كابل – البلاد
يبدو أن الصدام واقع لا محالة بين حركة طالبان، ونجل القائد الأفغاني الراحل أحمد شاه مسعود، الذي أكد أن قواته مستعدة للتضحية بحياتها وعدم التفريط بشبر واحد من أراضي ولاية بنجشير المعروفة باسم (الأسود الخمسة)، وتسيطر عليها قوات مسعود منذ سنوات طويلة، ولا تزال خارجة عن سلطة طالبان، وظلت عصية عليها حتى في فترة حكمها السابقة.
واعترف المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد، بأن الحركة تواجه “مشكلة” في ولاية بانجشير الوحيدة التي لم تقع تحت سيطرتها مثل باقي الولايات في أفغانستان. وقال خلال مؤتمر صحفي من العاصمة الأفغانية كابول، أمس (الثلاثاء): “نواجه مشكلة محدودة في بانجشير وينبغي أن تنتهي بالحوار والوساطة”، مشددا على أن حركة طالبان “لا تريد حربا أو أي عنف في أي ولاية أفغانية”، كما بعث ذبيح الله رسالة طمأنة إلى المترجمين الذين عملوا مع القوات الأجنبية سابقا، قائلا: “إنه لا حاجة إلى اللجوء إلى الولايات المتحدة. ولا مخاطر على أي أحد في أفغانستان. لا توجد قائمة بأسماء أشخاص مستهدفين. لقد نسينا كل شيء في الماضي”.
وكانت حركة طالبان أعلنت أمس الأول أنها بدأت في محاصرة ولاية بنجشير، في انتظار دخولها بطرق سلمية، داعية المسؤولين المحلّيين بالولاية المعروفة بـ”الأسود الخمسة” إلى الاستسلام، مؤكدة أنها تريد حل الأزمة دون قتال، غير أن الرد جاء من أحمد مسعود قائلاً لأهالي المنطقة: “نضحي بحياتنا لكننا لا نضحي بأرضنا وشرفنا”، ما اعتبره مراقبون صداماً جديداً بين طالبان وقوات مسعود.
ويقول مقربون من أحمد مسعود إن ما يزيد على 6 آلاف مقاتل، من فلول وحدات الجيش والقوات الخاصة وكذلك مجموعات الميليشيات المحلية، تجمعوا في الوادي، ومعهم بعض طائرات مروحية والمركبات العسكرية، وإنهم أصلحوا بعض المركبات المدرعة التي خلفها السوفيت.
من جهة ثانية، شدد رؤساء لجنة الشؤون الخارجية في مجموعة الدول السبع الافتراضي أمس، على ضرورة عدم الاعتراف بشكل منفرد بنظام حركة طالبان التي سيطرت على الحكم في أفغانستان منذ منتصف الشهر الماضي. ودعا رؤساء لجنة الشؤون الخارجية ببرلمانات دول مجموعة السبع إلى وجوب عدم اعتراف أي دولة أحاديًا بنظام طالبان، مؤكدين أنه لا بد من التنسيق بشأن تلك المسألة عبر قرار من مجلس الأمن، معربين عن تعاطفهم مع الشعب الأفغاني إثر سيطرة الحركة على البلاد.
وقال المتحدث الرسمي باسم المفوضية الأوروبية اريك مامير، إن الاتحاد الأوروبي يتواصل مع حركة طالبان في الميدان لتسهيل عمليات الإجلاء، مبينا أنه لم يتم التواصل مع الحركة على المستوى السياسي، فيما أكدت بريطانيا أن حواجز الحركة حول المطار تعيق وصول المدنيين. وشدد وزير الدفاع البريطاني بن والاس في مقابلة تلفزيونية أمس، على أن تلك الحواجز تؤخر وصول الراغبين بالخروج من البلاد، عبر طائرات الإجلاء، موضحا أن بلاده قامت بإجلاء أكثر من 2000 شخص خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية.
وبينما تطالب بريطانيا بعقوبات اقتصادية على طالبان حال ارتكابها انتهاكات، ترى الصين أنه على المجتمع الدولي دعم فرص حدوث تطورات إيجابية في أفغانستان بدلاً من فرض عقوبات على حركة طالبان، إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية: “على المجتمع الدولي أن يشجع ويعزز تنمية الوضع في أفغانستان في اتجاه إيجابي، مع دعم إعادة الإعمار السلمي”.
بالمقابل عقد مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية وليام بيرنز، لقاءً خلف الكواليس، مع الرجل الثاني في حركة طالبان، عبد الغني برادار، بحسب ما أكد مسؤولون أمريكيون، رجحوا أن تكون المحادثات في هذا اللقاء المباشر، الأول من نوعه بين مسؤولين رفيعي المستوى من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وقادة طالبان، شملت الموعد النهائي لإجلاء القوات الأمريكية من أفغانستان في 31 أغسطس، بحسب ما نقلت صحيفة “واشنطن بوست”، فيما امتنعت وكالة المخابرات المركزية عن التعليق حول الموضوع.
إلى ذلك، أكدت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، أمس، خلال اجتماع خاص لمجلس حقوق الإنسان حول أفغانستان، أنها تلقت تقارير جديرة بالثقة عن انتهاكات خطيرة على يد حركة طالبان في أفغانستان، تشمل إعدام مدنيين خارج نطاق القضاء وقيوداً على النساء وعلى الاحتجاجات على حكم الحركة، موضحة أن طريقة معاملة طالبان للنساء والفتيات واحترام حقوقهن بالحرية وحرية التنقل والتعليم والتعبير والعمل وفقاً للمعايير الدولية على صعيد حقوق الانسان، ستشكل خطا أحمر، ولا يمكن القبول بما تشهده أفغانستان من انتهاكات، مشيرة إلى أن الانتهاكات بحق المرأة في أفغانستان ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.