كابل – البلاد
دبت الخلافات بين قيادات حركة طالبان، لحد الاشتباك بالأيدي داخل القصر الرئاسي، بسبب عدم رضا البعض على التشكيلة الحكومية التي أعلنت مؤخراً، بينما حدث تلاسن بين القياديين حول الجهة ذات الفضل في تحقيق “الانتصار” الذي حققته الحركة، إذ تركز الخلاف بين نائب رئيس الحكومة الملا عبد الغني برادر، ووزير شؤون اللاجئين في الحركة خليل الرحمن حقاني، العضو القيادي في شبكة حقاني المقاتلة.
وتسربت معلومات، وفقاً لـ””بي بي سي”، بأن الخلاف بين الشخصيتين القياديتين حدث قبل أيام داخل القصر الرئاسي في العاصمة كابل، فيما تدخلت من الحركة لفض النزاع، ليغادر الملا برادر بعدها العاصمة كابل إلى مدينة قندهار، فيما لم تحل الخلافات مع حقاني، وهو ما أدى إلى وقف الكثير من الأعمال الحكومية. وبينما يعتبر برادر أن جهوده مع الفريق الدبلوماسي أفضت إلى الاستيلاء على السلطة، كان حقاني يرد ذلك إلى آلاف الهجمات التي شنها مقاتلو شبكته طوال السنوات الماضية ضد قوات الحكومة الأفغانية، ومراكز قوات التحالف الدولي المساندة لها، فيما قالت مصادر من داخل حركة طالبان، إن الملا برادر مستاء أيضا من تشكيلة الحكومة الأفغانية الجديدة، حيث تخلو حسب رأيه من الكفاءات السياسية القادرة على حفظ ما حققته الحركة، وأن القادة العسكريين في الحركة، الموجودون بكثافة في هياكل الوزارة، لا يستطيعون تحقيق ما هو مرجو منهم.
وأشار مراقبون إلى أن الخلاف بين القياديين ليس شخصياً، بل يمتد لأن يكون شقاقاً بين مجمل القيادات القادمة من الخارج، وتلك التي بقيت داخل أفغانستان، ففي حين ترى القيادات الداخلية أن الحصة الأكبر من الإدارة والحُكم والمناصب يجب أن تكون من حصتها، يرى القياديون الذين أقاموا في الخارج أن ذلك سيطيح بما حققته الحركة، لأن هؤلاء غير مهيئين نفسياً ومعرفياً لإدارة المؤسسات والعلاقات مع العالم الخارجي، خصوصاً في هذه المرحلة التي يعتبرونها خاصة. وعلى الرغم من الخلافات بين القياديين في الحركة، أعلن قائد أركان الجيش في حكومة طالبان قاري فصيح الدين، الشروع في الاستعداد لإنشاء جيش نظامي في البلاد، مبيناً أن المشاورات جارية بخصوص بناء الجيش، مضيفا أن الجيش سيتم تأسيسه في المستقبل القريب. وبعد نشوب الخلافات القيادية بساعات، ظهرت طائرة “ماهان” الإيرانية في مطار كابل، ما اعتبره مراقبون تمهيداً لمزيد من الخلافات خلال الفترة بين قادة طالبان، خصوصاً وأن الطائرة ذاتها حلت في مطار صنعاء مع سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية في مارس 2015، ما يشير إلى أن طهران تريد إرباك المشهد في أفغانستان كما فعلت في اليمن بدعم الحوثيين لتقويض الأمن والاستقرار، وربما يكون وصول الطائرة، المدرجة في القائمة السوداء أمريكا وأوروبيا، إلى مطار كابل بداية دعم لوجستي لفريق على حساب الآخر داخل حركة طالبان.
وفيما دعا مشرعون بالكونغرس الأمريكي وزارة الخارجية، لتصنيف حركة طالبان الأفغانية كمنظمة إرهابية أجنبية، تعهد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أمس، بأن الولايات المتحدة ستحاسب حركة طالبان إذا تحوّلت أفغانستان إلى مصدر تهديد إرهابي. وقال في تغريدة على “تويتر” إن حركة طالبان التزمت بمنع الجماعات الإرهابية من استخدام أفغانستان كقاعدة لعمليات قد تهدد الولايات المتحدة أو الدول الحليفة لها، مؤكدا أن واشنطن ستحاسب الحركة إذا فعلت ذلك.
وتتزامن تحذيرات بلينكن مع رصد الاستخبارات الأمريكية مؤشرات على تحركات لتنظيم القاعدة في أفغانستان، مشيرة إلى أن التنظيم قد يبدأ بتهديد أمريكا خلال العام الجاري، كما أشارت الاستخبارات الأمريكية لعودة قادة كبار في التنظيم إلى أفغانستان مؤخرا، بينما أوضح مسؤولون أن البنتاغون يراجع جدوله الزمني بشأن عودة هذا التنظيم المتطرف إلى أفغانستان.