موسكو – البلاد
شهر مضى على بدء الحرب الروسية – الأوكرانية، ولا يزال الوضع غامضاً، فلا أحد يعرف إلى متى سيستمر القتال على الرغم من ترجيح كييف بأنه سينتهي خلال إبريل المقبل، غير أن موسكو لم تحدد سقفا زمنيا للحرب، بل تواصل زحفها نحو كييف وسط تكهنات بعدة سيناريوهات من قبل خبراء، يرون أن للرئيس الروسي بوتين أبوابا دبلوماسية للخروج من الوضع الحالي إذا لزم الأمر، مؤكدين أن تحديا كبيرا سيكون أمامه حال اختار احتلال أوكرانيا بأكملها.
وقال الخبراء، وفقا لتحليل نشرته وكالة “فرانس برس”، إن الوضع يبدو أصعب مما كانت تتصوره روسيا لكن لا يزال بوتين مستعداً لدفع الثمن لتحقيق أهدافه، مشيرين إلى أن أهدافه لم تتغير والتي تقتصر على بقاء أوكرانيا على “الحياد” و”نزع سلاحها”، أي بعبارة أخرى عدم انضمام هذه الجمهورية السوفيتية السابقة إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بينما لم يعد الكرملين يراهن بالضرورة على الإطاحة بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي أصبح رمزاً للمقاومة في نظر العالم الغربي.
وأشارت الخبيرة في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية (ECFR) ماري دومولان، إلى أن “الخطة الأولية، التي ربما انطوت على شن حرب خاطفة للسيطرة على كييف بسرعة كبيرة وإسقاط الحكومة الأوكرانية، لم تنجح”. فالهجوم الروسي يواجه مقاومة أوكرانية غير متوقعة تعقد الأمر بالنسبة للكرملين.
بدوره، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كليرمون أوفيرنيو ومؤلف “حروب النفوذ ” فريديريك تشاريلون، إنه “ما زال بوتين يراهن على أن الحرب لن تدوم وأنه في نهاية المطاف سيفرض نفسه بفضل حجمه العسكري، مهما كانت المقاومة التي يواجهها على الأرض”. وأضاف الأكاديمي الفرنسي أن أمام الصعوبات التي يواجهها الجيش الروسي على الأرض وسلسلة العقوبات المفروضة على روسيا فإن بوتين “يتجه أكثر فأكثر نحو حرب تقوم على التدمير والعقاب”، فيما أوضحت الباحثة في مركز كارنيغي في موسكو تاتيانا ستانوفايا، أن “السؤال ليس في ما يريد الحصول عليه، ولكن كيف وبأي ثمن.. سيستغرق الأمر وقتاً، وسيسبب مزيداً من المآسي، لكنه مقتنع بأن ليس لديه خيار وأنه مكلف بمهمة تاريخية” تتمثل في استعادة النفوذ الروسي.
ويرى المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (Ifri) في مذكرة تحليلية أنه كلما طال أمد الحرب، “بدون احتمال التوصل إلى حل سريع”، من المرجح أن تزداد التوترات سوءًا وصولًا إلى “انهيار نظام السلطة في الكرملين”. فبعض الأطراف الفاعلة في النظام من الأثرياء النافذين ورؤساء الأجهزة الأمنية قد يميلون إلى أن يطلبوا من فلاديمير بوتين أن “يتوقف”، أو حتى أن يطيحوا، كما يروج بعض المحللين. لكن تاتيانا ستانوفايا قالت إن “في الوقت الحالي، لا أرى أي مؤشر على ذلك لدى النخبة الروسية.. حتى وإن بدا أن الحرب صدمت جزءًا من هذه النخبة، فهي ليست مستعدة سياسيًا للوقوف ضدها”.
يذكر أن روسيا بدأت عملية عسكرية في أوكرانيا في 24 فبراير الماضي، بعد أيام من الاعتراف باستقلال منطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا، الأمر الذي قوبل بآلاف العقوبات الغربية والتي شملت قطاعات وكيانات وأشخاصا روسا، في محالة للضغط على موسكو لوقف عملياتها.