إعداد – عبدالله صقر
في نوفمبر عام 1965م نشرت «البلاد» خبرا تحت عنوان مشروع انشاء مجازر في منى، وعن نية الجهات المختصة في امانة العاصمة المقدسة توفير مجازر متعددة وذلك لتخفيف الضغط على المجزرة الوحيدة في منى للتخفيف عن الحجاج. في السابق كانت هناك مجزرة واحدة في منى لا تلبي الغرض لجميع الحجاج وكان الكثير منهم يذبح ذبيحته خارج المجزرة دون اي اعتبارات صحية. فقط لتأدية النسك وكانت الكثير من هذه الذبائح تدفن لعدم وجود من يأخذها ويستفيد منها .. ومن هنا جاءت الحاجة إلى حل يسهل على الحاج والمعتمر تأدية نسكه وفي ذات الوقت يصون هذه النعمة ويرسلها لمستحقيها ويستفاد منها.
وفي هذا السياق أنشأت المملكة مشروعها للإفادة من الهدي والأضاحي عام 1983م ..وأسندت مهمة تنفيذ هذا المشروع وإدارته إلى البنك الإسلامي للتنمية، كما شكلت لجنة للإشراف على المشروع من سبع وزارات وهي وزارات الشؤون البلدية والقروية والداخلية ممثلة في امارة منطقة مكة المكرمة والمالية والعدل والشؤون الإسلامية والحج والبيئة إضافة الى معهد خادم الحرمين لأبحاث الحج والبنك الإسلامي.
واليوم وبعد 38 عاما زاد عدد المجازر الى ثمانية ليقف المشروع شامخا ومنخرطا عبر هذه الاعوام المديدة مستمدا قوته في سياق تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 المتعلقة ببرنامج خدمة ضيوف الرحمن ويقوم المشروع بتوزيع اللحوم على فقراء الحرم ونقل الفائض الى المستحقين في اكثر من 27 دولة.
وكيل حصري على مدار العام
وكان عام 1998م قد شهد صدور امر ملكي باعتبار مشروع المملكة العربية السعودية للإفادة من الهدي والأضاحي الجهة الوحيدة المصرح لها رسميا بخصوص الوكالة عن الحاج في بيع وإصدار وأداء نسك النحر.
ويشمل الامر قصر إصدار سندات الهدي والاضاحي وبيعها وتسويقها بكافة انواعها (هدي تمتع وقران وفدية وصدقة) على المشروع بناء على فتوى شرعية صادرة من دار الإفتاء ومصدقة من قبل مجلس الوزراء بإقرار وإجازة التوكيل في أداء النسك للمشروع حصرا لأنها خاضعة للإشراف الحكومي الذي يضمن سلامة التطبيق الصحيح وفق الشروط الشرعية والصحية المطلوبة.
ومن اهم المعايير التي يقوم عليها المشروع العمل على توفير الشروط الشرعية والصحية في الانعام واحترام رغبة الحاج او المعتمر والتقيد في موعد الذبح تبعا لنوعية النسك ان كانت هديا او أضحية حيث يتم الذبح كنوع من أنواع النسك في المدة الشرعية الواجبة لأدائها في هاتين الحالتين ..وإن كانت فدية أو صدقة أو عقيقة، فيتم الذبح على مدار العام فليس هناك وقت محدد لأدائها.. وبناءً على ذلك فالمشروع يعمل على مدار العام ويخدم الجميع من حجاج ومعتمرين ومسلمين في جميع انحاء العالم.
مجازر حديثة
وبهدف الارتقاء في الخدمات مع الارتفاع بعدد الذبائح خلال فترة الذبح الشرعي من 1.2 مليون رأس من الأَنْعَام الى 5 ملايين راس بحلول 2030 .. اصدر الملك سلمان في عام ٢٠١٦م امره بإنشاء مجازر ذات تقنية حديثة لمشروع المملكة للإفادة من الهدي والأضاحي من خلال استبدال المجازر القديمة بأخرى حديثة.
تتلاءم مع التوسعات الجارية بالمشاعر المقدسة وتواكب أعداد الحجاج المتزايدة وتكون مجهزة بنظام آلي متكامل.
ويوفر الامر الملكي للمشروع الاستفادة المثلى للحوم الهدي والأضاحي، مع تحقيق كفاءة وجودة في معالجة النفايات العضوية الصلبة الناتجة من المسالخ، بجانب استخدام الطاقة المتجددة، ومرافق معالجة مياه الصرف، ومعالجة الجلود، وغيرها من المراحل التي يتطلبها المشروع.
وقد تم توقيع عقد تطوير المشروع في نهاية 2019 ليضم مصانع للذبح والسلخ والتقطيع ومجمع مركزي لتجميد اللحوم، إضافة إلى اربعة مصانع اخرى لتعليب اللحوم، والاستفادة من المخلفات، وإنتاج أدوات الحفظ والتغليف، والجلود، ومحطة تنقية وتكرير المياه، ومحطة للطاقة البديلة.
برنامج (أضاحي )بعد كورونا
نظرا لوباء كورونا الذي انتشر في العالم ، وضع المشروع خطة لاستقبال الطلبات على الهدي والأضاحي عبر المنصّة الإلكترونية للمشروع من جميع أنحاء العالم التي سهلت عملية شراء الأضحية ، وبقية الأنواع الأخرى ، والسداد من الحساب البنكي . أو البطاقات الائتمانية.
وشملت الخطة المشروع الكشف الأنعام ظاهرياً ومخبرياً من قبل المختصين في وزارة البيئة والمياه والزراعة في ميناء جدة قبل نقلها إلى المجازر الرئيسة بمكة المكرمة ليتم مجدّداً استكمال مراحل الكشف الشّرعي، والفحص البيطري على أجزاء الذبيحة أثناء عمليات التّشغيل .كما تم اخضاع كافة أنعام النّسك للفحص البيطري في المحاجر البيطريّة في بلدان الاستيراد قبل نقلها الى ميناء جدة الإسلامي .
وتخزن اللحوم في ثلاجات عملاقة وفرتها حكومة المملكة تزيد سعتها عن مليون ذبيحة في تغليف صحي وآمن، وتمر الذبائح بمراحل متعددة تتضمن الكشف الصحي لضمان سلامة اللحوم التي تصل للمستفيدين، وقد بلغ اجمالي ما تم توزيعه للمستحقين منذ إنشاء المشروع أكثر من 22 مليون ذبيحة تم توزيعها في أنحاء العالم
وقد تم بناء شراكات مع مصرف الراجحي ومنصة إحسان والبريد السعودي وبنك البلاد, وذلك للتسهيل على الحجاج والمستفيدين في أنحاء العالم من الاستفادة من الخدمات التي يقدمها المشروع، ويمكن الشراء مباشرة من منصة أضاحي من خلال الرابط www.adahi.org.
كما أطلقت المنصة الوطنية للعمل الخيري «إحسان» برنامج الأضاحي تزامنًا مع اقتراب موسم الحج وعيد الأضحى، الذي يتيح للحجاج والمضحين توكيل المنصة بأداء نسك الهدي والأضاحي وتوزيعها على مستحقيها خلال أوقاتها الشرعية.
ويعد برنامج الأضاحي أحد البرامج التي أطلقتها منصة إحسان استثمارا للذكاء الاصطناعي في تعظيم أثر واستدامة الخدمات التنموية، وتقدّم المنصة فرص تبرع متنوّعة تغطي العديد من جوانب العمل الخيري في المملكة.