جدة – فاطمة آل عمرو
من مِنا لم ينتابه الشعور بالخوف والقلق عند استقلال الطائرة للمرة الأولى في حياته ، ولا سيما الذين يعانون من “فوبيا” الأماكن العالية او استقلال الطائرات بصفة خاصة ، وتختلف الأساليب من شخص لآخر للتغلب على هذا الشعور الذي تصاحبه بعض الأعراض مثل ارتفاع ضربات القلب والقيء ، حيث أكد عدد من المختصين إن كثيراً من المسافرين ممن لديهم “فوبيا” السفر، يحاولون إخفاءها بعدة طرق وأساليب ، فبعضهم يلجأ إلى الاسترخاء والاستماع إلى الموسيقى الهادئة حتى نهاية الرحلة ، ومنهم من يستخدم العقاقير المخصصة مع العلاج السلوكي المتدرج لمواجهة تلك المخاوف، ويرجع بعض المختصين أن السبب وراء حدوث رهاب الطائرات نتيجة تعرض الشخص لبعض المطبات الهوائية في الرحلات السابقة.
“الــــبلاد” استطلعت أراء عدد من المسافرين ممن لديهم فوبيا من الطائرات وكذلك عدد من المختصين للوقوف على كيفية القضاء على مشاعر الخوف التي تنتاب المسافرين حتى يستمتع المسافر برحلته بدون خوف أو قلق.
في البداية يروي محمد حسن قصته مع فوبيا الطائرات، وخوفه من الرحلات الطويلة ،التي عانى منها على مدار ثلاث سنوات متواصلة، مستشهدا بحوادث الطائرات التي كان يسمع عنها منذ طفولته ، الأمر الذي أثر في نفسيته بشكل كبير، محاولاً تخطيها من خلال زيارته المستمرة إلى طبيب نفسي.
افلام مرعبة
أما عهود العامر، عانت كثيرا من خوف ابنها البالغ من العمر ثماني سنوات، ودائما ما تتكرر مخاوفه في كل مرة، وترجع هذا الخوف بسبب متابعته للأفلام المرعبة مع أشقائه.
الاستعانة بالموسيقى
ولايزال محمد حلواني، الذي يبلغ من العمر 27 عاماً، يخشى ركوب الطائرة، أو السفر بعيداً، ولكي يقضي على هذا الشعور يلجأ إلى الاستماع إلى الموسيقى والاسترخاء حتى نهاية الرحلة وتهبط الطائرة إلى مدرجها ، وعن سبب مخاوفه يذكر حلواني، انه تابع مسلسلاً له علاقة بطائرة مفقودة قبل حوالي تسع سنوات.
طمأنة الركاب
ومن جانبه ،أكد الكابتن طيار لؤي مدني، أن كثيرا من المسافرين لديهم فوبيا السفر عبر الطائرات ولكن يحاولون إخفاءها بطريقة او أخرى، مستشهداً ببعض الحالات التي وصفها بالصعبة، فعندما يطلب المسافر النزول من الطائرة حينها ينبغي على طاقم الطائرة التحدث معه ومعرفة الأسباب التي أدت إلى رغبة المسافر النزول، مشيراً إلى أنهم يحاولون إقناع الراكب بأن الطائرة دائما تخضع لصيانة روتينية لضمان أمن وسلامة الركاب،موضحاً أنه قبل كل رحلة تخضع الطائرة لفحص كامل من ناحية السلامة وأجهزة الملاحة.
مؤكداً أن جميع الملاحين والطيارين تحت تدريب مستمر واختبارات ، تحسباً لأية مطبات هوائية خفيفة، مؤكداً على أنهم اعتادوا على هذا الأمر.
إجراءات السلامة
من جهته أوضح الطيار ومدرب طيران شراعي في نادي سمي الغربية للطيران بجدة، الكابتن حسون العلوي، أنه وقبل الطيران يقوم بشرح مبادئ الطيران للمسافرين، ومساعدتهم على تجنب المخاوف، من إجراءات السلامة المتبعة في الطيران الشراعي، ويقوم العلوي قبل الإقلاع بشرح مبادئ الطيران للركاب، وطمأنتهم وبعد التأكد من معطيات السلامة، يكون قد كسر حاجز الخوف بعد الهبوط من الطيران، موضحاً أنه كان من الذين يعانون من الفوبيا وأصبحوا طيارين شراعيين في النادي.
العلاج العقلاني
وتؤكد استشارية الطب النفسي والخبيرة الدولية للأمم المتحدة في علاج الإدمان عند النساء، الدكتورة منى الصواف، أن رهاب الطائرات أو رهاب السفر وركوب الطائرات يعتبر من اكثر أنواع الخوف والفوبيا ازعاجا للمصابين به، خاصة من يتطلب عملهم استخدام الطائرات والسفر بشكل مستمر مثل الملاحين الجويين ورجال الأعمال،
مشيرةً إلى أن اول ظهور له كاضطراب نفسي بعد الحرب العالمية الاولى عندما لوحظ إصابة بعض قائدي الطائرات الحربية بحالة خوف وقلق من الطائرات وذلك في أعقاب الحرب العالمية الأولى ثم أصبح ظاهرة بدأ في أوائل الخمسينات من القرن الماضي مع بدء الرحلات الجوية التجارية، ومن أعراض فوبيا الطائرات الشعور بالخوف والقلق من مجرد فكرة السفر وقد تصل الى مرحلة الفزع والرهاب وظهور أعراض جسمية مثل القيء وتسارع ضربات القلب والخفقان ، خاصة أثناء حدوث مطبات هوائية مما يجعل الشخص يرفض السفر بالطائرة ويتجنبها ويؤثر ذلك سلبا على نمط الحياة والعمل.
وعن العلاج تقول الصواف: “عن طريق علاج نوبات القلق والتوتر باستخدام العقاقير المخصصة لذلك مع العلاج السلوكي المتدرج لمواجهة المخاوف، وايضا العلاج العقلاني المعرفي وفي البداية يتم تدريب الشخص على التغلب على الخوف بالتخيل التدريجي ثم الانتقال إلى التعود على مواجهة الطائرات في المطار ثم القيام برحلات قصيرة ويتدرج الى ان يتغلب الشخص على هذا الخوف”.
وتضيف الصواف أن أكثر من 80% من الحالات التي تعانى فوبيا الطائرات في تحسن مع هذه الأساليب العلاجية، ولا يعرف تحديداً السبب وراء حدوث رهاب الطائرات ولكن الشخص المصاب يكون أكثر عرضة للقلق والخوف وقد يحدث نتيجة تعرضه لبعض المطبات الهوائية في الرحلات السابقة والتي تؤدي الى ظهور الخوف لديه.