في كل عام، نعيش أجواء الفرح والسعادة والعزّ باليوم الوطني ، ذكرى نفخر بها جميعاً لكيان عظيم أرسى دعائمه وثبت أركانه رجل فريد من نوعه ، هيأه الله تعالى ليجمع شمل أبناء الوطن الواحد، ويوحِّد كلمتهم تحت راية التوحيد. أنه جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (طيب الله ثراه).
إن الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه، قاد ملحمة توحيد هذا الكيان بعد أن كان ممزَّقاً في كيانات متناحرة ، ولكنه بفضل المولى، وبصحبة رجال مخلصين، إستطاع أن يؤسس نظام حكم على مبادئ القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، فهما الأساس الذي تقوم عليه حياة كل مسلم، وهما لحمة تماسك المجتمع المسلم.
في مثل هذا اليوم قبل 94 عاماً، سجل التاريخ مولد هذا الوطن الغالي، الذي يضمّ أقدس بقاع العالم بعد ملحمة بطولية على مدى اثنين وثلاثين عاماً، بعد استرداد الملك المؤسس طيب الله ثراه لمدينة الرياض، عاصمة ملك أجداده، وآبائه، في الخامس من شهر شوال عام 1319هـ، الموافق 15 يناير 1902م، حيث صدر في 17 جمادى الأولى 1351هـ، مرسوم ملكي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة تحت اسم المملكة العربية السعودية، واختار الملك عبدالعزيز يوم الخميس الموافق 21 جمادى الأولى من نفس العام الموافق 23 سبتمبر 1932م، يوماً لإعلان قيام هذا البلد المبارك.
تعتبر مناسبة اليوم الوطني، من المناسبات الأكثر ثباتا في الذهن، ورسوخا في الذاكرة، بعد مسيرة حافلة، سُطرت فيها ملاحم خالدة، في توحيد وبناء هذا الوطن الشامخ، يوماً شهد تتويجاً لمسيرة جهاد ملك عظيم، وانطلاقاً لمسيرة جهاد أعظم، نحو تنمية وبناء الدولة السعودية الحديثة.
إن أبرز القيِّم، والمضامين، التي يجب أن نستشعرها، هي أن نقف في ذكرى اليوم الوطني، وقفة تأمل، نستعيد فيها، أبعاد توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس ( رحمه الله )، وانعكاساتها على المجتمع، تنمية وتطورا، لقد غرس توحيد هذه البلاد، أول بذور النماء، التي تشكَّل منها عصب الاقتصاد السعودي، إذ أثبتت تجارب الأمم، أن الأمن الوطني، والاستقرار السياسي، شرطان أساسيان للنمو الاقتصادي. علينا أن نتذكَّر أن ما نعيشه من طمأنينة نفسية واقتصادية واجتماعية وأسرية، قلما تجتمع في شعب واحد، فالشعوب الغربية بترفها واقتصادياتها الكبيرة، إلا أنها تعاني من الانهيارات الأسرية، والانحرافات السلوكية، والخواء الروحي.
وفي الجانب الآخر، بلاد غنية بالجانب الروحي والنفسي، ولكنها تعاني أزمة اقتصادية ، لذلك تنعم بلادنا ولله الحمد والمِنّة، بميزة جمعت محاسن الدين والدنيا. والفضل يعود لتوفيق الله عز وجل، ولقيادتنا الحكيمة، التي طبّقت شرع الله، وبذلك استطاعت أن تجنب البلاد أزمات اقتصادية، وفتناً كقطع الليل المظلم.
الأحلام أصبحت واقعية في كل مناحي الحياة بالمملكة، إذ انعكست بوضوح على مشاريع كبيرة راهنت عليها المملكة في رؤية 2030، وهو ما جعلها ترسِّخ من قوتها ومكانتها لمواصلة دورها المهم والمحوري على جميع الأصعدة. لذلك تشهد المملكة نمواً متسارعاً وتحولاً اقتصادياً تاريخياً وغير مسبوق لعدم تأثر الاقتصاد بالأحداث السياسية بالمنطقة ، ممّا شجع رؤوس الأموال المحلية والخارجية على الاستثمار والاستفادة من الفرص والتسهيلات الكبيرة التي تمنحها حكومتنا الرشيدة، ممّا ساعد في دفع عجلة التنمية.
لقد كانت انطلاقة هذه النهضة منذ اليوم الوطني السعودي الأول، ولازال عطاء ذلك الغرس المبارك مستمراً، عشرات الأعوام حافلة بالإنجازات على هذه الأرض الطيبة، والتي وضع لبناتها الأولى الملك المؤسس طيب الله ثراه، وواصل أبناؤه تحقيق الإنجازات المتواصلة سياسياً واقتصادياً وتنموياً في مملكتنا الحبيبة لتُجسد مسيرة البناء والرخاء للدولة الفتية، وتتواصل مسيرة التنمية والتطوير في أبهى صورها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (حفظهما الله).
فقد شهدت المملكة في العهد الزاهر مشاريع عملاقة في مختلف المجالات التعليمية والصحية والبلدية والعمرانية والطرق والمواصلات، بالإضافة إلى المشاريع العملاقة التي شهدتها مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة خدمةً لضيوف الرحمن، إلى جانب الارتقاء بالمستوى المعيشي والتعليمي للمواطن السعودي وغير ذلك من مشروعات التطوير والتحديث التي جعلت المملكة في مصاف الدول المتقدمة.
إننا مطالبون اليوم بتعزيز وحدتنا الوطنية، وتوحيد صفنا، وكلمتنا، وأهدافنا، وذلك بتجاوز الطابع الاحتفالي، إلى ميدان عملي يعبر عن حبنا الحقيقي للوطن من خلال نوافذ أكثر وعياً وإشراقاً تكرّس للوعي بقيمة الوطن، نشحذ فيه الهمم لمواصلة البناء والتطور والتنمية الحضارية، ونجسِّد فيه تلاحم الموطنين مع القيادة الحكيمة، ووحدة البلاد، وزرع روح الولاء والانتماء لهذا الوطن.
حفظ الله لهذه البلاد المباركة قيادتها، وأدام عزَّها، ورخاءها، وأمنها، وأن تستمر مسيرة البناء والنماء والعطاء. إنه سميع مجيب الدعاء.
وبالله التوفيق.
• رئيس مجلس إدارة جمعية خيركم لتعليم القرآن الكريم وتحفيظه بمنطقة مكة المكرمة
• رئيس مجلس الجمعيات الأهلية فرع منطقة مكة المكرمة