بيروت – البلاد
وصلت العلاقة بين رئيسي الجمهورية والحكومة اللبنانية إلى طريق مسدود، ما يلقي بانعكاساته تجاه تجميد ملف تشكيل حكومة الإنقاذ إلى أجل غير معلوم، إذ واصل ميشال عون تعنته لتحقيق رغبات حزب الله، مهاجما الحريري مجددا، زاعما أنه لم يحترم معايير التوازن والتمثيل الطائفي وافتعال العداء مع صهره، رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، بينما قال رئيس الحكومة المكلف إن “الرسالة وصلت” في إشارة إلى أن تحالف “عون – حزب الله” لن يسمح لحكومة الاختصاصيين برؤية النور.
وقال الحريري أمس (الاثنين) في تغريدة مقتضبة ردا على عون: “وصلت الرسالة، لا داعي للرد. نسأل الله الرأفة باللبنانيين”.
ويضاعف تعنت “حزب الله” وحلفائه، تعثر الجهود الرامية إلى تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، وإنهاء الفراغ الحكومي المستمر منذ قرابة 8 أشهر، مما يجمد الملف لأجل غير معلوم، في ظل غياب القدرة على إيجاد مساحة للتفاهم المشترك بين عون ومن خلفه التيار الوطني الحر برئاسة باسيل، مع رئيس الوزراء المكلف، لاسيما بعدما تبادل الطرفين في الآونة الأخيرة السجالات عبر البيانات الإعلامية وتقاذف الاتهامات عن عرقلة التأليف الحكومي. وأكد رئيس الحكومة المكلف، مرارًا أن التشكيلة الحكومية التي قدمها قبل نحو 100 يوم إلى عون تتفق مع مبادرة الإنقاذ التي طرحتها فرنسا عبر تشكيل حكومة مصغرة من الاختصاصيين المستقلين غير الحزبيين، حتى يمكن تنفيذ الإصلاحات سريعًا واستعادة الثقة العربية والدولية في لبنان، مُحملا الرئيس اللبناني مسؤولية التعطيل واستمرار الفراغ الحكومي لرغبته في تشكيل حكومة سياسية يحوز فيها فريقه السياسي الثُلث الوزاري المعطل.
يأتي هذا فيما تؤكد مصادر متابعة لملف الحكومة أن ما تردد عن مبادرة عرابها كل من رئيس البرلمان نبيه بري، وزعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، لم تتبلور بعد وحظوظها لا تتجاوز المبادرات السابقة، مشيرين إلى أن طرح “بري – جنبلاط”، ينطلق من التسوية التي أعلن عنها جنبلاط بعد زيارته الرئيس ميشال عون في بعبدا، وكذلك فعل بري خلال لقائه رئيس الحكومة المكلف الخميس الماضي في عين التينة، وتنطلق هذه الأفكار من رفع الحكومة إلى 24 وزيرًا، ومن دون “ثلث معطل” لأي طرف، وأن تتألف من اختصاصيين ويكون لكل وزير حقيبة واحدة فقط. وترى المصادر، أن المشكلة الأساسية لا تزال كما هي؛ فالحريري يرفض أية صيغة غير 18 وزيرًا، أو تعديل في طبيعة الحكومة، أما عون وباسيل فيرفضان أية صيغة حكومية لا تضمن لهما “الثلث المعطل” ولا تعطيهما الوزارات الثلاث: الدفاع والداخلية والعدل، لذلك تجزم المصادر أن كل ما يجري لا يعول عليه جديًا في الخروج من الأزمة، خاصة مع تعنت عون وباسيل المستقوي بدعم حزب الله، ذراع إيران في لبنان، الذي يرهن تشكيل الحكومة بتطورات الملف النووي الإيراني والعلاقة بين واشنطن وطهران.