى من الجنة.