تحرص الدولة على سن الأنظمة ووضع القوانين والتشريعات لتيسير الأمور بشكل سليم وتنظيم الأوجه المختلفة لنشاطاتها في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها بما يضمن حقوق الأفراد ومصالح المجتمع.
ولأنها في الغالب تحمل أحكاماً ومضامين تكون سارية المفعول والنفاذ بعد إصدارها ونشرها، فإنها تبقى كما هي إلّا إذا تم تعديلها أو إلغائها من السلطة التي قامت بسنها أساساً. والمعلوم أن كل وزارة أو هيئة في المملكة تتولى وضع قوانينها وأنظمتها وتشريعاتها التي تخضع للتدقيق من قبل لجان مختصة ذات وعي ودراية يرسمون أهدافها ويدركون أبعادها لما يخدم المصلحة العامة. ورغم اجتهادهم الواضح والملموس إلا أن هناك من يرى بأنها تركّز على وضعية المدن الكبيرة وتقيس عليها دون أن تأخذ في الاعتبار أننا في دولة قارة تقتضي أن تراعى خصوصية كل منطقة من النواحي الطبوغرافية والسكانية ونحوها.
ولدينا شواهد عديدة في هذا الجانب فعلى سبيل المثال تقدّر وزارة الشؤون البلدية والقروية المساحة المسموح بها لعمل الاستراحات التجارية بما لا يقل عن 3000 متر مربع وأن تكون على شارعين وهذه الاشتراطات والمعايير لا تتوفر في منطقة مثل الباحة بحكم طبيعتها الجبلية لا من حيث المساحة ولا الشوارع وكذلك مساحات المشاريع المتميزة وغيرها! والتزام الأمانات والبلديات في المناطق المشابهة بهذه المعايير يعني حرمان سكانها من إقامة مثل هذه المشاريع.
ولا شك أن مماثلة المناطق الصغيرة والنائية بالمدن الكبيرة في الاشتراطات والرسوم في جوانب الاستثمار أمر يتطلب النظر بإعادة الدراسة، لأنها قد تكون أحد أسباب إحجام المستثمرين والانتقال إلى مناطق تكون الجدوى الاقتصادية فيها أعلى، مما يؤثر على اقتصاد وتنمية المناطق الصغيرة. وهذا يتناقض مع أهداف الرؤية التي تسعى لتحريك مفاصل الدولة وتطوير جميع المناطق لتكون جميعها جاذبة للاستثمار. والأمل أن يعامل المستثمرون في المناطق البعيدة معاملة تفضيلية لتخفيض التكاليف التشغيلية بمنح الامتيازات والإعفاءات والاستثناءات وتيسير التراخيص مقابل خدمات جيدة ولائقة لإيجاد بيئة استثمارية محفزة للقطاع الخاص بصورة أفضل. ولعل تحقيق ذلك يضمن إقبال كبار المستثمرين بإيجاد مشاريع نوعية كبيرة ذات قيمة وفائدة للجميع تساهم في دعم الاقتصاد الوطني وتوفير العدد الكبير من الوظائف في كافة أنحاء الوطن الغالي بالشكل المأمول.