رحم الله أخانا وصديقنا العزيز الشاعر محمد حبيب علوي الذي عرفناه صديقاً وزميلاً لنا في الخطوط الجوية العربية السعودية، حيث كان يعمل في إدارة خدمات الركاب في محطة جدة ،وكان محباً للشعر، عاشقاً للكلمة المجنّحة الجميلة، وكان يبعث ببعض قصائده إلى مجلة عالم السعودية التي كانت تصدرها ادارة العلاقات العامة والإعلام بالخطوط السعودية، التي كنت أعمل بها، كانت قصائده هي ثمرة ناضجة لذوبان مشاعر وأحاسيس دافئة ورقيقة تلامس الحنايا والمشاعر ، قصائد ذات إيقاع كأنها خفقات قلب، وإرهاصات بوح يسكن الشعر داخلها، تؤكد أن الشعر هو أقدر الفنون الجميلة على تكثيف الحالة الإنسانية، ونقلها صافية مقطّرة إلى المتلقي.
ويوم انتقل للعمل معنا في إدارة العلاقات العامة والإعلام وتوطدت علاقتنا به،عرفناه إنساناً محباً للخير وللآخرين، تستوقفك في شخصيته مواقفه الجميلة ورغبته الأكيدة في التواصل مع تيار الحياه والناس.
لقد نشر الأستاذ محمد حبيب علوي العديد من الدواوين الشعرية، التي تحمل في طياتها جهداً فنياً وشعرياً وحرارة داخلية لتجربة روحية وفكرية واجتماعية خاصة، لاتحول تجربة الصياغة الشعرية دون وصول أدقّ معانيها للقارئ.
من الصعب أن نتطرق في هذه العجالة السريعة لبعض من قصائدة ، ولكنني اخترت له قصيدة “لاتلمني”علّها تعطي ملمحاً من شعر، هوعصارة روح وذوب قلب:
رائعُ الخطواتِ مهلاً
إنني للحسنِ تابعُ
قد جرحني منك لحظٌ
حدُّه كالسيفِ قاطعُ
وجذبني منك قدٌّ
مثمرٌ كالغصنِ يانعُ
وسحرني منك شَعرٌ
ذهبيُ اللونِ لامعُ
أنتَ للعشاقِ عطرٌ
من عطورِ الروضِ جامعُ
أنتَ للسمّارِ بدرٌ
نورُه كالبدرِ ساطعُ
أنتَ للشعراء طيفٌ
رَسمُه بالحرفِ رائعُ
لا تلمني إن ذهلت
أو صدحت بالبدائع
أوتلمني إن سقمت
حين ألقي الودَّ صائغُ
أوتلمني إن رسمت
فوق بابك بالبدائعُ
لاتلمني ياغزال
فالهوي للصبِّ لاذعُ
لا تسارع ياغزال
في خطاك لاتسارعُ
أستميحكَ إن طلبتُ
خطبَ ودك لاتمانعُ
أو أتيت ذات يومٍ
نحو دارك أن تبايعُ
رحم الله أخانا وصديقنا العزيز الشاعر محمد حبيب علوي ،الذي رحل كريماً، متواضعاً، وترك لنا ذكريات زمن جميل لاتنسى.