جدة – فاطمة محمد
لم يتصوّر أحمد 24 عاما الموظف في مؤسسة بالقطاع الخاص أنه لن يتمكن من الارتباط بفتاة أحلامه، وأن سيناريو العش الوردي سوف تذروه الرياح، وذلك بعد أن وضعت العروس شروطا تعجيزية لإتمام عقد القران، ومنها اشتراطها أن يدفع لها مبلغ نصف مليون ريال في حالة استحالة الحياة بينهما وقام بتطليقها، إضافة إلى ضرورة إيجاد منزل منفصل، فضلا عن السفر بها إلى أوروبا في كل عام، وما كاد الرجل يسمع تفاصيل الشروط التعقيدية كما وصفها حتى توقف عن الارتباط بتلك الفتاة، ووجه بوصلة مشاعره للبحث عن عروس أخرى، لا تضع شروطا تعجيزية في عقد النكاح.
“حدوتة” أحمد ليست الوحيدة في فضاء الزيجات وإنما هناك العديد من الفتيات، يضعن شروطا تعجيزية في عقد الزواج الأمر الذي يصطدم العرسان، فبعضهم يرضخ للشروط التعجيزية على مضض، وآخرون يفرون بجلدوهم من “الشرط التعجيزي” ويبحثون عن عروس أخرى.
ولسبر غور الشروط التعجيزية في الزواج حملت “البلاد” حزمة من الأسئلة والتقت بعدد من المختصين وقد تباينت آراؤهم في هذا الخصوص، إذ أكد بعضهم أنه من حق المرأة أن تضع شروطها في عقد النكاح، فيما يرى آخرون أن وضع مثل هكذا شروط ليس واجبا، بينما يرى عدد آخر من المختصين أن المفاهيم المغلوطة في الزواج تجعل بعض الفتيات يلجأن إلى مثل هكذا سيناريوهات.
ويرى عدد من المحامين أن وضع شروط في عقد النكاح أمر ليس واجبا كونه من الأمور المحدثة ويستطيع أي من الزوجين عند عدم تنفيذ هذه الشروط فسخ العقد، فيما يرى آخرون أنه من حق كل امرأة أن تضع شروطاً عند توقيع عقد الزواج، التي تحمي حقوقها، وعدم الاعتماد على الوعود، لأن بعض الأزواج يخالفون تلك الوعود.
بداية قال المحامي والمستشار القانوني الدكتور محمد بن علي ال سليمان “بدأت تظهر في الآونة الأخيرة لدى العديد من الفتيات بعض الاشتراطات الغريبة لاتمام عقد الزواج اختلفت عن المطالب التقليدية كالسماح للزوجة باكمال تعليمها أو العمل بوظيفتها، ومن أبرز هذه الاشتراطات أن تكون عصمة الطلاق بيد الزوجة وأن يتقن الزوج اللغة الإنجليزية أو وأن يقيم لها احتفالاً يشبه احتفالات ألف ليلة وليلة من حيث الفخامة والبذخ.
وأضاف: لقد كفل الإسلام للمرأة حقوقها وأكمل له بيان واجباتها وجعلها ولية على نفسها ومالها إلا في النكاح على القول الصحيح لأهل العلم ولاتنكح إلا بإذنها وحاجتها إلى الولي في النكاح، إنما هو من باب تدبير شؤونها ورعايتها ولأن الأصل فيها الحياء، وإلا فإن مايدور في مجلس العقد هي التي تدبره وترعاه وتكفله فلها الحق أن ترفض أو توافق ولها الحق أن تشترط ماتشاء من حيث الأصل وقد اهتم الشرع ببيان شروط النكاح ومايتعلق بها فقد عرف الفقهاء الشروط في النكاح بأنها إلزام أحد المتعاقدين الآخر بسبب العقد مما له في منفعة.
وينصح آل سليمان كل فتاة مقبلة على الزواج أن تحرص عند اختيار الزوج المناسب على شرطين أساسيين هما الدين والخلق، فهما من أهم مقومات الحياة الزوجية السعيدة وعدم كتابة الشروط غير الجائزة شرعا والتي لايبطل العقد بكتابتها”.
من حق المرأة
من جانبه أوضح المحامي راشد العمرو أنه من حق كل امرأة أن تضع شروطاً عند توقيع عقد الزواج، التي تحمي حقوقها، وعدم الاعتماد على الوعود، لأن بعض الأزواج يخالفون تلك الوعود، ولا يوفون بها، وفي ظل التطور والحقوق التي نالتها المرأة مؤخراً نشأ لدى المجتمع فئة من الفتيات يطالبن بشروط تعجيزية لتتم كتابتها في عقد النكاح، ولتوضيح مفهوم تلك الشروط فهي حقوق ترغب المرأة تدوينها في عقد النكاح حفاظاً على حقوقها المستقبلية فيما بعد الزواج وفي المقابل يراها فئة من المجتمع أنها شروط مُبالغ بها تعيق إتمام الزواج وربما تفسده، وعلى العموم هذة الشروط لا يمكن حصرها نظراً للوقائع والأحداث التي تواكب حياة الناس، ولكن يمكن التطرق الى المتعارف لدينا فمنها ما يتعلق بتوفير مصروف شهري مبالغ به وتوفير سيارة فارهة ورحلة سنوية الى دول اوروبية،
وبمنع الزوج بالزواج من غيرها بأية حال من الأحوال، ومهر مبالغ به، فالمهر شرعه الله إكراماً للزوجه وليس تعجيز الزوج، ومن خلال المسيرة القانونية التي عملت بها مرت علي شروط منها ما كان معقولاً كتوفير مسكن والسماح لها بالعمل ومنها ما كان تعجيزياً بدفع مهر مبالغ به، معرفة كلمة السر بالهاتف والكمبيوتر، عدم الاشتراك في استراحات الشباب، واختم الحديث بأن هنالك تعاميم موجهة لمأذوني الانكحة في حال أن أحد الازواج اشترط شرطاً يخالف القيم والشرع.
ليس واجبا
ويرى المحامي والمستشار القانوني خالد المحمادي أن وضع شروط في عقد النكاح أمر ليس واجبا لانه من الامور المحدثة ويستطيع اي من الزوجين عند عدم تنفيذ هذة الشروط فسخ العقد وهذا يخالف ماجاء في القرآن الكريم إمساكهن بمعروف او تسريحهن بإحسان وتعدى الامر الآن الى وضع شروط تعجيزية وهي ثانوية وليست في الايجاب والقبول.
سببه الخوف
من جهته علق الاخصائي الاجتماعي الدكتور شجاع القحطاني: “من حيث الشروط التعجيزية من الناحية الاجتماعية الأسرية عادة ما يضع هذه الشروط الأشخاص الذين لديهم عدم ثقة بالطرف الآخر، أو بأنهم يرون أن الزواج مرحلة مؤقتة وليست دائمة وربما هذه الشروط من باب ضغط الطرف الآخر وعدم الطلاق، و ربما محاولة للسيطرة على الطرف الآخر، أو ربما حتى كنوع من عدم القبول وبالتالي يضعون الشروط التعجيزية لرفض الطرف الآخر، وقبول هذه الشروط دليل على عدم وثوقه بنفسه، وضعف لدى هذا الشخص لان الشخص الواثق من نفسه ويتزوج بطريقة أفضل لايمكن أن يوافق على هذه الشروط سواء رجل أو امرأة.
وقال: أيضا غياب المفهوم الحقيقي للزواج، الذي هو السكن والعشرة والمودة والمحبة والتعاون والتفاعل بين اثنين وبناء حيا ة أسرية طويلة، لكن بعض الأشخاص لديهم مفاهيم مغلوطة عن الزواج وهي التحكم بالطرف الآخر والسيطرة عليه واضعافه ووضع القيود قبل اتخاذ قرار الطلاق.أرى أنها لاتتماشى مع المعنى الحقيقي للزواج.
صكوك الطلاق
خلال شهر تشير الإحصائيات الصادرة من وزارة العدل أن صكوك الطلاق التي صدرت في عدد من المحاكم السعودية في شهر شعبان الماضي فاق عدد عقود النكاح في مناطق مكة، الرياض، الشرقية، القصيم، حائل، ونجران.
فقد سجل مؤشر الوزارة في منطقة مكة 711 حالة زواج لسعوديين مقابل 900 حالة طلاق، في حين بلغ عدد عقود النكاح في ذات المنطقة 2596 عقدا، كان الطرفان أو أحدهما غير سعودي مقابل 228 حالة طلاق، فيما سجلت محاكم الرياض 722 عقد نكاح لسعوديين مقابل 969 صك طلاق، و2099 عقد نكاح كان الطرفان أو أحدهما غير سعودي مقابل 107 صكوك طلاق. وسجلت المنطقة الشرقية 512 عقد نكاح لسعوديين مقابل 625 صك طلاق لسعوديينو1185 عقد نكاح كان الطرفان أو أحدهما غير سعودي مقابل 57 صك طلاق.
لا مانع من وضع الزوجة شروطا متفقة مع الشريعة
أوضح الخبير بمجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة الدكتور حسن بن محمد سفر: أن الله عز وجل شرع وجعل خاتمتها شريعة النبي صلى الله عليه وسلم وتناولت هذه الشريعة جوانب متعددة فيما يتعلق بنظام الأسرة، كما قال تعالى : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا”.
وتعني المودة والاستقرار النفسي لذلك فإن عقود النكاح في الشريعة الإسلامية تبنى على مقاصد ومن هذه المقاصد تحقيق رغبات كل من الزوجين وعلى ضوء ذلك فإنه ليس هناك مانع من أن تشترط الزوجة أو الخاطبة على خاطبها الشروط التي يجب أن تكون متفقة مع مقام الشريعة الإسلامية ومع ماجاء بها من أحكام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم، ومن الممكن أن تشترط المرأة على الزوج شروطاً تتفق مع مقاصد الزواج أما أن تشترط شروط تعجيزية تعود مصالحها للزوجة هذا لايتفق مع روح الشريعة..لابد من الحرص على أن تكون الشروط منسجمة ومتفقة مع رغبات الطرفين. وهما الزوج والزوجة.