اجتماعية مقالات الكتاب

“متلازمة جوسكا” عندما تكلم نفسك طويلاً

متلازمة جوسكا “Jouska Syndrome” أو ما يطلق عليها صراع العقل الغريب ” The odd mind conflict” واحدة من الاضطرابات العقلية النفسية، حيث يقوم الفرد بالحديث مع نفسه بصمت أو بصوت عال واجتراح وإدارة حوارات وسيناريوهات افتراضية طويلة في عقله، وقد تستغرق هذه الأحاديث فترات وتكون إيجابية أو سلبية، لكن معظم المصابين بهذه المتلازمة النفسية هم أفراد ذوو أفكار سلبية، ويميل المريض بها للإنغلاق والإنعزال والشرود وعدم الانتباه، ومع أنه من الطبيعي أن يتحدث الإنسان مع نفسه أحياناً لفترات محدودة لترتيب وتنظيم أفكاره لمواجهة المواقف، إلا أن المصابين ب “متلازمة جوسكا”، يحاورون ويكلمون أنفسهم فترات طويلة، وينجم عن هذه المتلازمة، ميل المريض إلى طي الأحاديث وكتمانها داخل عقله، وعدم الإفصاح عن أفكاره، وعدم مشاركته أحاسيسه ومشاكله مع الآخرين حوله ، وخلق عالم افتراضي وهمي له في عقله الباطن.

هنالك حزمة أسباب تؤدي إلى الإصابة بهذه المتلازمة،بعضها يتراكم منذ الطفولة، أهمها الأحداث المؤلمة ،وهزّات الجو الأسري ،والقسوة الشديدة التي يتعرّض لها الطفل، كذلك ضعف العلاقات الإجتماعية وما تجره من انعزال ووحدة للشخص، وانعدام الأصدقاء الحقيقيين الذين يفصح لهم الشخص عمّا يواجهه من مشاكل ، وخذلان أحبة وفقدان آخرين أعزاء لهم دوركبير في حياة الشخص، بجانب تداعيات الشعور بالعجز والحرمان، علاوةً على أن مرضى انفصام الشخصية وبعض المصابين ببعض الأمراض الوراثية ، التي ترتب أمراضاً عضوية أو عقلية، لهم قابلية أكثر من غيرهم للإصابة بهذه المتلازمة.

وتنطوي أعراض “متلازمة جوسكا” على الأفكار السلبية السوداء المتشائمة التي تعتري الشخص وتدعه منعزلاً وشارداً وغير منتبه لما حوله وللعالم، بجانب الإصابة باكتئاب حاد وقلة الشهية للطعام وفقدان الدافع في الحياة والانطواء والعزلة عن العالم والتوهم بمحاورة أشخاص غير موجودين في الواقع وعزوفه الشديد عن المناسبات الاجتماعية وغيره.

طرق العلاج تتمثل في المعالجة السلوكية المعرفية لتقليل أعراض المتلازمة ، ومتى ساءت حالة المريض، فينبغي عليه مقابلة الطبيب النفسي لمعاونته في القضاء على الأفكار السلبية ، وتبني أخرى إيجابية، وتعزيز ثقته في نفسه عبر تغيير نمط حياته اليومي، ومصادقة أشخاص جُدد، وعلى المريض كتابة الأفكار التي تتداعى في عقله بشكل يومي منتظم، بغية تنظيمها والتحكُّم فيها ، وتزجية أوقات الفراغ في أنشطة كالألعاب الرياضية والمشي وإشباع الهوايات، وعلى الأسرة والمجتمع، مساندة المريض معنوياً، ومشاركته المناسبات الاجتماعية ، وعدم تركه فريسة للعزلة والوحدة، وعلى المريض مصارحة ذاته والتسليم بأنه يعاني من المتلازمة.

أخلص إلى أن عدم الاهتمام بمريض “متلازمة جوسكا”، قد يفاقم الأعراض ، بحيث ينعزل المريض مع من حوله، وقد يترك عمله ومحيطه الاجتماعي ويدخل في حالات متأخرة من الاكتئاب، كما قد يصاب بمرض عضوي أو نفسي خطير.
• باحثة وكاتبة سعودية

J_alnahari@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *