البلاد – جدة
في خطوة جديدة تؤكد متانة العلاقات السعودية الباكستانية، وصل دولة رئيس وزراء جمهورية باكستان الإسلامية، السيد محمد شهباز شريف، إلى المملكة العربية السعودية في زيارة رسمية تهدف إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات. وكان في استقباله صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حيث عُقد اجتماع موسع بين الجانبين في الرياض.
وترتبط المملكة العربية السعودية وباكستان بعلاقات تاريخية وثيقة تمتد لأكثر من سبعة عقود، تحولت خلالها هذه العلاقات إلى شراكة استراتيجية عميقة، تدعمها الروابط الدينية والثقافية والتاريخية المشتركة بين البلدين. وعلى مدار السنوات الماضية، تطورت هذه العلاقات إلى مستويات أعلى من التعاون الثنائي في مختلف المجالات، شملت السياسة، الاقتصاد، الأمن، الدفاع، والطاقة، مما يعكس التوافق الاستراتيجي بينهما.
كانت زيارة سمو ولي العهد إلى باكستان في فبراير 2019 محطة تاريخية في هذه العلاقة، حيث أسفرت عن توقيع اتفاقيات استثمارية ضخمة تتجاوز 20 مليار دولار، بالإضافة إلى إعلان إنشاء مجلس التنسيق الأعلى السعودي الباكستاني، الذي يمثل آلية حوكمة فعالة لمتابعة التعاون بين البلدين، خاصة في القطاعات الاقتصادية والاستثمارية.
مباحثات موسعة لتعزيز التعاون
خلال لقاء سمو ولي العهد برئيس الوزراء الباكستاني، جرى استعراض أوجه التعاون بين البلدين، مع التركيز على الفرص الاقتصادية والاستثمارية التي تتيحها رؤية السعودية 2030، والتي توفر بيئة جاذبة للاستثمارات العالمية، بما في ذلك الاستثمارات الباكستانية. وأكد الجانبان على أهمية تعزيز العلاقات التجارية وزيادة التبادل التجاري بين البلدين، خاصة في قطاعات الطاقة، التكنولوجيا، البنية التحتية، والأمن الغذائي.
كما بحث الزعيمان التحديات الإقليمية والدولية، مع التأكيد على ضرورة دعم الجهود الدولية لوقف العمليات العسكرية في غزة، وتقديم المساعدات الإنسانية، ودعوة المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في الضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها.
دعم سعودي ثابت لباكستان
تتمتع المملكة بمكانة خاصة في قلوب الباكستانيين، حيث تُعد من أكبر الداعمين لباكستان منذ استقلالها عام 1947، سواء من خلال الدعم الاقتصادي المباشر، أو المساعدات الإنسانية، أو التعاون العسكري والأمني. وعلى مر العقود، وقفت المملكة إلى جانب باكستان في أوقات الأزمات، سواء من خلال المساعدات المالية، أو توفير النفط بأسعار تفضيلية، أو الدعم السياسي في المحافل الدولية.
وخلال الاجتماع، جدد رئيس الوزراء الباكستاني تقدير بلاده للدعم السعودي المستمر، مشيرًا إلى أهمية الاستفادة من الشراكة مع المملكة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في باكستان، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها بلاده.
إشادة بقيادة ولي العهد ورؤية 2030
أعرب دولة رئيس الوزراء الباكستاني عن إعجابه الشديد بـ التحولات الجذرية التي شهدتها المملكة بقيادة سمو ولي العهد، مؤكدًا أن رؤية السعودية 2030 تمثل نموذجًا عالميًا للإصلاح الاقتصادي والتنموي، مشيرًا إلى أن النجاحات التي حققتها المملكة في السنوات الماضية تعكس حكمة وديناميكية القيادة السعودية.
وقال شهباز شريف: “ما تحقق في المملكة خلال الأعوام الثمانية الماضية هو إنجاز غير مسبوق، ويدل على قيادة استثنائية قادرة على إحداث تحولات نوعية في زمن قياسي. رؤية 2030 ليست فقط خطة تنموية للمملكة، بل أصبحت نموذجًا يُحتذى به على المستوى الدولي”.
التعاون في مجالات الأمن والدفاع
إلى جانب التعاون الاقتصادي، تحظى العلاقات الدفاعية بين السعودية وباكستان بأهمية خاصة، حيث ترتبط الدولتان باتفاقيات تعاون عسكري تشمل التدريب المشترك، تبادل المعلومات الأمنية، والتنسيق في مكافحة الإرهاب. كما شاركت القوات الباكستانية في العديد من التدريبات العسكرية المشتركة مع نظيرتها السعودية، ما يعكس مستوى الثقة الاستراتيجية بين البلدين.
تأكيد على الشراكة الاستراتيجية
اختُتمت زيارة رئيس الوزراء الباكستاني إلى المملكة بتأكيد الجانبين على أهمية استمرار التعاون والتنسيق المشترك في مختلف القضايا، مع الالتزام بتطوير العلاقات الثنائية بما يخدم مصالح البلدين وشعبيهما.
تأتي هذه الزيارة لتعزز مكانة العلاقات السعودية الباكستانية، وتؤكد على التزام البلدين بتعميق التعاون في مختلف المجالات، انطلاقًا من الروابط التاريخية العميقة التي تجمعهما، والرؤية المشتركة لمستقبل أكثر ازدهارًا واستقرارًا.