تأتي جائزة الملك فيصل العالمية في هذا العام، بعد أن تجاوزت عقدها الرابع، في تسلسل زمني تاريخي، لتوثيق إنجازاتها الحضارية، وهي تواصل احتفالاتها، في كل عام بتتويج الفائزين بها، في التخصصات التي تحملها على عاتقها منذ إنشائها عام 1977م، من مقرها الدائم بالعاصمة السعودية بالرياض، برعاية ملكية من خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، لتؤكد تمسكها بطابعها وتقاليدها الإسلامية، ولتضيف نموذجا حضاريا ومبادرات إنسانية وأبحاثا علمية، خضعت لعملية تحكيم دولي، يتم من خلالها اختيار الفائزين، في مجالاتها الخمس (خدمة الإسلام، الدراسات الإسلامية، اللغة العربية والأدب، الطب، العلوم)، وفق الأهداف السامية لهذه الجائزة العالمية.
وفي كلمة لرئيس هيئة الجائزة، صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، ما يُؤكد الأبعاد الإنسانية لهذه الجائزة، والتي طالما سخّر الشهيد الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله، حياته ومكانته العربية والإسلامية، التي قادته ليكون أبرز زعماء وقادة العالم، في صناعة السلام العالمي وتشجيع العلم والعلماء، وترسيخ القيم الإسلامية الأصيلة، من منطلق إيمانه وقناعته بأهمية النهضة الحضارية الشاملة، التي يجب أن تعيشها الأمتان العربية والإسلامية، مؤكدا سموه بأن العلم هو الطريق الأفضل لتحقيق أهداف هذه الجائزة العالمية، وهي دعوة للتأمل وإعادة قراءة التاريخ، وتطبيق مفاهيم الدين الإسلامي ومبادئه السمحة، وإنه النموذج الحي الذي يرتقي للوسطية والاعتدال.
ونحن إذ نتعايش مع واقعنا بكثير من الآمال والتطلعات، فإننا نتطلع أن تكون هذه الجائزة العالمية، تقود العالم وشعوبه وأيديولوجياته وإن اختلفت، إلى المزيد من السلام ونشر ثقافة الاعتدال، لتهنأ شعوب العالم بالمزيد من سُبل الأمن والتقدم في مضمار العلوم المعاصرة، ونبذ الأحقاد وأساليب الكراهية بين أفراد المجتمعات، وفي هذا السياق لابد من الإشادة بطلاب الدراسات العليا بجامعات المملكة، التي تناولت رسائلهم في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، أهداف جائزة الملك فيصل العالمية، وهي فرصة لأبناء الأمة العربية، لإلقاء الضوء على هذه الدراسات، لتعم الفائدة للأجيال الواعدة، ولتكون محفزا لهم في تناول هذه الدراسات.
لاسيما وأن مراكز الأبحاث العلمية بالجامعات السعودية، مؤهلة بما تمتلكه من إمكانيات، لتشجيع طلابها لاستثمار الإنجازات الحضارية، والأصداء العالمية لهذه الجائزة، بحيث تُقام الأسابيع والحراك الثقافي، على مدى أسبوعين قبل وبعد الإعلان عن الجائزة، في ذكراها السنوية تشتمل على محاضرات وندوات وأوراق عمل، ومسابقات بين طلاب المرحلة الثانوية، والتعليم الجامعي وطلاب الدراسات العليا، ويتم انتقاء أجود الأعمال الإبداعية، لطباعتها وتوزيعها في الملتقيات الثقافية، في مناطق ومحافظات المملكة، بمساهمات فاعلة عن طريق الأندية الأدبية والرياضية وجمعيات الثقافة السعودية، على أن تكون هذه المشاركات من قبل الطلاب والطالبات، ويتم تكريم الأعمال المتميزة نثرا وشعرا وتجارب تطبيقية، بمساهمة من رجال وسيدات الأعمال في المملكة.