البلاد – مها العواودة
أكد مختصون في علم النفس بأن تطبيقات التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً مهماً في عملية التفاعل مع الآخرين في حياتهم اليومية، لافتين إلى أنه من المهم أن يتحلى الفرد بالوعي والقدرة على استخدام هذه التطبيقات بما يعود بالنفع والفائدة عليه وعلى جميع أفراد المجتمع، كما حذروا من سلبيات هذه التطبيقات التي منها: انخفاض معدل ساعات النوم اليومية، كذلك الابتعاد عن الجو العائلي والأسري، والعزلة عن المجتمع الحقيقي والتعمق في المجتمع الافتراضي ، مؤكدين في الوقت نفسه إلى أن الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي يؤثر ويتأثر بمن حوله ويتفاعل معهم بمشاعره وأفكاره وسلوكياته، ومن مميزات السلوك الإنساني أنه مرن ويمكن تغييره وتطويره بناءً على ما تقتضيه معطيات وتجارب هذه الحياة، واستطردوا أننا نعيش في عصر يعتمد على التقنية الرقمية بشكل كبير ومن الملاحظ تأثير هذه التقنية إما بالإيجاب أو السلب على السلوك الإنساني..
فالإنسان جزء من هذه المنظومة الرقمية وبالتالي من الطبيعي أن يتفاعل معها ويتأثر بها بغض النظر عن طبيعة هذا التأثير».
أمل نجار أخصائية نفسية في مستشفى جامعة الملك عبد العزيز بجدة ومستشارة أسرية في جمعية المودة تؤكد وجود عدة أعراض تشير إلى إدمان الشخص لهاتفه الذكي أبرزها التفكير الدائم في وسائل التواصل حتى أثناء البعد عن الهاتف والرغبة في زيادة وقت استخدام الهاتف والبقاء على الهاتف وقت أطول من المخطط له وكذلك الفشل في ضبط وقت الاستخدام أو الشعور بالتوتر عندما يكون الشخص بعيداً عن الهاتف.
مؤكدة أن الإدمان على استخدام الهاتف بكل أنواعه يتشابه في علاماته وعواقبه السلبية على حياة الفرد والمجتمع وهنا وجب الانتباه لخطورة هذا النوع من الإدمان فهو ادمان لثقافات قد تحمل لنا ما لا تحمد عقباه. فضلا عن الآثار(صحية ،نفسية ، اجتماعية، مادية..) لتلك المواقع وحتى آثارها السلبية على القيم الإنسانية والاخلاق والموروثات الثقافية.
فقد بينت الدراسات أن مشاركة أفراد الأسرة لأمور الحياة اليومية والانشطة الترفيهية وزيادة المشاركة بالتواصل والتفاعل بالحوارات مع احترام أفكارهم والتشاور في بعض القرارات وحل الصراعات (ان وجدت) هي ضرورة حتمية حتى لا يتجه أحد أفراد الأسرة لبناء عالمه الافتراضي الخاص والبعيد عن اسرته؛ لذلك ينبغي على الأسرة أن تجعل هدفها الأول الحفاظ على اللحمة الأسرية وتزويد كل فرد فيها بالخبرة والمعرفة حول ماهية هذا العالم الافتراضي وماهو الاستخدام الأمثل لمواقع التواصل بعيدًا عن القمع أوالعنف والإساءة والحرمان.
كما أوضحت ضرورة تعزيز دور الأسرة نواة المجتمع في استخدام الأطفال للهواتف، ففي حرية استخدام الطفل للهاتف الذكي دون توجيه ومراقبة زيادة لاحتمال ارتكابه للسلوك السلبي.
عصر رقمي
المستشارة النفسية الهنوف يماني قالت نحن في عصر رقمي بحت حيث أصبح الهاتف جزءاً من هوياتنا مما يحمله من معلومات بالكامل عنا حتى ان معلوماتنا الشخصية بالكامل لدى الدولة اصبحت في تطبيقات بالهاتف نوصل لها بكل سهولة لذلك أصبح الهاتف جزءا مهما من حياتنا ولكن يجب علينا الحرص بعدم استعماله بكثرة والانشغال به والبُعد عن الجوانب الاخرى كالصحية والعائلية والعملية.
وترى ضرورة استعماله باتزان (استعمال صحي) ويشمل ذلك ايضاً البحث ومتابعة الاشياء والاشخاص الهادفين ومن هنا يأتي دور الأسرة الكبير في توعية الافراد داخل الأسرة بخطر إدمان الهاتف وأنه لابد من القيام بمهام أخرى ومشاركة الأسرة في جلساتها وحواراتها.
مهام وظيفية
يعتبر جيلاني بن شايق الشمراني مدرب ومستشار إعلامي أن برامج وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت مهمة وجزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وفي بعض الأحيان ضرورة لأداء بعض المهام الوظيفية، حتى أن أغلب الموظفين يضعون مجموعات للعمل، وهذا يدل على استثمار وسائل التواصل إيجاباً بدلاً من كونها مضيعة للوقت.
كما أن ذلك لا يقتصر على دولة دون غيرها أو شعب دون آخر، فجميع بلدان العالم غارقة في هذه البرامج بين الاستخدام السلبي أو الإيجابي.
ومع كل هذه الإيجابيات والاستخدام الأمثل لتلكم البرامج تبقى هناك مشكلة ضياع الوقت الذي تسببه، وبعض المخاطر الصحية التي يسببها التعلق بالهواتف الذكية لا سيما الأطفال، ويبقى الدور الأكبر على الوالدين لوضع وسائل تربوية لحماية الأبناء وتحدّ من هذه الظاهرة، وقد أوصى الكثير من المختصين بتخصيص أوقات متفاوتة خلال اليوم للابتعاد عن الهاتف الذكي خصوصا ما قبل النوم، وطرحت الكثير من الدراسات العلمية حول ذلك.
وتابع: من وجهة نظري الشخصية هي مسألة تعود، فكما أننا قبل سنوات كنا نسافر من مدينة لأخرى ونمكث قرابة ١٢ ساعة وأحيانا تصل لـ ٢٤ ساعة بلا هاتف، ولم نشعر بأننا فقدنا شيئا مهما، لذلك يجب علينا أن نعود أنفسنا على الابتعاد عن الجوال قدر المستطاع، وإن كان ولابد فنبتعد عن برامج التواصل الاجتماعي ولا نجعلها تسحبنا بل يجب أن نجعل التحكم لدينا، ومع الاستمرار قد نستطيع أن نحد من هذا التعلق السلبي».
وأضاف «الحقيقة أن التنظير سهل ولكن التطبيق صعب، فالهاتف ضرورة والتطبيقات أغلبها ضرورة وتواجدنا فيها أحياناً يكون ضرورة كذلك، ويختلف الأمر من شخص لآخر كلٌ حسب احتياجه، فهناك من يستطيع أن يبقى يوما بلا برامج تواصل اجتماعي، ويوجد من لا يستطيع أن يترك هاتفه ساعة واحدة كون عمله يتطلب ذلك».
المستشار الأسري والنفسي مشبب ناصر المقبل أكد أن العلم لن يقف عن التقدم في مارثون ركضه إلى الامام ومن هنا وجب الانتباه إلى أثار الادمان على استخدام الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي.
وتابع: العلم قطع شوطًا جديدًا وكشر لنا عن أنياب نقلة جديدة في التواصل الاجتماعي باسم « ميتافيرس» عالم جديد سيعمق أكثر الهوة بين افراد البشر ويزيد من غربة الانسان عن أهله وأقربائه ولكن فيهما منافع للناس» .
مشيرا إلى أن الهدف الأول الذي لاجله اخترع النت هو لأسباب تجارية واقتصادية، ونحن نعول على وعي الامة والافراد على أهمية التركيز والتمحور حول مبادئنا والحث على التمسك بها مهما اختلفت الظروف وأن نعمل على تسخير كل جديد فيما يعود علينا بالنفع وأن لا يكون دورنا مجرد ردة فعل لا يبادر شبابنا وشاباتنا بالنزول في الميدان واستلام راية القيادة والريادة، وهذا ليس بصعب في عصر صار فيه الوصول الى العلم والتعلم امرا ميسرًا وميسورا.