تجاوز المنتخب السعودي المرحلة الأولى من الصراع الآسيوي، وتأهل لثمن النهائي للمرة الثامنة خلال تاريخ مشاركاته التي امتدت للرقم العاشر. المكاسب الأخيرة أكدت أن هذا المنتخب الشاب لديه الرغبة في كتابة التاريخ من جديدة، والملامح بدأت من لقاء عمان التاريخي، الذي تجلت فيه شخصية اللاعب السعودي وقوة شكيمته. الأخضر السعودي في دوحة قطر قلَب المعادلة، وتصدر مجموعته بكل اقتدار، وكبح جماح الظروف الصعبة التي أحاطت بمسيرته، وتحديداً قبل انْطِلاق المعمعة، حيث ساور المحبين مخاوف، بعد تصريحات المدرب ما نشيني، الذي أطلق تصاريح نارية، وكشف ملابسات إبعاده للعديد من اللاعبين، الذين يحملون قيمة فنية، وأخرينيتمتعون بروح الشباب غير أن همة وجموح لاعبي الأخضر أزالت المخاوف، وقلبت الطاولة، وجاء الفوز على عمان ليسلخ كل المشاكل ويعيد التوازن، واكتملت أهزوجة الفرح بعد التغلب على منتخب قيرغيزستان، الذي فقد عنصرين بداعي المخاشنات علاوة على تلقيه هدفين من لاعبي الوسط السعودي محمد كنو والغامدي، واللافت أن الثنائي يلعبان في منطقة المحور في إشارة إلى أن المنتخب السعودي بمقدوره التسجيل حتى لو غابت فعالية المهاجمين، وتلك ميزة لا تتوافر إلا في الفرق والمنتخبات الكبيرة. أعود لمسيرة الأخضر، فالمرحلة المقبلة قد تكون أكثر وعورة. صحيح أن المعنويات مرتفعة والجميع حاضر، ولديه الرغبة في تحقيق الفوز ومواصلة مشوار البحث عن المجد الغائب منذ عام 96م، وتلك مسافة عريضة لا نستحق الغياب؛ عطفاً على الإمكانات التي وفرت للرياضة السعودية، وباتت فرقنا ولادة لعناصر متميزة، ويكفي أن أفضل لاعب آسيوي حالياً يتوشحه قائد الأخضر سالم الدوسري، الذي لم يظهر خلال النزالين الماضيين بالصورة المأمولة، لكن الكبار قد يختارون الوقت المناسب في الحضور والتجلي. المنتخب السعودي في رحلته الآسيوية يخوض تحديًا مع الذات والخصم، وهذا الجانب يدركه جيداً المدرب مانشيني، وبقية العناصر وكتابة النصر تحتاج لعمل مضاعف؛ لأن منتخبات العراق والأردن وكوريا واليابان وإيران تطورت كثيراً، ويفترض أن نتجاوزها على صعيد العطاء والأداء إذا كنا ننشد العودة لقمة القارة الأكبر، التي لا تتاح إلا للمتميز عن البقية، وفي تصوري أن الكرة الآن في مرمى اللاعبين والجهاز التدريبي، بعد أن وُفرت لهم كافة الإمكانات، ويتبقى ترجمتها على أرض الواقع. صحيح البطولة الآسيوية الحالية ليست ضمن مشروع الحصاد، ولكن ذلك لا يمنع من نيلها ومعانقتها؛ لأن ذلك سيختصر مسافة التحضير للبطولات الأقوى والأصعب. اللافت خلال المنافسات الآسيوية التي نستمتع بعطاء نجومها ونتائجها التي يكسوها الصراع الرمق الأخير من المباريات، لكن ما يعكر تلك الأجواء التصادم مع بطولة أخرى لا تقل عطاء وأداء، المتمثلة في بطولة أمم أفريقيا، التي يتواجد فيها نخبة من اللاعبين الأفارقة، الذين يمثلون فرقنا في مشوار الدوري، وبغض النظر عن تواجد مثل تلك الأسماء تظل قيمة القارة الأفريقية جاذبة للاهتمام، وعدم تنسيق مواعيد البطولات القارية يعكس ضعفًا في الإدارة والتخطيط من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم، وينبغي على «الفيفا» أن يضع الجماهير والتسويق الكروي في المقام الأول، ويلغي مثل تلك التداخلات التي لا تمنح المراقب الكروي المتعة.