وأنا أتصفح موقع الفيسبوك، ظهرت أمامي صفحة جدول الضرب المطبوعة على غلاف الدفاتر التي كنا نكتب عليها واجباتنا المدرسية ، ممّا جعلني أرجع بالذاكرة إلى الوراء وأتحسس كفوفي وأصابع يدي التي تألمت بقسوة من ضرب المدرسين لها بعصاة مكورة الرأس لعدم حفظي لجدول الضرب وغيرها من الدروس.
لقد كان الضرب هو القاسم المشترك بين المعلم والتلميذ حيث كان التلقين والحفظ ، هما السمتان الأساسيتان في التعليم ، دون أي إعتبار لإهتمامات وإمكانات الطلبة وقدراتهم العمر/عقلية في التعلم والحفظ والتذكُّر .
لقد تخطّي العالم مفهوم التلقين والحفظ في العملية التعليمية التقليدية ، وأنتقل الى أعتاب تقنيات الذكاء الإصطناعي وتطبيقاته في جميع مناشط حياتنا بما فيها التعليم ، وهذا بالضرورة يتطلب تغييرا جذريا في المناهج الدراسية وموضوعاتها وعلومها ومهاراتها . والتي تحاكي التفكير النقدي ، وحل المشكلات وإتخاذ القرارات وطرق التفكير الإبداعي ، بل يتحتّم على الطلبة في جميع المراحل الدراسية، أن يتعلموا مفاهيم وتقنيات الذكاء الإصطناعي وماهية أبعاده ومخاطره ومزاياه في المراحل التطبيقية .
ولكي ندرك ما نقول ، علينا أن نتخيل شكل التعليم في المستقبل. حيث تأثير توظيف وزراعة الشرائح الإلكترونية في أدمغة البشر ، وعن طريقها يمكن تغذيتها بالمعلومات الواردة اليها عن طريق الإنزال التكنو سحابي وإستعادتها بإيماءة أو رمشة عين كما يقول ميتشو كاكو عالم الفيزياء النظرية .
وتجدر الإشارة الى أن أساليب التعليم الذكي سيكون مرتبطا بمتطلبات سوق العمل التي ستقوم برامج الذكاء الإصطناعي بعمليات المواءمة بينها وبين المناهج الدراسية عن طريق إعادة برمجة نفسها لتوفير علوم ومناهج دراسية تلبي إحتياجات سوق العمل من وظائف للخريجين بل وتذهب الى أبعد من ذلك حيث تختار أفضل القدرات البشرية من الطلبة لتأهيلهم لتلك الوظائف .
وأخيرا ، تطور التكنولوجيا السريع ، ودخول الذكاء الإصطناعي شتّى مجالات حياتنا ، وكيف نعيش ونعمل ونتعلم ، يتطلب منا صياغة ذهنية وعقلية جديدة مرنة وسريعة التأقلم مع المتغيرات التكنولوجية ،وهذا ما يجب أن ينعكس على البيئة التعليمية ومناهجها وكوادرها وأساليبها وطرقها .