تضم القائمة المعتَمَدَة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو UNESCO) للتراث المادي العالمي (962) موقعاً تراثياً وطبيعياً حول العالم في (157) دولة، منها خمسة مواقع تقع في المملكة العربية السعودية، وقد حظيت (مدائن صالح) بقصب السبق في أن تكون أول موقع تراثي سعودي تم تسجيله واعتماده في اليونسكو عام 2008م، تلا ذلك (حي طريف) في مدينة الدرعية التاريخية؛ إذ تمَّ تسجيله في عام 2010م، ثم مدينة جدة التاريخية التي تمَّ تسجيلها في قائمة اليونسكو للتراث المادي العالمي عام 2014م، ثم تمَّ تسجيل النقوش الصخرية في منطقة حائل عام 2015م،
وأخيراً تم تسجيل واحة الأحساء عام 2018م، ولا تقتصر مواقع التراث المادي العالمي في المملكة على هذه المواقع وحسب، إذ تجري الكشوف الأثرية على قدمٍ وساق في مختلف مناطق المملكة، وهناك ترشيحات جديدة لعدد أكبر من المواقع والمعالم التراثية الطبيعية في مملكتنا الغنية بتراثها الزاخر.
وقد يتساءل البعض: ما أهمية إدراج المواقع الأثرية في المملكة على قائمة التراث المادي العالمي؟! وما سر كل هذا الاهتمام وهذا الزخم وكل هذه الحفاوة بعضوية السعودية في ثلاث لجان في اليونسكو (المجلس التنفيذي، ولجنة التراث العالمي، ولجنة التراث الثقافي غير المادي). في الحقيقة إن التواجد المهم للمملكة العربية السعودية في اليونسكو على هذا النحو يعكس كما قال سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان مدى ثقة المجتمع الدولي في المملكة وفي جديَّة مشروعها الإنساني الحضاري الداعم للمشاريع الثقافية المحلية والدوليَّة، كما أن فيه تأكيدًا على مكانة المملكة الدولية ودورها في بناء السلام والمساهمة بفاعلية في إرساء مبادئ الثقافة والعلوم، هذا من جانب ومن جانب آخر فإن معالم التراث العالمي التي تعتمدها اليونسكو دائمًا ما تكون هي الوجهة المميزة والحقيقية للسياح المهتمين بالحضارة والتاريخ، ودائما ما تكون محط أنظارهم فيفدون إليها من جميع أنحاء العالم؛ إذ تكمن قيمة هذه المواقع التراثية في بقائها ورسوخها على مر العصور والأزمان، فتمر الحقب الزمنية، وتتوالى الأجيال وراء الأجيال وتبقى هذه المواقع شامخة كما هي تحكي التاريخ!!
ويؤكد المسؤولون عن التراث والآثار في المملكة أنها تمتلك قائمة كبيرة من المواقع والآثار التي تستحق التسجيل في اليونسكو كمواقع مهمة للتراث العالمي، وهناك عشرة معايير معتمَدَة لتسجيل أي موقع، ستة منها ثقافية، وأربعة طبيعية، وحتى تتم عملية التسجيل يجب أن يستوفي الموقع معياراً أو أكثر من هذه المعايير العشرة.
وتكمن أهمية تسجيل المواقع التراثية في اليونسكو كمواقع تراث عالمي في تحقيق الاعتراف الثقافي بها، وهذا يُسهم ولا شك في حماية هذه المواقع والحفاظ عليها وعلى معالمها الأثرية والتراثية، كما أن ذلك يُحقق الاعتراف الدولي بوجود هذه المواقع على الخريطة السياحية العالمية؛ فتُدرْج بذلك على شبكة المواقع العالمية التراثية التي تتضمنها برامج شركات السياحة الدولية، إذن فتسجيل المواقع التراثية في اليونسكو يعدُّ من أهم عوامل الجذب السياحي، وينبغي أن تستثمر المملكة إرثها التاريخي، وتوظفه بطريقة علمية صحيحة ليساهم بنسبة أكبر في الناتج المحلي.
أكاديمي وكاتب رأي
GhassanOsailan@