جدة – البلاد
أثمرت الجولة الموسعة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ، جملة من المكتسبات القوية ، بتعزيز أواصر العلاقات الأخوية وتطوير المصالح المشتركة نحو التكامل الاقتصادي ، ووحدة الصف تجاه القضايا الاقليمية والدولية الكبرى التي تمس استقرار وأمن دول المنطقة وحقوق الأمة ، ويظل العنوان الأشمل الذي يعمق الطمأنينة على مسيرة مجلس التعاون ، هو تعزيز مفهوم الخليج الواحد، والمصير المشترك والدفع بالعمل المشترك نحو آفاق أرحب، في تحقيق المزيد من تطلعات القادة وآمال الشعوب الشقيقة.
النتائج المهمة لجولة ولي العهد ، ومباحثاته مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي في أجواء المحبة والحفاوة الرسمية والشعبية بسموه، تمثل مرحلة مهمة لتعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات ، والتعاون بين الدول الست الشقيقة أعضاء المجلس، ووحدة الصف تجاه التحديات الخارجية.
وتعكس الجولة الدور الكبير الذي تضطلع به المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده ، حفظهما الله، لتحقيق أعلى مستويات التعاون بما يلبي تطلعات الشعوب الشقيقة في المزيد من الازدهار ، وتعزيز تحصين البيت الخليجي واستدامة الاستقرار لدول المجلس وللمنطقة ذات التأثير الاستراتيجي على الصعيدين الإقليمي والدولي ، فيما تستعد الرياض لاحتضان قمة قادة مجلس التعاون وجدول أعمال طموح لاستحقاق هذه المرحلة المهمة في مسيرة المجلس نحو التكامل ووحدة الرؤى والموقف تجاه مختلف القضايا والتحديات على كافة الأصعدة.
لقد عبرت نتائج المحادثات والبيانات الختامية المشتركة الصادرة عن المملكة والدول الشقيقة عن هذه الروح ، والتي تؤشر لمرحلة جديدة على صعيد العلاقات الثنائية ومنظومة المجلس بكل أهميته وتعاظم صوته وتأثيره ومواقفه الموحدة تجاه القضايا والتحديات، وتجسد هذا الاهتمام في الفرح الغامر لشعوب دول المجلس والتقدير البالغ للأمير محمد بن سلمان ، في ترسيخ أواصر اللُحمة والمصالح ، والتي تجلت في لقاءات سموه بالقادة ، والاحتفاء الشعبي والإعلامي الواسع ، وتفاؤلا عظيما بمخرجات ونتائج القمة القادمة لصالح مواطني دول المجلس والمواقف الموحدة تجاه.
ولنبدأ من حيث اختتم ولي العهد جولته بزيارة الكويت ، وقد حظي التعاون الاقتصادي باهتمام واضح من البلدين ، تمثل في دعم آفاق التعاون بينهما وتطويرها في مختلف المجالات، وتحقيق شراكة استراتيجية، وكذا توحيد مواقف البلدين تجاه القضايا ، وهما قاسم مشترك لنتائج زيارات سموه للعواصم الخمس الشقيقة. فقد أكدت المملكة والكويت ، على تعزيز الشراكة الاستراتيجية للبلدين، ومواصلة العمل لزيادة الإنتاج في عمليات الخفجي وعمليات الوفرة النفطية المشتركة، واتفاق البلدين على التنسيق لتنفيذ بنود مذكرة التفاهم بشأن المنطقة المقسومة والمنطقة المغمورة المحاذية لها.
ومن الملفات الحيوية التي أكد عليه البلدان الشقيقان ، التعاون الوثيق بينهما في مجال الطاقة، وبالجهود الناجحة لدول مجموعة «أوبك بلس» الرامية إلى تعزيز استقرار سوق البترول العالمي، وأهمية استمرار هذا التعاون وضرورة التزام جميع الدول المشاركة باتفاقية المجموعة الموسعة للدول المنتجة.
أيضا اتفاق الجانبين على تعزيز سبل التعاون حول سياسيات المناخ الدولية والتعاون على تنفيذ مبادرة “الشرق الأوسط الأخضر” التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان، والتعاون في مجال تطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون للإسهام في معالجة الانبعاثات الكربونية بطريقة مستدامة اقتصادياً، إضافة إلى التعاون في مجالات كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة وتطوير تقنياتها ومشاريعها لمساهمتها في استدامة إمدادات الطاقة عالمياً ، كذلك زيادة التعاون لتعزيز استفادة البلدين من الربط الكهربائي.
على الصعيد الاقتصادي أيضا حققت المملكة والكويت خطوة متقدمة في مجال الاستثمار ، بتعزيز فرص التبادل الاستثماري، وتوحيد الجهود لتذليل العقبات وتوفير الفرص للمستثمرين في كلا البلدين.
عمان.. مشاريع واستثمارات
في عمان حيث المحطة الأولى في جولة سمو ولي العهد، وكان سمو ولي العهد قد بدأ جولته الخليجية بزيارة سلطان عمان ، ومباحثاته مع جلالة السلطان هيثم بن طارق لتعزيز العلاقات التاريخية والمصالح المشتركة ، حيث أثمرت الزيارة رفع وتيرة التعاون الاقتصادي المشترك من خلال تحفيز القطاعين الحكومي والخاص للوصول إلى تبادلات تجارية واستثمارية نوعية تخدم رؤية المملكة 2030 ورؤية عُمان 2040، وتعزز من فرص الشراكة بين القطاع الخاص في البلدين ، وافتتاح الطريق البري السعودي العماني الذي يبلغ 725 كيلومتراً، والذي سيُسهم في سلاسة تنقل مواطني البلدين وتكامل سلاسل الإمداد في سبيل تحقيق التكامل الاقتصادي المنشود بين البلدين الشقيقين. كما رحبا بتدشين المنفذين السعودي والعماني.
كما اتفق الجانبان على زيادة التسهيلات التي تسهم في انسيابية تدفق التجارة البينية وتعزيز التعاون في مجال الأمن الغذائي، واستثمار الفرص المتاحة في قطاعات التقييس، والصحة وصناعات الأدوية، والتقنيات المتطورة والابتكار، ومشاريع الطاقة المتجددة والصناعة، والمشاريع السياحية، والصناعات التحويلية، والشراكة اللوجستية، والتقنية المالية، بما يحقق المنافع المشتركة للبلدين. ورحب الجانب العماني باستهداف صندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية استثمار خمسة مليارات دولار في سلطنة عمان ، وهي مجالات واعدة للاستثمار وزيادة التجارة البينية
ومن فرص التعاون الحيوية أيضا كذلك دراسة التعاون في الفرص المشتركة في مجال البترول والغاز وقطاع البتروكيماويات، وتعزيز التعاون في مجال تجارة المنتجات البترولية بين البلدين، والتعاون في مجالات الطاقة المتجددة وتقنياتها، والتبادل التجاري للطاقة الكهربائية والاستفادة من الربط الكهربائي، وتعظيم الاستفادة من المحتوى المحلي والقدرات الوطنية في مشاريع قطاعات الطاقة.
وتعد رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – التي أقرها المجلس الأعلى في دورته (36) في ديسمبر 2015م، ركيزة ومنطلقا أساسيا للعمل الخليجي المشترك ، وفي هذا الشأن ، أكدت المملكة والعواصم الشقيقة من خلال البيانات الختامية على مضامين إعلان العُلا الذي نص على تنفيذ وتكليف المجلس الأعلى الهيئات والمجالس واللجان الوزارية والفنية، والأمانة العامة وكافة أجهزة المجلس بمضاعفة الجهود لاستكمال ما تبقى من خطوات وفق جدول زمني محدد بما في ذلك استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية في إطار مجلس التعاون والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة وبلورة سياسة خارجية موحدة وفاعلة للمجلس تحفظ مصالحه ومكتسباته وتجنبه الصراعات الإقليمية والدولية وتلبي تطلعات مواطنيه وطموحاتهم.
معا للأبد
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة ، وبوشائج المحبة والعلاقات الراسخة بين البلدين الشقيقين ، أكدت زيارة سمو ولي العهد إلى أبو ظبي الآفاق الكبيرة لعلاقات التعاون الاستراتيجي ي والتكامل الاقتصادي والتجاري والتنموي، نحو بناء مستقبل أفضل يحقق الأمن والازدهار والتنمية الشاملة وتطلعات شعبي البلدين الشقيقين، خاصة وأن البلدين يمتلكان الإمكانيات الاقتصادية الوفيرة والفرص المتميزة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية ومضاعفة الاستثمارات المشتركة، مشددين على أهمية إبراز المجالات الواعدة للمستثمرين في البلدين.
وانطلاقا من أهمية دورهما في استقرار الإمدادات لسوق النفط العالمية واستقرار الأسواق ، جاء تأكيدهما على التعاون الوثيق بينهما، وبالجهود الناجحة لدول مجموعة أوبك بلس، الرامية إلى تعزيز استقرار سوق النفط العالمي، كما أكدا كذلك على أهمية دراسة التعاون في الفرص المشتركة في مجال النفط والغاز وقطاع البتروكيماويات، وكذلك التعاون في مجالات الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وتعزيز التعاون في مجال تجارة المنتجات النفطية، والاستفادة من الربط الكهربائي والتبادل التجاري للطاقة الكهربائية، والذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي والأمن السيبراني والصناعة والتكنولوجيا المتقدمة.
أيضا في مجال التغير المناخي، رحّب الطرفان بتعزيز التعاون القائم حول تطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته المملكة خلال رئاستها لمجموعة العشرين وتمت الموافقة عليه من قبل المجموعة كإطار متكامل وشامل لمعالجة التحديات المترتبة على انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وإدارتها من خلال التقنيات المتاحة والمبتكرة، باعتباره نهجاً يمثل طريقة مستدامة اقتصادياً لإدارة الانبعاثات. ، كما أكدا على تعزيز التعاون في مجالات متعددة كالمجال الصحي والسياحي والأمن الغذائي والتنمية البشرية لاسيما في قطاعي الشباب وتمكين المرأة.
كما أكدا تمكين فرص التكامل الاستثماري بين البلدين وتعزيزها في قطاعات النقل الجوي والاتصالات وتقنية المعلومات بالإضافة إلى تمكين ريادة الأعمال والتقنية بين شركات البلدين وتطوير الكوادر العاملة في مجالات الأمن السيبراني والتقنيات المالية والتسويق الرقمي، وفي الشأن الثقافي والاجتماعي، اتفق الجانبان على ضرورة تنسيق الجهود في سبيل إبراز الصورة الإيجابية لمواطني البلدين وبالأخص فئة الشباب، وأكدا تعزيز الجهود المشتركة في استضافة الفعاليات المحلية والدولية، الثقافية منها والرياضية
قطر.. مواقف مشتركة
وفي قطر حيث المحطة الثالثة ، كانت المباحثات بين سمو ولي العهد وسمو أمير قطر شاملة والنتائج كبيرة على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية وتعزيز مسيرة المجلس، وأكدت المملكة وقطر، عزمهما على تعزيز التعاون تجاه جميع القضايا السياسية والسعي لبلورة مواقف مشتركة تحفظ للبلدين الشقيقين أمنهما واستقرارهما، وأهمية استمرار التنسيق والتشاور إزاء التطورات والمستجدات في كافة المحافل الثنائية والمتعددة الأطراف وبما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار في البلدين الشقيقين والمنطقة.
ومن الملفات المهمة أيضا تمكين فرص التكامل الاستثماري بين البلدين وتعزيزها في قطاعات النقل الجوي والاتصالات وتقنية المعلومات، بالإضافة إلى تمكين ريادة الأعمال والتقنية بين شركات البلدين وتطوير الكوادر العاملة في مجالات الأمن السيبراني والتقنيات المالية والتسويق الرقمي، والاستفادة من الفرص المتعلقة بمشاريع البنى التحتية والمناطق الحرة واللوجيستية، والغاز والطاقة، والحوافز الممنوحة لقطاع الأعمال في البلدين وبالأخص خلال فترة استضافة دولة قطر لكأس العالم 2022 وبما يسهم في إنجاح هذه الفعالية الكبرى ويحقق رؤيتي البلدين 2030.
البحرين .. تعاون استراتيجي
وبحفاوة واستقبال رسمي وشعبي حافل ، أكدت زيارة ولي العهد إلى المنامة وحدة الموقف والمصير المشترك تجاه مجمل القضايا والتطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ولما فيه مصلحة البلدين والشعبين والأمن والسلم في المنطقة والعالم،
وإلى جانب الملفات السياسية ومواقف البلدين الشقيقين تجاهها ، حظي التعاون الاقتصادي باهتمام كبير في مباحثات سمو ولي العهد ، حيث أكد الجانبان أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية وتطويرها بما يخدم المصالح المشتركة وزيادة التعاون الاقتصادي بينهما. وفي هذا الإطار أطلق الجانبان عدداً من المبادرات التي تتناول مجالات الصناعات المشتركة بينهما ومشاريع استيراد المواد اللازمة لأعمال البنية التحتية، والتجارة البينية ومجالات التقييس المختلفة بالإضافة إلى الشراكة الاستراتيجية في مجالات الملكية الفكرية والتعاون الفني في مجال إجراءات تقويم المطابقة للمنتجات البلاستيكية القابلة للتحلل.
وفي القطاع المالي، حرصت المملكة على دعم خطة برنامج التوازن المالي للبحرين، كما رحب الجانب البحريني باستهداف صندوق الاستثمارات العامة في السعودية استثمار 5 مليارات دولار في مملكة البحرين ، من شأنها تعزيز المصالح المشتركة للبلدين الشقيقين.
كذلك حزمة من المشاريع الاستثمارية الكبرى بمملكة البحرين.
مواقف ثابتة وتنسيق مشترك
التنسيق المشترك يمثل أحد النتائج المهمة لجولة سمو ولي العهد إلى العواصم الخليجية الشقيقة ، وفي مقدمة ذلك التأكيد على التعاون والتعامل بشكل جدّي وفعال مع الملف النووي والصاروخي لإيران بكل مكوناته وتداعياته بما يُسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وتأكيد مبادئ حُسن الجوار واحترام القرارات الأممية والشرعية الدولية، وتجنيب المنطقة جميع الأنشطة المزعزعة للاستقرار، ويطالبان في هذا الشأن الأطراف المعنية بمراعاة مصالح دول المنطقة وأمنها واستقرارها.
وأكدت المملكة والعواصم الشقيقة على تعزيز التعاون تجاه جميع القضايا السياسية والسعي لبلورة مواقف مشتركة تحفظ لدول المجلس أمنها واستقرارها، وأهمية استمرار التنسيق والتشاور إزاء التطورات والمستجدات في كافة المحافل الثنائية والمتعددة الأطراف وبما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار وتبادل الجانبان وجهات النظر حول المسائل والقضايا على الساحتين الإقليمية والدولية.
وأولت الجولة ونتائجها اهتماما بملفات الأمة والمنطقة وفي مقدمتها دعم تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، وأهمية التوصل إلى تسوية شاملة للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي وفقاً لحل الدولتين، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية، بما يكفل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي الشأن اليمني جاء التوافق واضحا في وجهات النظر لدول المجلس حول مواصلة الجهود لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة اليمنية، يقوم على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2216). وكذا المواقف الثابتة لدول المجلس تجاه استقرار العراق وسوريا والسودان ولبنان.