لكي تتجنب أمراض العصر من توحد واكتئاب وعزلة اجتماعية، عليك أن تفكر بصوت عال وتكتب ، لكي تزيد من معرفتك اللغوية وتحافظ على نشاطك الذهني عليك أن تكتب وتدون كل ما يخطر في بالك وتستفيض به روحك .يقول المولى في محكم تنزيله : “اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم ” ، وفي آية ثانية ” إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ، وليكتب بينكم كاتب بالعدل ” .صدق الله العظيم .
نعم الكتابة هي صنعة العارفين ودليل المستعرفين ، وهي فن لا يجوده إلا من يقرأ بكثافة ويصغي بعمق ويوجز بمصداقية ، فهي تعكس الأفكار التي نختزنها ، وتصور المشاعر التي تجيش بها أنفسنا . والكتابة كمهنة للإنسان تستدعي الاطلاع الواسع على كافة العلوم والمعارف ، فقد خسرت إحدى المرشحات للعمل في كبريات الصحف العالمية وظيفتها لأنها لم تذعن لشروط المؤسسة الصحفية في قراءة ثلاثة كتب في الاسبوع ،ومن يرغب أن يصبح كاتباً مرموقاً ويؤلف روايات وقصص قيمة ، عليه أولاً أن يقرأ ، وكما قال الأديب عباس محمود العقاد حين سئل لماذا تقرأ فقال : حياة واحدة لا تكفيني ، فالقراءة هي نافذة الانسان إلى العالم ، توسع من ثقافته ، تنوع من خبراته ، تطور من قدراته وتوازن في صحته النفسية ، وثانياً فإن الذي يرغب بالكتابة عليه أن يأتي بمهارات لغوية خالية من الأخطاء النحوية وبأفكار منسقة من غير تكرار ولا ملل وأن يدعم مواضيعه بالاستشهادات المختلفة التي تلائم النص من أقوال وحكم وأحاديث دينية وآيات قرآنية.
وهناك نوعان في اسلوب الكتابة، التعبير الوظيفي الذي يسهل التواصل مع الآخرين وتتسم لغته بأنها مباشرة وتحمل جملاً مفيدة ومختصرة تستخدم لغرض توجيه رسائل ونشر إرشادات أو نقل تقارير .وهناك التعبير الانشائي الذي يبدع فيه الكاتب حين يعرض أفكاره ويطرح انفعالاته بطريقته الخاصة ، فيخرج لنا عملاً أدبياً كما في الشعر والقصة والرواية والمسرحية.
عزيزي الكاتب : ابتعد عن السباب وتبادل الشتائم ، ترفع عن السفاسف والمهاترات التي يدور رحاها بين المتحاورين على وسائل التواصل الاجتماعي ، تفوق عليهم بالإنجازات والكتابات الرصينة ، اكتب عن كل ما يصدقه العقل ويمكث في الضمير والوجدان ، اكتب عن ملاحظاتك البيئية وعن خبراتك التراكمية ، اكتب عن الفنون الجميلة والآداب ، اكتب شعراً ، قصة ، مسلسلاً فنياً ومسرحية جادة ، فالمجتمع يحتاج إلى انتاجك الإنساني والمعرفي ، فلعلّ ما تبثه إلينا من ابداع يكبر على أرضاً عطشى تنتظر المطر , ويؤمن لك مصدر رزق تستحقه باقتدار.
ما أعظم أن يؤرخ الانسان كلمته في كتاب ويلقى صداها على مر الزمان والأيام.