يقول الفيلسوف أبو حامد الغزالي: من لم يحرّكه الربيعُ وأزهاره، والعودُ وأوتاره، فهو فاسدُ المزاج ليس له علاج «. هل هناك لغة تعبيرية أرق من سماع لحن موسيقي أبدعته أنامل فنان ! هل هناك أجمل من معزوفة ( مونا مور ) لتهدئة الأعصاب وإراحة النفس في زمن انفجر صخباً وامتلأ تلوثاً ؟! هل هناك أصدق من كلمات أغنية تجسد في معناها أهمية الموسيقى والغناء في حياة الأمم والشعوب:
أعطني الناي وغني … فالغنا سر الوجود
وأنين الناي يبقى … بعد أن يفنى الوجود
لقد نال الموسيقيون على مر العصور المكانة العالية في المجتمع حيث كانوا هم الأقرب في مجالسة الخلفاء والحكام وخاصة في أيام العصر العباسي ، وكان لهم الدور الأكبر في نقل الموروث الفني إلى العالم وخاصة إلى مدينة قرطبة في بلاد الأندلس ، حيث استطاع زرياب حينها أن يسحر الناس بحسن صوته وجمال أدائه وإعجاز فنه ، واستطاع كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني أن يكون الموسوعة الأدبية الأضخم التي أثرت عالم الطرب والغناء وأمتعت الناس على مر الزمان.
نعم الموسيقى هي حاجة الإنسان العليا ، فهي التي تهذب النفس وتسمو بالروح ، وهي التي تحفز دماغ الأطفال على تحسين مهارات التواصل مع الآخرين وترفع من معدلات الذكاء والاستيعاب لديهم ، وهي التي تلهب الشعور الوطني في المارشات العسكرية وتزيد من حماس الجنود في المعارك والغزوات.
إن إدخال مادة الموسيقى في مناهجنا الدراسية هو من أساسيات العملية التربوية، وهو من الأنشطة الفنية التي تدعم المسيرة التعليمية وتزيد من نسب نجاحها ، فقد يفرح الطالب حين يتعلم فك رموز النوتة الموسيقية ، وقد يطير فرحاً حين يجيد العزف على أحد الآلات الموسيقية ، وقد يملك الدنيا بما فيها حين يناديه الناس بالموسيقي الماهر، وقد يكون من الجدير ذكره حالياً ، أن مشروع إحياء مقرر التربية الموسيقية في المدارس وتخصيصه الميزانية الكافية والمعلمين الأكفاء والتجهيزات اللازمة ، هو استحقاق وطني مثمر يؤتي أكله مع قادم الأيام حيث سيزدهر المشهد الفني بالكوادر الموهوبة وسيتشكل أقوى الفرق السيمفونية ، وسينهض المجتمع بكل تأكيد بجيل من الشباب يتذوق الجمال ويعشق كل جميل.