البلاد – محمد عمر
تطورت الانتهاكات الحوثية بحق أطفال اليمن، فبعد تجنيدهم إجبارياً والزج بهم في جبهات القتال وتعريضهم لخطر الموت، عمدت ميليشيا الحوثي إلى توزيع أسلحة شخصية “كلاشينكوف” في عدد من مدارس العاصمة صنعاء، ما يشير بوضوح إلى إصرار المليشيا على استخدام الأطفال دروعا بشرية في المواجهات القتالية دون مراعاة لسنهم أو حقوقهم، إذ تفاجأ الأهالي المجاورون لمدرسة ابن ماجد الواقعة في الحي السياسي، بتفريغ شاحنات لعتاد وسلاح في المدرسة المزدحمة بالطلاب، بينما قامت قيادات في ميليشيا الحوثي بتوزيع دراجات نارية وأسلحة شخصية وملابس قتالية في المدرسة، التي تعد من أكبر مدارس البنين بصنعاء.
واعتبر مختصون أن توزيع ميليشيات الحوثي السلاح في المدارس دليل على أنها تتبع سياسة تجنيد خبيثة، لا يُستبعد أن وراءها خبراء من الخارج، في ظل استغلال الحوثيين للمدارس وشحنها بالأسلحة، تزامناً مع خسائرهم الكبيرة خصوصاً في جبهات مأرب، التي اعترفت الميليشيات بنفسها عن مقتل أكثر من 14 ألفا من عناصرها منذ يوليو الماضي.
وتأكيدا على تجنيد مليشيا الحوثي للأطفال قدَّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في أكتوبر الماضي، أن أكثر من 100 ألف طفل يمني قُتل أو شوه منذ انقلاب الحوثى على الدولة بما يعادل أربعة أطفال يوميًّا، مبينة أن تداعيات إرهاب المليشيا لن تزول بزوالها، وإنما سيعاني أطفال اليمن تبعاتها الكارثية طوال حياتهم، لا سيَّما أولئك الذين حُرموا من التعليم، وتقدرهم التقارير الأممية أعدادهم بما يتجاوز مليوني طفل، فضلًا عن أربعة ملايين آخرين معرضون لخطر التسرب.
وفي السياق ذاته، اختطفت ميليشيا الحوثي 6 مشايخ قبليين في محافظة حجة، رفضوا حشد مقاتلين والزج بأبنائهم إلى الجبهات للقتال في مأرب. وبينت مصادر محلية أن المشايخ، هم: محمد شعبين، وأحمد درين، ومحمد عكران شيخ بني عكران، وهادي ضرايب، إضافة إلى محمد صغير بكعه ومحمد قاسم سداح. وأشارت مصادر محلية إلى أن دعوات الميليشيا للتحشيد تواجه رفضاً شعبياً واسعاً، وذلك بعد أن أعادت مؤخراً العشرات من أبناء حجة جثثا وأشلاء ممزقة، فيما لا يزال هناك العديد من الشباب والأطفال مصيرهم مجهول، بعد أن زجت بهم الميليشيا إلى جبهات مأرب.
وقال رئيس منظمة صوت الطفل، أحمد سلطان المقرمي، لـ”البلاد”، إن مليشيا الحوثي المسلحة ترتكب انتهاكات جسيمة حددها وأدانها مجلس الأمن الدولي إزاء الأطفال، موضحًا أن تلك الانتهاكات تتمثَّل بصفة رئيسة في التجنيد والاستخدام الفعلي في المعارك القتالية، والاختطاف والإخفاء القسري، ومنع وصول المساعدات الاغاثية، مؤكدا أن جماعة الحوثي تقوم بإستدراج الأطفال عبر مراكز طائفية لتعبئة أدمغتهم بأفكار طائفية لتقوم بعد ذلك بزج الأطفال في معاركها القتالية وبدون علم أباء وأمهات هؤلاء الأطفال، مشيرًا إلى أن المليشيا تخفي المعلومات كافة عنهم حتى تُفاجئ أسر الأطفال لاحقًا بأن أبنائهم أسرى أو قتلى.
وأوضح المقرمي، أن هناك أسلوبا آخر لزج الأطفال في المعارك القتالية؛ حيث تقوم جماعة الحوثي باحتكار المواد الإغاثية لتبتز الأُسر في المناطق التي تسيطر عليها، ولايمكن أن تحصل الأسرة عن نصيبها من المواد الغذائية حتى تقدم للجماعة أطفالها ليكونوا ضمن الجنود المستخدمين فعليًّا في المعارك المسلحة. وأضاف “مليشيا الحوثي تغري الأطفال في المدارس، عبر وضع مشرفين في المدارس لتقدم للأطفال ضمانات بالحصول عن الشهادات الدراسية شريطة انظمامهم إلى المعارك”.
ومن جانبه، قال رئيس الإتحاد الوطني لتنمية الفئات الأشد فقرا، نعمان الحذيفى لـ”البلاد”، إن مليشيا الحوثي اعتمدت حشد الأطفال وتجنيدهم، مستغلة الأمية وحالة العوز والفقر لدى كثير من الفئات، لا سيَّما الفئات الأشد فقرًا لحشدهم في معسكراتها، والزج بهم في جبهات القتال في تحدٍ صارخ لكل القيم والأعراف والأخلاق ومواثيق الأمم المتحدة ذات الصلة بحقوق الطفولة، مشيرا إلى أن المثير للدهشة في هذا الأمر بأن الانتهاكات التي يتعرض لها أطفال اليمن تحدث أمام منظمات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الطفل، مؤكدًا أن تلك الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال لم تحدث في تاريخ اليمن قط، وأن الحوثيين يستمدون حياتهم من جثث وأرواح الأطفال الأبرياء في اليمن.
وشدد الحذيفي على ضرورة إنهاء المخاطر والخسائر الفادحة التي تلحق بأطفال اليمن، مؤكدًا أن وقف معاناة هولاء الأطفال أمرًا بالغ الحساسية فى ظل عمليات التحشيد والتجنيد الحوثى عبر برامج مُعدة خصيصًا لهدم تلك الفئة من المجتمع، ليكونوا قنابل موقوتة بسبب الأفكار المؤدلجة التى يتم زرعها فى عقولهم، وأن الأطفال الناجون بحاجة إلى الدعم للتعافي وإعادة بناء حياتهم مرة أخرى.
إلى ذلك، يرى الناشط الحقوقى محمد الريمي، أن جماعة الحوثي تعتمد اعتمادًا كليًّا على ما يُسمى بـ”العُقال” في الأحياء الشعبية (مسؤولي الحارات)، لتوفير ما بين من 10 إلى 20 شخصًا يقومون بتحشيد الأطفال ومن ثمَّ إرسالهم إلى مشرف المديرية أو مشرف المنطقة الذي يقوم بعد ذلك بإرسالهم إلى المعسكرات. وأضاف: “تلك العملية التي تُسمى (عملية التحشيد الأولى)، إذ يتم الدفع في مقابل الفرد الواحد نحو 10 آلاف ريال، فالعُقال الذي يحشد نحو 20 طفلا يحصلهم مقابلهم على نحو 200 ألف ريال يمني”، موضحًا أن هذا الأمر يحدث بصفة رئيسة في عواصم المدن، ولكن في المناطق الريفية والمديريات النائية يتم الاعتماد على مشايخ القبلية ومشايخ المناطق، وذلك بحكم نفوذهم في المناطق الريفية والقرى، ويتم تجميع الأشخاص في القرى بنفس الآلية في المدن؛ حيث يقوم الشيخ بأخذ الأطفال وإرسالهم لمشرف المديرية التابع لجماعة الحوثي.
ولفت الريمي إلى أن أحد أدوات التحشيد تتمثَّل في قيام مليشيا الحوثي من خلال الدوريات الليلية داخل المدن بالقبض على الشباب الجالسين أو المارين في الشوارع لأخذهم للسجن ومن ثمَّ يتم التفاوض معهم في السجن إما الخروج للجبهة أو دفع فدية قدرها مليون أو 500 ألف ريال، ويتضطرون في هذه الحالة الذهاب لجبهة الحرب.