حضر صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز مؤسس ورئيس مؤسسة التراث الخيرية رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للفضاء، حفل افتتاح معرض العلا واحة العجائب في الجزيرة العربية والمقام في العاصمة الفرنسية باريس.
وكان في استقبال سموه عند وصوله مقر الحفل سمو وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان ورئيس معهد العالم العربي وزير الثقافة السابق جاك لانغ والرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمحافظة العلا عمرو مدني وعدد من المسؤولين من الجانبين السعودي والفرنسي.
وبين سموه بأن المعرض يعد إكمالاً لحلقات من الإنجاز وطبقة رفيعة من مسيرة العناية بالتراث الحضاري في المملكة العربية السعودية التي بدأت منذ وقت مبكر في عهد جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله الذي وعى بإدراكه العميق أهمية العناية بالتراث وسمح للمستكشفين في مجالات الآثار بإجراء الدراسات والبحوث الأثرية والتاريخية، وتوالت بعده عناية الدولة بالتراث من خلال وكالة الآثار التابعة لوزارة التعليم عندما كان مسماها وزارة المعارف، ثم بعد ذلك ضم هذا القطاع المهم للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني عام 1429 هـ و شهد تطوراً كبيراً في الأنظمة وترسيخ مفاهيم العناية بالتراث الوطني وتهيئة المواطنين للعناية به وتقديم مفهوم اقتصاديات التراث، حتى انتقل الآن لوزارة الثقافة وهو الأمر الذي سبق أن اقترحته الهيئة العامة للسياحة والتراث عام 1422 هـ ورفعته للدولة حينها.
وعن العناية بالمواقع التراثية في محافظة العلا استذكر سموه زيارته الأولى للمواقع التراثية في محافظة العلا في عام 1410 هـ في معية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله- عندما كان أميراً للرياض.
وذكر أن العلا كانت وقتها منطقة صحراوية غنية بالآثار والمواقع التراثية والمواطنين الكرماء المرحبين والمحبين لمحافظتهم الساعين للمحافظة على آثارها، لكنها كانت تفتقر للخدمات، وأن عملية العناية الشاملة وإعادة الاعتبار لتلك المواقع ومن ثم تسجيل الأهم منها في قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو والتي أشرفت عليها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني عندما كان سموه أميناً عاماً لها ثم رئيساً لمجلس إدارتها في وقت سابق، سارت بوتيرة ثابتة واحترافية عالية نتج عنها تسجيل 5 مواقع خلال ما يقارب السبع سنوات في سابقة تعد ضمن الأسرع على مستوى العالم، مستشهداً على ذلك بقول رئيسة منظمة اليونسكو السابقة السيدة أيرين بوكوفا التي كانت حاضرة في افتتاح المعرض اليوم، واليوم نشهد بالتزامن مع هذا المعرض احترافية عالية وجدية كبرى في عناية الدولة بمواقع التراث الوطني وشواهده تأسيس هيئات متخصصة لأبرز تلك المواقع مثل الهيئة الملكية لمحافظة العلا التي تنظم هذا المعرض المميز وتنفذ مشاريع ريادية في المحافظة وتستثمر فيها وفي بناء الكوادر المواطنة لإدارتها واستقطاب المشاريع الكبرى والفعاليات المميزة التي تؤدي إلى تفعيل اقتصاديات التراث الذي نادينا به منذ ما يقارب العشرين عاماً بما يضمن المحافظة على المواقع واستدامتها عبر الاستخدام الأمثل لمواقع التراث، وهذا النموذج يحصل في الدرعية وجدة التاريخية والعديد من المواقع التي توليها الدولة العناية التي تستحقها.
وأضاف سموه بأن هذا المعرض والعناية الحقيقية بمواقع التراث تمثل رمزيه مهمة كون الجزيرة العربية مهد الحضارات وحاضنة للإسلام ، وأثبتت الدراسات والمستكشفات الأثرية بالشواهد المكانة المحورية التي مثلتها الجزيرة العربية عبر العصور كونها مهداً للبشرية ومحوراً مهماً للحراك الإنساني ومسرحاً للتقاطع الحضاري في الجزيرة العربية مثل طرق التجارة وطرق الحج والحضارات المتعددة التي انطلقت من هذا الموقع الجيوسياسي المهم جداً في الجزيرة العربية.
ولفت سموه النظر إلى أن العناية بالتراث الذي نلمسه اليوم هو ما يليق بالمكانة الحضارية الكبيرة للمملكة التي هي حاضنة له، وفيه دعم للاقتصاد وإيجاد للفرص الوظيفية للمواطنين في مناطقهم، إضافة إلى عوائده على الاقتصاد الوطني.
وأشار إلى أن التزامن بين السياحة والتراث هو نتاج لجهود كبيرة عبر العقدين الماضيين أثمرت القبول المجتمعي والإقبال الكبير على استثمار المقومات السياحية والغنى التراثي الذي تزخر به المملكة، وجعلت الدولة تعتمد مسارات العناية بالتراث والتوسع في السياحة ضمن مرتكزات رؤيتها، فالمملكة غنية بالفنون والألوان وبشعبها العميق المؤمن بقيمه القادر على أن يحمل مهمات كبيرة جداً، وأكبر دليل على ذلك ما يحدث أمامنا الآن، والذي يعيد لنا الأدوار الكبرى التي طالما مثلتها هذه المنطقة في الحضارة الإنسانية، وتثبت أن بلادنا ليست طارئة على التاريخ.
وصرح سموه لمندوب وكالة الأنباء السعودية في باريس بأهمية مواصلة الجهود التي انطلقت بتوجهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – ، وقبل ذلك منذ وقت الملك عبدالله والملك فهد – رحمهما الله- للعناية بالتراث والسياحة وتأسيس منظومة إدارية لتفعيل هذا الدور، ونقله للعالم ليكون إضافة مهمة للمعرفة الإنسانية، مستشهداً بمعرض روائع الآثار السعودية ” طرق التجارة في الجزيرة العربية” الذي طاف العديد من أهم المتاحف في دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية والصين وكوريا الجنوبية واليابان ويستعد الآن لافتتاح محطته الخامسة عشرة في روما وسط حفاوة كبيرة من شعوب تلك الدول.
كما أشاد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز بانطلاقة معرض العلا في معهد العالم العربي بباريس، وبالعلاقات بين المملكة وفرنسا التي أثمر عنها هذا التعاون بين العلماء السعوديين والفرنسيين في التنقيبات الأثرية في العلا ووضع برنامج شامل لتطوير محافظة العلا.
يذكر أن المعرض يفتح أبوابه للجمهور يوم الأربعاء الـ 9 من أكتوبر وحتى الـ 19 من يناير 2020م، وفي جميع أيام الأسبوع ما عدا يوم الاثنين من العاشرة صباحا وحتى الثامنة مساءً.