مازال العدو الصهيوني مستمراً في ارتكاب أبشع الجرائم التي يشهدها العالم في العصر الحديث ضدّ أهل غزة منذ أكثر من خمسة أشهر أمام أنظار العالم الذي يصفونه ظلماً بالمتحضّر حيث يسيطر خبر هذه الجريمة البشعة على الصفحات الأولى في الجرائد الغربية بشكل يومي دون أن يصحب ذلك أي تحرّك من هذه الدول أو من المنظمة الدولية لوقف هذا العداء ووضع حدّ لهذه الغطرسة الصهيونية والانتهاكات اليومية المستمرة للقانون الدولي.
لقد خلق العدو الصهيوني بعد هذه الجرائم التي ارتكبها في غزة ، بيئة كراهية وعداء بينه وبين العرب والمسلمين ستمتد لسنوات طويلة قادمة بمساعدة الآلة العسكرية الأمريكية وبقية العالم الغربي.
لم يكتف هؤلاء بتقديم الدعم العسكري فقط بل أتبعوه بالدعم الإعلامي إلى الدرجة التي يعيدون فيها أحداث يوم واحد فقط هو السابع من أكتوبر ويجترّون ما حصل فيه مع إغفال كبير لأكثر من 160 يوماً من القصف الجوي والبحري والبري لشعب غزة الصامد حتى الآن أمام هذا العدوان.
يشعر القارئ لصحفهم والمشاهد لقنواتهم الإعلامية، أن هؤلاء الصهاينة هم الضحايا إذ يستخدم الإعلام الغربي مصطلحات عامة والضمير المبني للمجهول عندما يتعلّق الأمر بخبر جريمة يرتكبها العدو الصهيوني لكنه ينقلب رأساً على عقب عندما يتعلق الأمر بأي دفاع عن النفس يقوم به الفلسطينيون ويصبح الإرهاب التهمة الجاهزة التي تنتظرهم.
ولعل خبر البي بي سي حول حادثة الطفلة الفلسطينية هند رجب ذات الست سنوات التي قتلها العدو مع أفراد عائلتها وطاقم الإسعاف الذي كان يبحث عنها ، خير مثال على هذا. يقول الخبر أنه تم العثور على هند ميتة found dead دون أن يذكر الخبر في عنوانه العريض القاتل الحقيقي باستخدام الضمير المبني للمعلوم وهو هنا العدو الصهيوني. هذا هو الأسلوب المتبع في تغطية الأخبار عندما يكون العدو الصهيوني هو المرتكب لهذه الجرائم وقد دأبت الصحافة الغربية على هذا منذ زمن طويل حيث يستخدمون عبارة “قُتِل في تبادل لإطلاق النار” killed in crossfire لإخفاء الفاعل الحقيقي فعملية القتل تمت بسبب وابل كثيف من الرصاص الذي يأتي من جهات متعددة. أو كما استخدمتها جريدة التايمز البريطانية come under fire أي “يبدو أن سيارة عائلة هند تعرضت لإطلاق نار” دون ذكر مطلق النار المجرم هذا.
وتبقى تهمة العداء ضد السامية، التي تحدّثنا عنها سابقاً في هذا المكان، جاهزة لكل إعلامي يقع في جريمة انتقاد إسرائيل، ولعل الهجوم الأخير الذي شنّه اللوبي الإعلامي الصهيوني على لاعب انجلترا الشهير جاري لينيكر، الذي يقدّم برنامجاً رياضياً في البي بي سي، يوضّح ذلك. كانت جريمة لينيكر أنه أعاد تغريدة تطالب بحرمان إسرائيل من المنافسات الدولية في كرة القدم. حذف المهاجم الشهير هذه التغريدة لاحقاً بعد ضغوط صهيونية عليه.
لن ينجح الإعلام الغربي بتحسين صورة كيان عنصري جبان يستغل القوة العسكرية الغربية لقتل الأطفال والأبرياء العزّل فهؤلاء كشفهم القرآن الكريم قبل أكثر من أربعة عشر قرناً: “لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصّنة أو من وراء جُدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتّى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون.”