اجتماعية مقالات الكتاب

جائزة تجربة العميل

تجربة العميل، تجربة المريض، تجربة المراجع، عناوين براقة، عناوين جاذبة، عناوين ملفتة جديرة بأن يتوقف المرءحيالها ، وكلها تصبّ في تقييم النتيجة النهائية التي يبديها الناس تجاه خدمات معينة يتلقونها إما من جهات حكومية أو من شركات ومنظمات القطاع الخاص.

نهاية الأسبوع الماضي ،أُطلقت النسخة الثانية من
“جائزة تجربة العميل” السعودية، والتي يقول عنها منظموها إنها “جائزة سعودية سنوية تُمنح للجهات الحكومية والشركات والمؤسسات والأفراد الذين يتميزون بتقديم تجربة عميل مبتكرة ومتميزة”. ويضيفون أن الجائزة “تهدف إلى تشجيع والاحتفاء بالممارسات القيادية والابتكارية في مجال تجربة العميل، ورفع مستوى الرضاء والولاء لدى العملاء”.

دعونا نتوقف هنا لنقول إن كل ما ذُكر كلام جميل ومبهر، لكن عنصراً واحداً نراه يتوارى هنا وهو “العميل نفسه”!
أين العميل في كل هذا التقييم؟ أين موقعه من الإعراب؟ أين صوته في تقييم تجربته في التعامل مع الجهات الحكومية وشركات القطاع؟
من الذي يقيّم التجربة ويعطيكم النتائج؟
هل هي إدارات خدمة العملاء والمراجعين في القطاعات الحكومية وشركات القطاع الخاص؟

هل هي نفس هذه الإدارات؟
هل تتوقعون أن تعطيكم هذه الإدارات الرأي الفعلي للمراجع والعميل حيال خدماتها؟
المعلومة المفقودة هي: كيف تصل هيئة الجائزة إلى الرأي الفعلي والحقيقي للعميل والمراجع تجاه الخدمة التي تلقاها هذا المراجع من هذه الجهة الحكومية أو هذه الشركة؟
أيها السادة: هدف الجائزة جميل وموضوعها متميز وهو تجربة العميل، ولكن كيف نصل إلى التقييم الفعلي لتجربة العميل؟ من يتلقاه، ومن يقع التقييم في يده، ومن يستطيع كشفه أو حجبه؟ كلها أسئلة موضوعية يلزم لها إجابة مقنعة لكي تضع الجائزة لنفسها قدماً راسخة في عالم الجوائز.

وإليكم مثالاً قد يُغني: نعرف أن وزارة الصحة أرادت قبل أعوام تكريم بعض فئات المجتمع من كبار السن وذوي الإعاقة ،فأقرت بطاقة أسمتها “أولوية” هذه البطاقة يفترض أنها تمنح حاملها الأولوية لدى مراجعته المستشفيات والمدن الطبية. أحد المستحقين لها حصل على البطاقة وأراد الاستفادة منها في إحدى المدن الطبية. تفاجأ أن العاملين لا يعرفون ما تمنحه هذه البطاقة من حق لحاملها. طرح أسئلة عن جدوى إصدارها ماداموا لا يعرفون عنها شيئاً. أشاروا عليه أن يأخذ سؤاله إلى مدير تجربة المريض في تلك المدينة الطبية. ذهب يبحث عن مدير تجربة المريض ليعرف منه جدوى هذه البطاقة. ومن 18 أكتوبر 2023 إلى اليوم لم ينزل مدير تجربة المريض من برجه العاجي ليتواضع ويقابل المواطن حامل بطاقة أولوية.

يا سادة يا كرام: أي تجربة عميل وأي تجربة مريض تتحدثون عنها؟
أي تنظير وأي فلسفة يتم صفصفة الكلام حيالها، طالما أن مكتب مدير تجربة المريض لا يوجد في مدخل المستشفى وأمام المتعاملين والمراجعين، لا أن يكون في الأدوار العليا وقبله بوابات مغلقة لا يتمكن من اجتيازها إلا من كانت لديه صفة اعتبارية؟
تساءلنا في وقت سابق: ما دور إدارات “تجربة العميل” و “تجربة المريض” إن لم يُؤخذ الاستماع لصوت العميل وتقييم المُراجِع على محمل الجِد، وأن يكون لتقييم المراجع وصوت العميل الأثر الأقوى في الحكم على هذه الإدارات وتغيير قياداتها؟
‏”إن الإدارات الوسطى في بعض القطاعات الخدمية ،تلعب دوراً لا يستهان به في إهدار جهود كبيرة تبذلها قطاعات الدولة، بل إن هذه الإدارات تكون سبباً مباشراً في رسم صورة سلبية لدى الناس الذين يتلقون الخدمة.

‏ختاماً: نقول إن الجوائز منهج يحفز على التجويد ورفع الجودة وتمام العمل والمنافسة الشريفة، غير “إن من يتلقى الخدمة هو الأقدر على تقييم الخدمة”. فهل نأمل أن يكون صوت العميل ورأي المراجع هما الأقوى في ذهاب جائزة تجربة العميل لمن يستحقها؟

ogaily_wass@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *