باريس ــ فرانس برس
استأنف أصحاب “السترات الصفراء” مظاهراتهم للأسبوع الخامس في فرنسا، وسط إجراءات أمنية مشددة.
وأعلنت السلطات الفرنسية نشر 8 آلاف عنصر من قوات الأمن، و14 آلية مدرعة في باريس.
هذا فيما اعتقلت قوات الشرطة 10 أشخاص من المتظاهرين، وانتشرت قوات أمن مزودة بمعدات مكافحة الشغب حول محطات القطارات المركزية، وعلى طول شارع الشانزليزيه الشهير، حيث أغلقت المتاجر وتحصنت؛ تحسبا للاحتجاجات.
وفي نهاية الأسبوع الماضي، قامت مجموعات من المتظاهرين بتحطيم ونهب متاجر وإقامة حواجز مشتعلة في الشوارع.
وانتشرت قوات الشرطة خارج محطة قطار سان لازار المركزية، مزودة بمعدات مكافحة الشغب، وقامت بفحص الحقائب، بحثا عن خوذات أو غيرها من الإشارات المحتملة للاضطرابات.
وشوهد أكثر من 20 شاحنة للشرطة وعربة مزودة بمدافع مياه في مكان قريب.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد دعا أمس الأول إلى الهدوء خلال المظاهرات، التي تأتي بعد أيام من قرارات اتخذها؛ بغرض تهدئة المحتجين.
وقال: “لا أعتقد أن ديمقراطيتنا تستطيع قبول احتلال الساحة العامة وأشكال العنف”، التي شابت تظاهرات أيام السبت القليلة الماضية، لاسيما وسط باريس.
وفي تصريحاته، التي أدلى بها بعد قمة للاتحاد الأوروبي في بروكسل، أضاف ماكرون: “بلدنا بحاجة إلى الهدوء، بحاجة إلى النظام، بحاجة إلى العمل بشكل طبيعي مجددا”.
وتقود الاحتجاجات حركة “السترات الصفر”، التي بدأت مظاهراتها في 17 نوفمبر الماضي، في البداية للاحتجاج على زيادة الضرائب على الوقود، لكنها سرعان ما تحولت إلى تعبير عن الغضب من ارتفاع تكاليف المعيشة في فرنسا، والإحساس بأن الحكومة منفصلة عن صراعات العمال اليومية.
ويبدو أن حركة السترات الصفراء، التي بدأت كاحتجاج مناهض للضرائب على الوقود، ثم تحولت إلى تحالف مناهض لماكرون، وقد رفعت سقف مطالبها حيث أصبحت تدعو إلى رحيل ماكرون.
وذلك بعد مواجهته انتقادات لاذعة على عدم ظهوره للرد على المتظاهرين، ألقى ماكرون خطابا، نقله التلفزيون قبل أيام، قال فيه: إنه يتفهم قلق المحتجين وأقر بالحاجة لاتخاذ نهج مختلف.
وإلى جانب إلغاء الزيادات في ضرائب الوقود التي كانت مقررة اعتبارا من الشهر المقبل، أعلن ماكرون، أنه سيزيد الحد الأدنى للأجور بواقع مئة يورو في الشهر، اعتبارا من يناير وسيخفض الضرائب على المتقاعدين الأقل دخلا فضلا عن إجراءات أخرى.
وكانت قوات الأمن حافظت على مستوى انتشارها واستراتيجيتها في باريس، إلا أن أعداد عناصر الأمن المنتشرين في جموع فرنسا انخفضت من 89 ألفا الأسبوع الماضي إلى 69 ألف، أمس “السبت”
وأعلنت السلطات الفرنسية أن الوجهات السياحية الرئيسية كمتحف اللوفر وبرج إيفل والأوبرا والقصر الكبير مفتوحة، وتعمل بشكل طبيعي أمام الزوار.
وقال رئيس شرطة باريس ميشيل ديلبييش: إنه “ما زال هناك قلق من احتمال تسلل جماعات تميل للعنف إلى الاحتجاجات. وسوف تتولى شرطة مكافحة الشغب حماية المعالم المهمة وإبعاد المحتجين عن القصر الرئاسي”. وأضاف ديلبييش لإذاعة (آر.تي.إل): “يجب أن نستعد للسيناريوهات الأسوأ”.
كما توقع أن يكون أثر الاحتجاجات على الأعمال في العاصمة أقل بالمقارنة بأيام السبت في الأسابيع الماضية، عندما أغلقت متاجر كبيرة أبوابها، وألغت الفنادق الحجوزات رغم ازدحام تلك الفترة في العام مع اقتراب عيد الميلاد.
وتأتي التظاهرات هذا السبت بعد أيام من قيام مسلح بإطلاق النار على مجموعة من الأفراد في سوق لهدايا عيد الميلاد بمدينة ستراسبورغ في شرق البلاد، ما أسفر عن مقتل أربعة وإصابة عدد آخر. وقتلت الشرطة المسلح في تبادل لإطلاق النار الخميس الماضي، بعد يومين من المطاردة.
من جهته، قال وزير الداخلية الفرنسي، كريستوف كاستانير: إن الوقت حان كي يخفف المتظاهرون من احتجاجاتهم، ويقبلوا بما حققوه من أهداف، مشدداً على أن الشرطة تستحق أن تأخذ راحة أيضاً، بحسب تعبيره.
يذكر أن تلك الاحتجاجات أثرت على الاقتصاد، حيث يتوقع أن يقل الإنتاج في الربع الأخير من العام إلى نصف الأرقام المتوقعة، كما يرجح أن تتسبب تنازلات ماكرون في زيادة عجز الموازنة عن الحدود المتفق عليها في الاتحاد الأوروبي.