القاهرة – محمد عمر
سطرت المملكة صفحة جديدة فى تاريخها البارز بإطلاق برنامج تطوير الصناعة الوطنية ، وفى إشارة واضحة بسرعة المنظومة الوطنية بالمملكة بإجراء خطوات سريعة من أجل مواكبة التقدم والتطور وتعزيز الاقتصاد الوطني عبر رؤية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد حفظه الله مؤسس النهضة الاقتصادية السعودية الحديثة. ويأتي إطلاق برنامج الصناعات الوطنية ضمن منظومة متكاملة تهدف إلى تعظيم الاستفادة من القوة الاقتصادية الداخلية ودعم المشروعات التي تواكب اهداف الرؤية .
وتأتي حزمة البرامج الموجهة لتطوير المنظومة الوطنية فى مقدمة اهتمام صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد حفظه الله الذي يعمل بشكل مباشر وجاد على إعادة تهيئة البيئة الداخلية لتكون أكثر ملاءمة للتطور والتقدم وتحقيق النهضة المنشودة للمملكة نظرا لكونها هى القاعدة الرئيسية للمنافسة الخارجية وتعزيز قوة الاقتصاد السعودي.
من جهته قال الدكتور كريم عادل الخبير الاقتصادي إن “برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية” الذي اطلقه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ” حفظه الله ” يعد أحد أهم وأكبر البرامج الثلاثة عشر في “رؤية المملكة 2030″، والذي يؤكد حرص القيادة بالمملكة على تحقيق رؤيتها 2030 .
وأشار ” كريم ” أن ما يميز هذا البرنامج أنه برنامج تنموي شامل لن يقتصر دوره على تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية فقط، ولكن ستمتد الآثار الإيجابية للبرنامج إلى تطوير صناعات نوعية غير مسبوقة، وزيادة الصادرات غير النفطية، وتخفيض الواردات، ورفع إسهامات قطاعاته المستهدفة في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، إضافةً إلى ما يتضمنه من دعم وتشجيع القطاع الخاص ليصبح شريكا استراتيجيا في التنمية ومساهما في عجلة الاقتصاد والتنمية وهو ما سينعكس بدوره في التأثير الإيجابي على الاقتصاد السعودي، ولعل ذلك واضح فيما اشترط من مساهمة المحتوى المحلي في هذا البرنامج، بحيث تكون نسبة المشتريات الحكومية للمحتوى المحلي في أي عقد 50 في المائة ، وهوما سيساهم في رفع معدلات التشغيل والانتاج في القطاع الخاص والقطاع الصناعي وزيادة فرص العمل أمام قوى العمل الوطنية بالمملكة.
وشدد ” الخبير الاقتصادي ” أن ما سيساهم به هذا البرنامج التنموي من إحداث التطوير والتكامل بين قطاعات الصناعة والتعدين والطاقة والخدمات اللوجستية، فهو سيساهم في إحداث نقلة في القطاعات الاقتصادية في المملكة العربية السعودية، حيث سيعمل كل قطاع بشكل مستقل، وستعمل “رؤية المملكة 2030″ على الانتقال إلى اقتصاد لا يعتمد على النفط، كما سيشهد اقتصاد المملكة نقلة تكنولوجية ضخمة وهي الثورة الصناعية الرابعة القائمة على الابتكار والبحث العلمي، وهو ما سيكون له دور كبير في صنع اقتصاد المستقبل.
ونوه ” كريم ” إلى أن سمو ولي العهد محمد بن سلمان ” حفظه الله ” وإن كان قد حقق نجاحات عديدة فيما أطلقه من مشروعات إستراتيجية في مختلف المجالات ، إلا أن هذا البرنامج وإضافة إلى ما سيشهده من نجاح وتحقيقه لرؤية المملكة 2030 فإنه يدعم الجهود الرامية إلى تنويع القاعدة الاقتصادية وتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، ويؤشر بمزيد من التقدم في إقامة مشروعات التنمية الاقتصادية ليس فقط بحلول عام 2030 ولكن سيجني ثماره على مدار السنوات القادمة .
من جهتها قالت الدكتورة نور الشرقاوى الخبيرة الاقتصادية المصرية أن المشروعات القومية العملاقة بالمملكة تعد هي قاطرة التنمية مستقبلا حيث تعكس أهمية كبيرة من خلال قيامها بتدعيم وبناء واستمرار عملية التنمية المستدامة فهي تتميز بشمولها من أجل إعطاء دفعة قوية لحركة النشاط الاقتصادى، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وزيادة فرص العمل للشباب، وتحقيق التوازن الاقتصادي.
ومن خلال حرص صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع على الارتقاء بمستقبل المملكة والمنطقة ككل وعلى تحقيق اعلى أثر اقتصادي، وتحقيق الرفاهية الاجتماعية، واحداث نمو حقيقي وتفعيل الريادة البيئية والاستدامة .
وأضافت الخبيرة الاقتصادية أن إطلاق أضخم برنامج لتطوير الصناعة الوطنية ضمن 13 برنامجا بقيمة 427 مليار دولار في اطار رؤية المملكة 2030 حيث يمثل هذا البرنامج الضخم طفرة للمملكة ويهدف لتطوير 4 قطاعات وهي الصناعة والتعدين، والطاقة والخدمات اللوجستية مما يساهم في رفع مستويات الاداء الاقتصادي لهذه القطاعات ودعم التكامل بينها لرفع مستويات معدلات النمو لمعدلات غير مسبوقة .
وأشارت “الشرقاوى ” أنه من المتوقع لهذا البرنامج مستقبلا ان يسهم بنحو 1.2 تريليون ريال في الاقتصاد السعودي وسيرفع إسهام المحتوى المحلي بأكثر من 700 مليار ريال، كما سيخلق 1.6 مليون وظيفة، ويرفع حجم صادرات السعودية إلى أكثر من ترليون ريال مما يزيد معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي وأيضا يحسن وبشكل كبير وضع الميزان التجارى والذي يظهر اثره علي الموازنة العامة للدولة وانخفاض معدلات البطالة والتضخم وتحسن المؤشرات الاقتصادية ككل بحلول 2030 وهو ما يعد طفرة حقيقية ستحدث نمو هائل وأثر اقتصادي بالغ الأهمية .
مشيرة أن البرنامج يهدف إلى توحيد الجهود لجذب وتشجيع الاستثمارات الأجنبية لتمكين المملكة من تحقيق طفرة صناعية والريادة في مجال الخدمات اللوجستية عالميا ويمثل القطاع الحكومي دورا رئيسيا في هذا البرنامج من خلال التكامل بين الجهات الحكومية ذات العلاقة و تضافر جهود 34 جهة حكومية وشبه حكومية، وروح الفريق الواحد والدعم المتبادل والقطاع الخاص أيضا وتتكامل فيه جهود العديد من مختلف القطاعات الاقتصادية الأخرى.
بدوره قال الدكتور حسام الغايش الخبير فى البورصة والاستثمارات المالية إن برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية بالمملكة يستهدف تحويل المملكة الى قوة صناعية رائدة ومنصة لوجستية عالمية فى منطقة الخليج العربى والبحر الاحمر .
ولقد تم الاعلان عن تكلفة اجمالية للبرنامج تصل الى 427 مليار دولار ،ويمتاز هذا البرنامج بالتكامل بين القطاعات المستهدفة وهى الصناعة والتعدين والطاقة والخدمات اللوجستية ومن المتوقع توقيع توقيع اكثر من 37 اتفاقية بقيمة 200 مليار ريال ويتزامن هذا مع تنفيذ عدد من المشروعات مثل مجمع الملك سلمان للصناعات البحرية ومشروع مدينة الملك سلمان للطاقة ومشروعات صناعية فى مدينة جازان للصناعات الاساسية والتحويلية والتعاون بين ارامكو السعودية وسابك لتحويل النفط الى بتروكيماويات.
ونوه ” الغايش ” أن الهدف من هذا البرنامج هو التنوع الاقتصادى وبالتالى خلق وظائف تشغيلية بقدرات هائلة لتطوير ورفع قدرة القطاع الخاص، ان احد القطاعات المستهدفة وهو قطاع التعدين والذى ارتفع عدد الرخص الممنوحة فيه لممارسة نشاط التعدين من 1828 رخصة عام 2013 الى 1994 رخصة بنهاية العام 2017 وبمعدل نمو بلغ 9% وبالتالى من المتوقع زيادة عدد الرخص الممنوحة فى هذا القطاع للعديد من الشركات المحلية والاجنبية مع انطلاق هذا البرنامج.
اما القطاع الصناعى والذى حقق طفرات خلال الاعوام الخمس السابقة فمن المتوقع ان يشهد طفرة نتيجة لتنفيذ هذا البرنامج حيث ان حجم الانتاج فى الصناعات الاساسية وهى البتروكيماويات -المعادن -الاسمدة-المنتجات المتخصصة ارتفع من 60 مليار طن فى عام 2013 الى 64 مليار طن فى نهاية عام 2017 بمعدل نمو 5.7% وايضا صادرات الصناعات الاساسية ارتفع من 20.3 مليار طن الى 21.6 مليار طن فى نفس الفترة وبمعدل نمو قدره 6.4% ،اما قطاع النقل فقد حقق طفرة خلال نفس الفترة بعد توسيع بعض المطارات والموانئ وذلك بهدف تحويل المملكة الى منصة لوجستية عالمية تحقيقا لرؤية 2030 حيث ارتفعت نسبة الصادرات غير النفطية الى الورادات عبر المنافذ من 28.2% فى عام 2008 الى 39% فى عام 2017.
وأشار خبير الاستثمارات المالية إلى ان هذا البرنامج ذو التمويل الضخم ومع تركيزه على هذه القطاعات يهدف الى رفع معدلات النمو الاقتصادى حتى عام 2030 بسياسة النمو المتوازن لهذه القطاعات المرتبطة مما سيسهم بشكل كبير لوضع المملكة على خريطة القوة الصناعية وسيساعد بشكل كبير على تطور وتوسيع قاعدة سوق المال السعودى مما يجعله من الاسواق المالية الجاذبة لرؤؤس الاموال الاجنبية على مدار المدة التفيذية لهذا البرنامج.
من جانبه قال الدكتور أحمد الإمام خبير اقتصاديات الطاقة إن قطاع الطاقة فى المملكة يمثل قاطرة النمو حيث أن المملكة هى المنتج الرئيسى للبترول فى العالم بأحتياطى مؤكد 270 مليار برميل من النفط الخام والمكثفات على أساس معدل إنتاج ثابت يقدر بـ 10 ملايين برميل يوميا، ما يعني أن العمر الزمني المتوقع لنضوب النفط هو73 عاما، لكنها تبقى مدة تقديرية مرتبطة بعدة أسباب منها تزايد عدد السكان، وزيادة الطلب على النفط السعودي، وزيادة الاستهلاك المحلي، وانخفاض الإنتاج في الدول الأخرى.
يمثل حجم أنتاج النفط فى المملكة 20% من حجم الانتاج العالمى .
مشيرا إلى أن المملكة تشغل المركز السادس عالمياً من حيث حجم احتياطات الغاز، والمركز الثالث في الشرق الأوسط، والمركز الثامن من حيث الإنتاج وتسعى المملكة وفقا لرؤية 2030 وبرنامج التحول الوطنى 2020 الى أعادة هيكلة الإقتصاد و تقليل الإعتماد على النفط الخام و تنوع مزيج الطاقة للمملكة .
وأكد ” الإمام ” أن اليوم المملكة إحدى أكبر دول العالم إنتاجًا للصناعات البتروكيماوية، يأتي ذلك في وقت يمثل فيه توفير الطاقة بأسعار مدعومة نقطة ارتكاز أساسية لارتفاع حجم الاستثمار في صناعة البتروكيماويات، فيما قفز إجمالي إنتاج البلاد من المواد البتروكيماوية بنسبة 250 في المائة خلال 10 سنوات.
تحقيقا لرؤية السعودية 2030، وضعت وزارة الطاقة مجموعة من الأهداف لمشاريع الطاقة المتجددة، حيث سيطرح مكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة خلال عام 2019 فقط ما لا يقل عن 12 مشروعا لإنتاج الطاقة المتجددة”،
ونوه ” خبير اقتصاديات الطاقة ” إلى أن المملكة تتمتع بمعدل سطوع شمسى مثالى مما يؤهلها لتصدر قطاع الطاقة النظيفة والمتجددة خلال السنوات القادمة وفى ذلك الإطار قامت مجموعة رؤية سوفت بتأسيس شركة جديدة لتوليد الطاقة الشمسية، بدءا من إطلاق العمل على محطتين شمسيتين بقدرة 3 غيغاواط و4.2 غيغاواط بحلول عام 2019، والعمل أيضا على تصنيع وتطوير الألواح الشمسية في السعودية لتوليد الطاقة الشمسية بقدرة ما بين 150 غيغاواط و200 غيغاواط بحلول 2030.
وتبلغ قيمة المشروع 200 مليار دولار، حيث سيستثمر فيه صندوق “رؤية سوفت بنك”، وهو صندوق مشترك بين مجموعة “سوفت بنك” اليابانية وصندوق الاستثمارات العامة السعودي.
مشيرا إلى أن المملكة تستهدف مع الطاقة المتجددة إبقاء إمداداتها للسوق العالمي للنفط كما هي دون أن تتأثر بارتفاع الطلب الداخلي الذي ستلبيه الطاقة الشمسية بينما يواصل الطلب العالمي على النفط في الارتفاع وفق أغلب الدراسات.
وتعمل المملكة على عمل خط إنتاج الألواح والخلايا الشمسية، ومعمل موثوقية اختبار الألواح الشمسية في مصنع بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم و التقنية، ويقوم المصنع بتلبية احتياجات مشاريع الطاقة الشمسية.
وأضاف ” الإمام ” إلى أن القرية الشمسية تعد أول محطة طاقة شمسية في المملكة نشأت بشراكة سعودية – أميركية لإنتاج 350 كيلوواط، من خلال استخدام المجمعات الكهروضوئية المركزة، ما جعلها تصبح نواة لجهود وطنية بحثية متطورة في تقنيات الطاقة المتجددة، وبخاصة أبحاث الطاقة الشمسية، حيث تسعى المملكة عبر برنامجها للطاقة الشمسية، إلى خلق 7 آلاف فرصة عمل، وبناء صناعة “صناعية” محلية يمكنها تصدير المنتجات إلى العالم، مما يقلل الطلب المحلي على النفط الخام في هذه العملية.