عندما نعود بذاكرتنا إلى الوراء، نجد أننا نقف أمام متحف ممتلىء بالذكريات و المواقف الجميلة و الحزينة و التي من شأنها بناء خيرة كافية لمواصلة رحلتنا في الحياة، كما أن الكثير من المشاعر المختلفة قد نعيشها من جديد بالرغم من وقوعها في الماضي ، وقد تكون هذه الذكريات قد تركت أثراً كبيراً في الذات.
و يرتبط الأفراد بذكرياتهم ارتباطاً وثيقاً و ذلك بسبب تكون قاعدة من المشاعر و التي تبني المعتقدات و السلوكيات لدى الفرد ،و هذه القاعدة كثيرًا ما يعتمد عليها الفرد في حاضره ومستقبله و تتجسّد في الخبرات التي اكتسبها من تلك المواقف و الأحداث الماضية ،كما أن الفرد الذي ليس لديه ماضٍ ، لن يكن له حاضر بسبب قلة خبراته في تعامله مع المواقف المتغيرة.
ولكن ماذا لو أصبح الفرد أمام متحف ماضيه ،يتأمل موقفاً محدداً فقط و تمر عليه الأيام و هو يصب تركيزه على هذا الموقف الذي حصل له منذ زمن طويل ؟
وربما يجعل تركيزه على عدة مواقف بغض النظر عن طبيعة الموقف و يظل واقفًا أمامها ناسيًا أن الوقت الذي يقضيه في تأمل الألم أو الفرح الماضيين دون أي حراك .
و من المؤلم جدًا على الفرد ،أن يفقد قدرته على الشعور بالرضا تجاه ذاته و هذا الشعور قد يتفاقم و يتسبّب لذاته بجلد ذاته بشكل مستمر، و هذا يحدث بسبب بعدم التحرك و التقدم و التوقف التام عن ممارسة الأخطاء التي تصنع الانسان ،فالفرد يبلغ أعلى مراتب الرضا و النجاح بعد خساراته المتعددة و الساحقة.
ولقد سُميّ الماضي بالماضي ، لأنه مضى أيًا كانت حلاوته و مرارته، و على الفرد أن يعي أنه مازالت لديه الفرص لأن يخسر و يفشل و ينجح من جديد ،و عليه أن يأخذ الأسرار الكامنة في الماضي و يمضى قُدمًا إلى الأمام إلا و هي الخبرات و الأسباب التي جعلته يخسر أو ينجح حتى و عليه أن يعرف أن فشلًا واحدًا ،لا يعني نهاية قصته ،و كذلك أن نجاحًا واحدًا ،لا يعني أن رحلته قد انتهت ،بل عليه مواصلة التحرك نحو مواجهة التحدّيات، و أن متحف الماضي يصنع المستقبل، لا أن يوقفه.
fatimah_nahar@