جدة ــــ عبدالهادي المالكي
تعد قضية المباني المدرسية المستأجرة من أهم الملفات المؤرقة لوزارة التعليم، حيث تواجه عملية الاستغناء عن جميع المباني المستأجرة بعض المعوقات التي تحاول وزارة التعليم التغلب عليها، ومنها تزايد أعداد المدارس المحدثة كل عام، وسبق وأن أعلنت وزارة التعليم عن 350 مشروعا متوقعا استلامها بطاقة استيعابية تزيد عن 19 ألف طالب وطالبة، الأمر الذي سوف يساهم في خفض عدد المدارس المستأجرة والتي لا تتوفر فيها أبسط مقومات البيئة المدرسية، لأنها تمتاز بصغر الغرف وضيق الممرات وانعدام التهوية السليمة وازدحام الأعداد الكبيرة من الطلاب، كما أنها لا توفر البيئة المناسبة من أجل الطلاب الموهوبين لكي يبدعوا في المجالات المختلفة، وهناك بعض الحوادث التي وقعت في مبان مدرسية مستأجرة فتحت الباب على مصراعيه من أجل التسريع بإحلال مدارس جديدة بديلة عن المباني المستأجرة.
ووفقاً لعدد من الخبراء فإن المباني المستأجرة في العادة سعتها تتراوح بين 200 إلى 300 طالب، وأما المباني الحكومية الجديدة فهي تستوعب ألف طالب. كما ان الوزارة تستأجر مباني لتصبح مدارس مع أن تلك المباني صممت أساساً لسكن عدد محدود جداً من الناس لا يزيد على أفراد عائلة واحدة لذلك فهي لا تصلح مدارس ومع ذلك يضغط فيها أعداد كبيرة من الطلاب يصل عددهم أحياناً الى (30) طالباً في الغرفة الواحدة التي لا تتجاوز مساحتها (20)م 2 في أحسن الأحوال، وهذا النوع من المدارس هو الأكثر انتشاراً. ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد بل الأدهى أن تستمر المدرسة في ذلك المقر لعشرات السنين حتى يصبح المبنى متهالكا وآيلا للسقوط ما يهدد الطلاب والطالبات بالخطر. مرافق أساسية
وبالرغم من أن جميع المخططات المعتمدة للأحياء الجديدة تتضمن مواقع ممتازة وواسعة لمرافق تعليمية وصحية وغيرها ولكن الملاحظ أيضاً أن كل المرافق لا يستخدم إلا القليل منها والتحول الى الاستئجار. كما أن المبنى المستأجر لايحتوي على المرافق الأساسية التي تؤهله لكي يصبح مدرسة والتي من اهمها المصادر والصالة الرياضية والوسائل التعليمية التي يتم استخدامها في المدارس النموذجية، وسبق وأن وافق وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ على حزمة من الإجراءات المتكاملة لمعالجة المباني التعليمية المتعثرة التي تمثل الدفعة الأولى، ووجه بتشكيل مجموعة لجان متخصصة كفرق عمل، قادرة على إنجاز هذا الملف وتقديم الحلول في مدة لا تتجاوز 90 يوماً.
فصول ضيّقة
وفي هذا السياق أعرب كل من الطالب محمد الشريف وعدنان العمودي وعبدالعزيز الناشري أن مبنى المدرسة المستأجرة التي يدرسون بها فصولها ضيقة لا تستوعب الطلاب، كما أن المبنى ليس به ملعب أو مرافق لمواهب الطلاب، وبالنسبة للساحة الخارجية فإنها لاتقيهم برداً ولا مطراً في الشتاء، كما عبروا عن استيائهم من الزحام في الفصل حتى اصبح المعلم لا يستطيع التحرك بأريحية امام السبورة لقرب طاولات الطلاب منها.
كما اشتكوا من عدم وجود مصادر للتعلم اسوة بالمدارس الحكومية وكذلك خلوها من الصالة الرياضية عدا موقع الاصطفاف والذي يمارسون فيه رياضتهم وقت الحصة البدنية بالإضافة الى معاناتهم في موسم المطر بسبب دخول المياه إلى الفصول.
رداءة الحافلات
كما اشتكى الطلاب من النقل المدرسي الخاص ورداءة الحافلات التي تقلهم وذكروا أن الوافدين يسيطرون على هذه الحافلات مع تقادم موديلاتها والتي مضى على بعضها قرابة العشرين عاما ولم تعد صالحة للسير بالإضافة إلى تهالك مقاعدها وخلوها من التكييف، ومع كل هذا فإن المبالغ التي يتم اخذها عالية قد تصل الى 300 ريال على الطالب الواحد على حسب موقع المدرسة كما أن بعض السائقين يقومون بتحميل عدد كبير من الطلاب والطالبات يفوق حجم الحافلة.
إستراتيجية التعليم
من جهته قال عضو الجمعية السعودية للاقتصاد، الدكتور عبدالله أحمد المغلوث أن هناك برامج من قبل وزارة التعليم لحل موضوع المباني المستأجرة وتحويلها الى مبان حكومية إلا ان حجم تلك المباني في كافة مناطق ومدن المملكة كثير جدا، ولهذا فإن وزارة التعليم تعمل وفق استراتيجية لتخفيض عدد المباني المستأجرة التي لم تعد صالحة للتعليم، كما أن تلك المباني تعد بيئة طاردة للطلاب ولا تدعم الموهوبين منهم، وبالتالي اثرها سلبي على الطالب وحتى ننجح في هذا المفهوم علينا الدخول في مضمار الاستثمار بإيجاد فرص استثمارية للقطاع الخاص ليستثمر في مباني استثمارية يقوم بها القطاع الخاص وتستأجرها الدولة لمدة معينة ومن ثم تعود ملكيتها للوزارة وبالتالي يكون هناك حراك اقتصادي في منظومة البناء والتشييد لإيجاد مباني نموذجية قادرة على استيعاب أبنائنا وبناتنا الطلاب والطالبات في بيئة تعليمية ناجحة.
معاناة كبيرة
وقال المشرف التربوي بخيت العطاوي إن المدارس المستأجرة غير مهيئة للتعليم بتاتا لأنها لم تصمم الا للسكن وليست لفصول دراسية، وبحكم انني عملت في اكثر من مدرسة في مبنى مستأجر فقد لمست معاناة الطلاب والمعلمين عن قرب في هذه المباني التي تفتقر الى اهم مقومات التعليم الموجودة في المباني الحكومية النموذجية، حيث أن الفصول في هذه المدارس ضيقة للغاية كما انها تشكل خطرا على الطلاب لقدم بعضها، خصوصا وان بعض المباني المدرسية المستأجرة عبارة عن بيوت شعبية، ليست بها مقومات السلامة من مخارج للطوارئ كما أن التمديدات المهربائية في هذه المدارس مكشوفة ما يشكل خطورة على الطلاب وقت هطول الامطار وبعضها آيلة للسقوط ولا يوجد بها صيانة على الإطلاق.كذلك انقطاع التيار الكهربائي بصفة دورية خلال فترة الصيف لعدم تحمل الضغط العالي لزيادة الأحمال.
بحث المعوقات
وبحسب تقارير الوزارة فقد أسهم وقوف فرق العمل الميدانية على المعوقات التي لم تسمح بالانتهاء من المباني التعليمية المشار إليها في الفترة المحددة بعقودها، في وضع خطة عمل محددة ومزمنة أسفرت
عنها سلسلة من الاجتماعات المكثفة والمتواصلة مع إدارات التعليم والمقاولين لإنجاز تلك المشاريع وفقاً لحالة كل مشروع.
في ذات السياق أعلنت الوزارة الانتهاء من إجراءات استلام 208 مشروعات قبل بداية العام الدراسي القادم، و83 مشروعاً متوقعٌ استلامها قبل نهاية الفصل الدراسي الأول، وذلك وفق خطة وزارية تقوم عليها وكالة المشاريع والصيانة في وزارة التعليم لمعالجة 843 مشروعاً متأخراً ومتعثراً ومتوقفاً، في إطار سعي الوزارة لإيجاد بيئة تعليمية جاذبة ومناسبة، والإسهام في التخلص من الجزء الأكبر من المدارس المستأجرة.
مشاريع جديدة
وتأتي المشاريع الجديدة امتداداً للمواصفات التي تعمل عليها وزارة التعليم وصولا إلى أعلى المعايير العالمية، وتتنوع ما بين مبان مدرسية حديثة وصالات رياضية ملحقة بتلك المشاريع التي تمكن الطلبة من ممارسة الرياضة، وكذلك ملاعب كرة قدم عشبية مصممة بطريقة حديثة، إضافة إلى مراعاة فلسفة المباني الذكية من جعلها صديقا للبيئة، وموفرة للطاقة الكهربائية، وذات أنظمة لرفع مستوى الأمن والسلامة وتحقيق الراحة لمستخدمي المباني مثل الإضاءة الطبيعية والإنارة الصناعية، وحماية المباني من الضوضاء، مما يجعلها أكثر ملاءمة لاستخدامات المتعلمين والمعلمين على حد سواء، وتتوافق مع أفضل المعايير والمواصفات لخدمة المنظومة التعليمية ولإيجاد بيئة تعليمية ملائمة وآمنة ومحفّزة للطالب.
وتوضح خطة العمل التي تنتهجها وزارة التعليم لتقليص أعداد المباني المستأجرة، تشكيل لجان ميدانية متخصصة بين وكالة المباني وإدارات التعليم بالمناطق والمحافظات تستند على الحصر والمتابعة الدورية، والعمل بمنهجية واحدة ومتزامنة كان أبرزها أن أقرت الإدارات التعليمية في وقت سابق اتخاذ أربعة إجراءات عاجلة لمعالجة مشكلة المباني المستأجرة وخفضها، تمثلت في حصر أعداد المدارس المستأجرة وعدد الطلاب في كل مدرسة، وتحويل طلاب المدرسة المستأجرة إلى أقرب مدرسة ذات مبنى حكومي في الفترة الثانية (المسائية)، وتوزيع طلاب المدرسة العاملة في مبنى مستأجر على المدارس ذات المباني الحكومية بنفس الحي أو القريبة منه، إضافة إلى تحديد المدارس التي يصعب توزيع طلابها أو تحويلها للعمل في الفترة المسائية.
يسبب تلف الكثير من مقتنيات المدرسة، وتعطل عملية التدريس في مواسم الأمطار وخاصة في المباني القروية المستأجرة.
سلبيات المباني المدرسية المستأجرة
المباني المستأجرة لم تكن معدة أصلاً لتكون مدارس وإنما هي مهيأة لتكون مساكن مما جعل تلك المباني غير صالحة أصلاً لتكون مدارس، وهناك حزمة من السلبيات في هذه المباني منها عدم وجود أماكن كافية لوضوء الطلاب وأداء الصلاة جماعة داخل المدرسة.
كما أن الفصول والممرات في بعض المدارس ضيقة وصغيرة المساحة وفاقدة لوسائل التهوية مما يعود سلباً على العملية التعليمية، وكذلك يقلل من الاستفادة منها بوضع طفايات الحريق فيها وكذلك أوعية النفايات وما إلى ذلك، علاوة على ذلك فإن موقع بعض المدارس غير مناسب حيث تجد بعض المدارس قريبة من الخطوط العامة التي تنتهي إلى خطوط سريعة مما يكون له أثر على سلامة الطلاب.
وتجد بعض المدارس قريبة من المصانع والشوارع العامة المزدحمة مما يشوش على انتباه التلاميذ. وبعض المدارس مبناها ملتحم بالمباني السكنية مما يسبب إشكالات أخلاقية وحجب للهواء والضوء.
إلى جانب عدم وجود مخارج للطوارئ مما يؤدي إلى خطورة الوضع حين وجود مكروه لا سمح الله، كما حدث مؤخراً في الحريق الذي حصل في مدرسة البنات المتوسطة بمكة المكرمة.
وبعض المدارس لا يوجد بها وسائل تصريف مياه مما