في 22 نوفمبر 1963 اغتيل الرئيس الأميركي السابق جون كينيدي.. وفتح ذلك سيلاً من نظريات المؤامرة بشأن الجريمة.. نظريات لم تتعزز بأدلة دامغة.. وذهبت اتهامات لعدة جهات ودول بأنها وراء عملية اغتيال كينيدي.. وظهر في ذلك الوقت ألف كتاب تناولت اغتيال كينيدي، تسعون في المئة منها تبنت رواية تدَّعي وجود مؤامرة وراء الاغتيال، وأصبح اغتيال كينيدي أحد أبرز نظريات المؤامرة.
وفي زمن كــورونـا وفي ظل سطوة وسائل التواصل وسهولة نقل المعلومة والخبر رأينا سيلاً جارفاً من رسائل مجهولة المصدر وغير موثقة تروّج لنظرية المؤامرة في ظهور الفيروس ، وظل الناس يتداولونها، وكلما خفتت يروّج مجهولون لها من جديد ليتلقفها العامة وتترك أثراً فيهم.
وفي العاشر من ديسمبر 2020 وافقت الهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية على تسجيل لقاح “فايزر-بيونتيك” لفيروس كورونا (Pfizer-BioNTech COVID-19 Vaccine)، بعدما قدمت الشركة في 24 نوفمبر ملف العقار بطلب تسجيله لدى الهيئة السعودية..
وقالت الهيئة إنها باشرت فور طلب تسجيل العقار عمليات مراجعة وتقييم فاعلية اللقاح وسلامته من واقع التجارب والدراسات السريرية وتحققت من جودة اللقاح من خلال مراجعة البيانات العلمية وجودة التصنيع وثباتية المنتج والتحقق من مراحل التصنيع والتزام المصنع بتطبيق أسس التصنيع الدوائي الجيد (GMP) حسب المعايير الدولية في الصناعة الدوائية.. وأنها عقدت اجتماعات مع خبراء وعلماء مختصين محليين ودوليين، إضافة إلى الاجتماع مع الشركة المُصنّعة وممثليها للإجابة عن أسئلة قدمتها الهيئة، كما تم أخذ رأي فريق علمي استشاري متخصص في الأمراض المعدية.
وبعد كل ذلك من المحزن أن يوجد من يشكك في فعالية اللقاح ويذهب خلف شائعات لا يعرف مصدرها ولا من أطلقها.. بل المؤكد أن هدف هذه الشائعات خلق حالة من عدم الثقة وتشكيك الناس في كل شيء وهذا في حد ذاته مرض قد يكون أشد من الفيروس نفسه.. ومن تتلبسه الشكوك في كل شيء فإن حالته يرثى لها ووضعه يحزن وهو مريض دون أن يعلم بل إن مرض الشك يقتل صاحبه.
هل نأتمن هيئة الغذاء والدواء ووزارة الصحة على كل الأدوية والأغذية الموجودة بيننا، ثم نشكك في مصداقيتهما في هذا اللقاح..؟!! وما مصلحة الهيئة والوزارة في إقرار وإعطاء عقار لم تتأكدا من فعاليته ومناسبته لمواجهة هذا الفايروس..؟!!
إن علينا جميعاً مواطنين ومقيمين أن نفتخر بوجودنا في دولة أعلت شأن الإنسان وجعلت صحته في المقدمة منذ أول يوم أعلن فيه وصول الفيروس لأراضي هذا البلد، وبقيت على ذلك ومازالت، بل إن ميزانية الدولة بأكملها رفعت شعاراً رئيسياً وهو “صحة وطن”، وهو ما يعني أن كل الموارد في المملكة مسخرة لصحة المواطن والوطن ومن يعيش على أرضه.
ogaily_wass@