حقق ميناء جدة الإسلامي يوليو الماضي، رقماً قياسياً غير مسبوق في تاريخه، عبر تحقيق أعلى معدل لمسافنة الحاويات بواقع 488، 217 ألف حاوية قياسية، بنسبة زيادة بلغت 15%، مقارنة بالمدة المماثلة من العام السابق، كما سجل الميناء نمواً متصاعداً لمسافنة الحاويات خلال الثلاثة أشهر الماضية وذلك منذ شهر مايو وحتى يوليو لعام 2020، بإجمالي 628 ألف حاوية قياسية.
ويؤكد هذا الرقم القياسي كفاءة الأداء اللوجستي والتشغيلي بميناء جدة الإسلامي، وكفاءة سلاسل الإمداد به، إلى جانب تفوق وقدرة الموارد البشرية العاملة بالميناء.
وتكمن أهمية ميناء جدة الإسلامي عبر وقوعه على خط الملاحة الدولي البحري على ساحل البحر الأحمر، ويمتاز بموقعه المتميز وربطه بين ثلاث قارات ” آسيا، وأوروبا، وأفريقيا”، كما يُعد كذلك الأول والأهم في مجال التجارة البحرية العابرة “حاويات المسافنة”، نظراً لتكامل بنيته التحتية ومعدات المناولة المتطورة به، وسهولة الإجراءات في مجال فسح الحاويات والبضائع في فترة قياسية، إلى جانب سرعة عمليات الشحن والتفريغ.
وتأتي الاتفاقية التي وقعتها الهيئة العامة للموانئ “موانئ”، الخاصة بعقود الإسناد لتطوير وتشغيل محطات الحاويات في ميناء جدة الإسلامي وفقاً لصيغة البناء والتشغيل والنقل (BOT) مع كل من شركتي “محطة بوابة البحر الأحمر” إحدى الشركات الوطنية الكبرى في تشغيل وتطوير الموانئ محلياً وإقليمياً، و “موانئ دبي العالمية” إحدى كبرى الشركات العالمية في تشغيل وتطوير الموانئ، التي عكست الاهتمام الكبير والمتزايد الذي توليه قيادة خادم الحرمين الشريفين في تطوير منظومة النقل في المملكة، وتحقيق رؤية سمو ولي العهد في الاستفادة من موقع المملكة الجغرافي كمركز رئيسي للتجارة العالمية ومحور ربط بين القارات والاهتمام بتطوير ورفع الطاقة الاستيعابية للموانئ السعودية لتحقيق هذه الغاية، عبر ترسيخ الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والدولي وتوفير أحدث الأنظمة التشغيلية المواكبة للمعايير العالمية، وتسريع منظومة علميات الاستيراد والتصدير، بعقود تمتد على فترة 30 عاماً، وباستثمارات تناهز 9 مليارات ريال سعودي لتطوير وتنمية البنية التحتية والمعدات للمحطة الجديدة على فترة ثلاث سنوات كمرحلة أولى، الأمر الذي سيضاعف الطاقة الاستيعابية للمحطة ليشكل نقطة انطلاق جديدة، تسهم في توفير مرافق وعمليات ذات مستوى عالمي.
وتهدف هذه الاتفاقية إلى رفع الطاقة الاستيعابية بأكثر من (60%) لمحطات الحاويات من (7.6) ملايين حاوية حالياً لتصل إلى (13) مليون حاوية وجذب المزيد من تدفقات المسافنة ومضاعفتها، وتعزيز الخدمات المتعلقة بسلاسل الإمداد داخل المملكة ودعم التجارة للاستيراد والتصدير، وتحويل مدينة جدة وميناؤها لمحطة عالمية للتجارة البحرية الدولية، ومركزاً مهماً لطريق الحرير البحري (الطريق والحزام) مما سينعكس على نمو الناتج المحلي للمملكة، كما أنه سينعش اقتصاد المنطقة ويفتح آفاقاً جديدة لسكانها.
مما يذكر أن الهيئة العامة للموانئ “موانئ” قامت مؤخراً، بالتعاون مع الهيئة العامة للجمارك، بإلغاء متطلب إصدار تصريح لتحميل حاويات وبضائع المسافنة، وذلك ضمن سلسلة من المبادرات الساعية إلى تسهيل، وإعادة هندسة الإجراءات الخاصة بالمسافنة في قطاع الموانئ السعودية، بهدف تسهيل إجراءات التعامل مع حاويات المسافنة، وتقليل التكاليف التشغيلية، بما يُسهم في جذب كبرى الخطوط الملاحية العالمية، إضافة إلى تحفيز حركة بضائع المسافنة، ورفع كفاءة المناولة والعمليات التشغيلية واللوجستية في قطاع الموانئ.
وتُقدم الهيئة العامة للموانئ جهوداً حثيثة لرفع تنافسية هذه العمليات من خلال تعزيز تكامل البنى التحتية، وزيادة القدرة والكفاءة التشغيلية للمحطات، ومعدات المناولة المتطورة بالموانئ، إضافة إلى تعديل أجور فترات التخزين بنسبة كبيرة ومنافسة، وعقد مزيد من الشراكات الاستراتيجية مع كبرى الخطوط الملاحية العالمية، إلى جانب تحفيز النقل الترددي والنقل الساحلي لزيادة كميات المسافنة، وإعادة هندسة الإجراءات للتعامل مع حاويات المسافنة وتسهيلها.
وتستحوذ موانئ المملكة حالياً على ما يقارب 20 % من سوق المسافنة في المنطقة، وكذلك 80 % من إجمالي سوق المسافنة في البحر الأحمر، ساعية للوصول إلى أكثر من 50 % بالمنطقة في سوق حاويات المسافنة خلال عام 2030، وذلك عن طريق زيادة حجم سوق المسافنة في موانئ المملكة على ساحل البحر الأحمر، وتفعيل الخدمات الأخرى لجذب مزيد من سفن المسافنة، بما يُسهم في ترسيخ موقع المملكة كمركز لوجستي عالمي ومحور ربط القارات الثلاث، تماشياً مع ركائز برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية ” ندلب ” وفق رؤية المملكة 2030.