تابع الكثيرون بشغف ،تلك اللقطات السريعة التي نشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لطفلة صغيرة حاولت أكثر من مرة تقبيل الحجر الأسود، في وقت يشهد فيه صحن الحرم المكي الشريف ،إزدحام أعداد كبيرة من المعتمرين، الذين وقف بعضهم صفوفاً، بانتظار اللحظة التي يقبلون فيها الحجر الأسود. حاولت الطفلة ،إختراق الصفوف للمرة الأولى ،ولكنها لم تنجح ،وحاولت للمرة الثانية ،وأُعيدت من قبل رجال الأمن خوفا عليها من الزحام، ولكنها لم تيأس وكرّرت المحاولة للمرة الثالثة بتشجيع من والدها ومن بعض المعتمرين من حولها. ونجحت بتقدير ممتاز بمساعدة أحد رجال الأمن الذي سارع إلى حملها ومكّنها من تحقيق رغبتها بتقبيل الحجر الأسود، وفي حين اتسعت ابتسامات المعتمرين ، مشجعة ومقدّرة لهذا الموقف النبيل من رجال الأمن .
عادت الطفلة إلى حضن والدها تغمرها السعادة بما حققت ،بينما بادر والدها بمصافحة رجل الأمن امتناناً على حسن صنيعه ، ولاشك أن هذا الموقف الإنساني من رجال أمننا الأبطال، ما هو إلا واحد من مواقف عديدة نشاهدها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ،تؤكد الدور الايجابي لرجال الأمن الذين يبذلون كل مافي وسعهم لخدمة الحجاج والمعتمرين وراحتهم ، وليست هذه اللفته من رجال الأمن السعودي نحو هذه الطفلة الصغيرة، إلا نموذجاً حياً لما يبذله كل واحد منهم في جميع أرجاء المشاعر المقدسة، مستشعرين عظم المسؤولية الملقاة على عواتقهم ، وهي مسؤلية لا تقتصرعلى حفظ الأمن وهي مهمة عظيمة ،بل تجدهم عيوناً تسهر على الأمن، وأيدٍ حانية تمتد بالعون المساعدة لمن يحتاج إليها من ضيوف الرحمن ،في انسجام تام مع بقية الجهات المشاركة في موسم الحج والعمرة ،وكم شاهدنا من مواقف إنسانية دافئه ورقيقة تلامس الحنايا والمشاعر في كل موسم، تصدر عن رجال الأمن السعودي ،وهم يتسابقون فيما بينهم لمساعدة حاجًا مسناً على رمي جمرة العقبة، وآخرون يقومون بمساعدة والرجل والمرأة ،الصغير والكبير، وإرشاد التائهين ،وسقاية ضيوف الرحمن بالماء والعصائر، ورشّ رذاذ المياه على رؤوس الحجاج على مداخل جسر الجمرات للتخفيف من وطأة حرارة الشمس الشديدة قدر المستطاع ، والابتسامة تعلو محياهم، متناسيًن أنفسهم والعرق يتصبّب على وجوههم ، ولعل ممّا يستوجب الذكر هنا ،أن عدداً كبيراً من رجال الأمن المنتشرين على امتداد المشاعر المقدسة والحرمين الشريفين ،يجيدون أكثر من لغة، الأمر الذي يساهم في كسر حاجز اللغة بينهم وبين الحجاج والمعتمرين، ويسهل الحديث معهم وتقديم العون والمساعدة لهم في كل وقت وحين.
وبعد ، فإن هذه اللفتات الإنسانية التي يسطّرها رجال الأمن الكرام من مختلف القطاعات العسكرية وعلى مختلف تخصصاتهم ورتبهم ، ماهي إلا امتداد لما تبذله بلادنا من جهود عظيمة لخدمة ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين من جميع دول العالم ، ممّا يتيح لهم أداء مناسكهم بكل راحة ويسر وهي خدمات رائعة تقابل بالشكر والتقدير والدعاء.