إن لكل فرد منا عالما يحيطُه ويرتبط به ارتباطاً وثيقاً، ويسعى لتحقيق التوافق والتوازن بين بيئته الاجتماعية والطبيعية والتعامل بمرونة لتحقيق التكيف في ظل المتغيرات المحيطة .. وفي داخل كُل فرد عالم آخر خاص به يتكون من التصورات الذهنية والدوافع العاطفية والقيم الذاتية والقدرات الهائلة التي تجعله متفردا.
ترتبط عوالمنا ببعضهما ارتباطاً وثيقاً فما يقع في عالمنا الخارجي يرتبط بعالمنا الداخلي ويحدد لنا مسارات التفاعل الادراكي بينهما ويوجه سلوكنا اذ أن الادراك يعني ترجمة الإجراءات العقلية المرتبطة بالاحساس والتي بدورها تترجم ما يحصل في عوالمنا.
يسير كل شيء في حياتنا وفق خطط .. كذلك الادراك له مسارات فإذا كُنا لا نقاوم مشاعرنا السلبية أبداً ونشعر أنها قد تتغلب علينا وأننا مقيدون ومكتوفون ويتفاقم لدينا شعور الاحباط واليأس دائما وكل مشكلة تواجهنا تظلُ عالقة ولا نستطيع التقدم لحلها فهذا يعني أن إدراكنا يسيرُ في مسار سلبي وعلينا فوراً تصحيح مساره وإلا قد يتغير شعورنا تجاهنا بسبب الامور العالقة التي لم تحسم و تسببت بتضاؤل إدراكنا، اذا ظللنا نفكر بالحزن و التعاسة و الفشل سيقوم عقلنا بتخزين هذا و ذلك يؤدي الى عدم الرضا و الاقتناع و عدم القدرة على الشعور بالفرح و الراحة و السعادة و يجب علينا إدارك هذا لمعالجته فالتفكير الهادم وقود الادراك السلبي الذي يحد من محاولات التغيير الذاتية.
علينا أن ندرك ادراكاً تاما أننا محظوظون و مختلفون و نستحق السعادة و الفرح و التصرف على هذا النحو حتى في أصعب الظروف و أحلكها إدراكنا يترجم سلوكنا و يبرهن لذاتنا مدى صمودنا و قدرتنا على التجاوز .. و التفكير بالطرق البناءة يجعلنا مدركين لكل شيء ، مالذي نريده و ما الذي حان وقت تغييره و ماذا يحتاج الى تطوير لمواكبة الحياة.
إن سر التحول و تحقيق النجاح هو الادراك الايجابي الذي يجعلنا متمسكين بالسلوكيات الصحية التي من خلالها نصقل مهارتنا و نتدرب على تخطي مشكلاتنا و تجاوزها و يزداد وعينا و ينعكس ذلك على محيطنا لنأخذ بأيدينا نحو مجتمع مدرك وواعٍ و إيجابي .