نيو دلهي : البلاد
في ظل الظروف غير المرغوبة للغاية التي يعيشها الإقتصاد العالمي، الذي يعاني من عدم الإستقرار المفرط ، وقد برز الإقتصاد الهندي كإستثناء مميزاً عن بقية العالم بنموه الإقتصاد القوي والمستدام والجدير بالذكر أنه في السنة المالية 2024م، نما الناتج المحلي الإجمالي للهندي بنسبة 8.2% على الرغم أن الإقتصادات الغربية تعرضت بإستمرار لمستويات عالية من الإضطرابات مع ارتفاع معدلات الفائدة والبطالة.
في حين أدت الحرب بين روسيا وأوكرانيا أيضاً إلى تأثير سلبي على اسعار الطاقة والأمن الغذائي بالإضافة إلى تعطيل شديد في سلسلة التوريد العالمية . وعلى الرغم من هذه الظروف الإقتصادية العالمية، من المتوقع أن تستمر الهند مسيرتها القوية حاملة لقب ” الإقتصاد الأسرع نموا”. وقد ساهمت عوامل عديدة في هذا الأداء الإستثنائي الذي حققته نيودلهي .
كما افاد البيان الذي اصدرته الحكومة الهندية مؤخراً مشيراً إلى إن الاستقرار السياسي، مع الانتخابات السلمية ونقل السلطة على المستويين المحلي والوطني، قد عززت ثقة الشركات في الأسواق الهندية” بالإضافة إلى ذلك، ساهم النمو في الاستثمارات في البنية التحتية من قبل الدولة وكذلك الشراكات بين القطاعين العام والخاص في تحقيق هذا النمو المذهل حيث إن المشاريع الكبرى مثل ساغارمالا وبهاراتمالا، ومهمة المدن الذكية، ومهمة الذكاء الاصطناعي الهندي كلها تعمل على وجه السرع من اجل تغيير مشهد البنية التحتية في الهند بحسب البيان.
يُعد النموذج الهندي للنمو مثالاً على كيفية عدم استبعاد الإستثمار العام، خلافاً للاعتقاد السائد، لا يُزاحم الاستثمار الخاص بل يعززه في حين ذكر البيان أن سوق الأسهم الهندية، ومؤشر نيفتي 50، ومؤشر سينسيكس قد أظهرت نمواً قوياً، مستفيدة من عملية الإصلاح المستمرة التي تنفذها الحكومة الهندية .
كما ساهمت الحوافز الصناعية، مثل برنامج الحوافز المرتبطة بالإنتاج (PLI)، في تعزيز القطاع الثانوي في الهند حيث لعبت هذه الحوافز دورًا حاسمًا في الحفاظ على تكوين رأس المال في الهند إلى جانب زيادة الاستثمارات في القطاع الخاص. وقد شهدت القيمة السوقية لسوق الأسهم الهندية ارتفاعًا كبيرًا، حيث وصلت نسبة القيمة السوقية إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى المرتبة الخامسة عالميًا.
وفي مؤشر أداء الخدمات اللوجستية، وقد حسّنت الهند ترتيبها من المركز 44 في عام 2018 م إلى المركز 38 في عام 2023م من بين 139 دولة حيث انها نجحت في تنويع وجهات صادراتها بشكل متواصل مما وسّع حضورها في الأسواق الدولية. كما نمت صادرات الخدمات بشكل كبير بنسبة 4.9% لتصل إلى 341.1 مليار دولار في السنة المالية 2023-2024، حيث تركزت بشكل أساسي في تصدير خدمات تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات التي تتميز بها الهند. ووفقًا لأوغست تانو كوامي، مدير البنك الدولي في الهند، فإن “آفاق النمو القوية للهند جنباً إلى جنب مع انخفاض التضخم سيساعدان في تقليل الفقر المدقع وفق قوله.
وقد اظهر كل من جانبي العرض والطلب في الاقتصاد الهندي تقدماً كبيراً في الفترة الماضية. فمن ناحية العرض، حقق قطاع التصنيع نمواً بنسبة 9.9%، كما شهد قطاع الخدمات نمواً هائلاً وآفاقاً مستقبلية واعدة. وعلى الرغم من الظروف الخارجية الصعبة، توقّع البنك الدولي نظرة إيجابية للهند على المدى المتوسط. ومن المتوقع أن يصل النمو إلى 7% في السنة المالية 2024-2025 ويستمر بقوة في عامي 2026 و2027 بحسب التقرير .
بالإضافة إلى ذلك، توقع المنتدى الاقتصادي العالمي أن الهند في وضع جيد “للعب دور حاسم في تشكيل مستقبل الاقتصاد العالمي في عام 2024 وما بعده”. ومع إعادة تشكيل النزاعات الجيوسياسية للنظام الاقتصادي والسياسي العالمي، تتبنى الهند بشكل متزايد دوراً منفتحاً على العالم. ويتجلى هذا بشكل واضح في جهودها خلال أزمة روسيا وأوكرانيا، وكذلك في المساعدات الواسعة التي قدمتها لسريلانكا خلال أزمتها الاقتصادية.
كما أن الزيارات الأخيرة للقيادة الهندية إلى الولايات المتحدة وبولندا وأوكرانيا وشرق آسيا هي أمثلة أخرى على الدور المتزايد للهند في الدبلوماسية الاقتصادية في هذه الأوقات المضطربة والتي تشير إلى أن الأهمية الجيوسياسية للهند تتزايد بشكل كبير، وتعد نموذجاً يحتذى به للاقتصادات النامية في اتباع نهج يضمن بناء مؤسسات اقتصادية مستقرة ومرنة.