قضية

مختصون يستغربون تراجع العلاقات والتواصل.. قيم مجتمعية تختفي بعد رمضان

جدة – ياسر خليل

أيام ونودع شهر رمضان المبارك بعد أن جمع الأهل والأقارب والأصدقاء في مختلف المناسبات التي يتسم بها الشهر الفضيل، وما أن تنتهي أيام العيد تتراجع العلاقات الاجتماعية ويصبح كل فرد مشغول بحياته، ويظل السؤال: لماذا تتراجع العلاقات الاجتماعية بعد انتهاء رمضان ؟

بداية يقول أستاذ الصحة العامة استشاري طب الأسرة والمجتمع البروفيسور توفيق أحمد خوجة: الدروس المستفادة من الشهر الفضيل كثيرة وعديدة ولا يمكن حصرها من جميع النواحي الصحية والاجتماعية والتربوية، ففي هذا الشهر الفضيل يكتسب الفرد الكثير من القيم الروحية والأخلاقية والإنسانية والمعنوية وبذلك يدرك أهمية رمضان، كما أن أهم ما يميز هذا الشهر هو الجمع المبارك بين الأهالي والأقارب والأصدقاء وهذه أكبر ميزة ونعمة من الله سبحانه وتعالى للمسلمين في شهر رمضان.


ولفت البروفيسور خوجة إلى أن ظروف الشهور الأخرى ليست كرمضان، إذ تتراجع الكثير من الملامح وهذا لا يعني تراجع التكافل والتراحم والتواصل بين الناس، بل تتحكم الكثير من الأمور في حياة وأوقات الأفراد، ولكن في جانب العبادات فأنه لله الحمد فأن الفرد يحرص على إتباع الكثير من الروحانيات الرمضانية كالصيام والإكثار من النوافل وأعمال الخير.
ونصح البروفيسور خوجة جميع أفراد المجتمع بغرس القيم الرمضانية في نفوسهم حتى بعد انتهاء الشهر الفضيل الذي يترك في نفوسنا أعمق الأثر، فرمضان مدرسة تربوية في الصبر والاجتهاد والعمل ونبذ الخلافات وتعزيز التواصل الاجتماعي وغير ذلك من الصفات الحميدة.


وفي السياق ذاته، يقول المستشار الاجتماعي طلال محمد الناشري: شهر رمضان يحمل في أيامه خصوصية وروحانية مختلفة، ففي هذا الشهر تهدأ الأنفس ويسود الطمأنينة والأمان والود أكثر، وبذلك فإن الدروس المستفادة من الشهر الكريم لا يمكن حصرها من جميع النواحي النفسية والاجتماعية والتربوية ، بجانب اكتساب العادات الصحية.
وتابع الناشري: هناك عبارة تحمل الكثير من المعاني الإنسانية والسامية والروحانية وهي “رمضان يجمعنا” ، فكثيرًا ما تلتقي الأسر والأقارب والأصدقاء على موائد الإفطار والسحور، وتتعزز صلات الرحم فهذه اللقاءات الجميلة تجسد روحانية وقوة الشهر الفضيل في لم الشمل والتقارب، فأيام رمضان تجمع بين فضائل العبادة وأعمال الخير والإنسانيات.

وخلص الناشري إلى القول: للأسف بعد انتهاء رمضان من الطبيعي تتغير الملامح الاجتماعية التي كانت سائدة في رمضان ويتراجع التواصل بين الناس، ربما نتيجة ظروف وارتباطات العمل وضيق الوقت، وبذلك يجب على جميع أفراد المجتمع الحرص على استمرارية صور التواصل الإنسانية وملامح التكافل بين الأقارب والأصدقاء في جميع الشهور كما كان الحال في رمضان.

ويتفق استشاري الطب النفسي الدكتور محمد اعجاز براشا مع الآراء السابقة ويقول: رمضان شهر استثنائي يأتي ويذهب بسرعة، ولكن من أبرز جماليات هذا الشهر أنه يعلم الفرد الكثير من المبادئ والقيم، فندرك قوة الصيام في كيفية جعل الشخص يكتسب عادات وسلوكيات تجعله فردًا يتمتع بجودة الحياة، كما نلاحظ أنه في هذا الشهر يكون الفرد من الجانب النفسي أكثر استقرارًا وهدوءا بعيدًا عن القلق والتوتر لأنه مع روحانية الشهر يدرك عظمة الصيام، ولكن في الأيام الاعتيادية فأنه يكون مزحوما بجدول أعماله وتزداد مهامه فلا يجد الوقت للجوانب الاجتماعية.


وتابع براشا: الدراسات العلمية العالمية عجزت عن وصف فوائد الصوم لكثرة فوائدها على صحة الإنسان وخصوصاً في الجوانب النفسية والاجتماعية والصحية، إذ يشعر الصائم وخلال يومه بالراحة التامة للجسد والتسامح مع الآخرين لأن أداء العبادات وتحديدًا قراءة القرآن الكريم والصلوات المفروضة وصلاة التراويح في جماعة تؤدي لانبعاث طاقة إيجابية هائلة تساعد الفرد على تقوية المشاركة الاجتماعية مع الآخرين، وضبط النفس والبعد عن كل ما يغضب الله سبحانه وتعالى.
واختتم الدكتور براشا أن رمضان في حد ذاته يعتبر مدرسة علاجية لمواجهة الأمراض وكثير من السلوكيات الخاطئة؛ لكونه يعتبر حافزا يولد القدرة على تحمل ضغوط الحياة ومواجهتها مما يؤدي إلى الاستقرار النفسي، وإعطاء الفرد قوة إرادة للتغير نحو الأفضل وإحساس الجسد بالراحة التامة والسكينة الداخلية ، لذا فليحرص الفرد على أن يكون رمضان في دواخله حتى في الشهور الأخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *