أصابت جنوب أفريقيا السردية الصهيونية في مقتل بعد مرافعتها التاريخية في محكمة العدل الدولية ضدّ هذه الدولة المارقة التي ارتكبت جرائم إبادة جماعية في غزة. كانت هذه السردية تعتمد على أنها تدافع عن النفس ضدّ ما حصل لها في يوم واحد هو السابع من أكتوبر في الوقت الذي تتجاهل فيه أكثر من ثلاثة أشهر من الجرائم اليومية ضدّ الأطفال والنساء والشيوخ وشعب أعزل جريمته أنه يقاوم إحتلالاً عنصرياً بغيضاً.
لا يعترف العدو الصهيوني بالسياق التاريخي للاحتلال قبل السابع من أكتوبر ولا يريد أن يناقش هذا الأمر ويكتفي فقط بذكر السابع من أكتوبر ثم يختلق ويكذب ويزيّف قصصا غير حقيقية عن انتهاكات قام بها الفلسطينيون في هذا اليوم فقط ليبرّر ما يقوم به من جرائم فضحتها جنوب أفريقيا على الملأ. كان سرد الجرائم أمام المحكمة، بغضّ النظر عن مدى تفّعيل قراراتها، فرصة عظيمة لكشف عوار السردية الصهيونية الكاذبة وضعفها وعدم تصديق العالم لها. يعتقد هؤلاء الصهاينة أن الأمم الأخرى أدنى شأنا من اليهود وأنهم يستحقون الإبادة والقتل، وقد صرّح بذلك بعض مسؤوليهم على الملأ بكل وقاحة.
تقول الرواية التي تكشف هذه العنصرية البغيضة إن يهودياً اسمه شاؤول سيمونوف غادر الاتحاد السوفيتي متوجّها إلى مدينة نيويورك عندما كان مناحيم بيغن رئيساً للدولة للصهيونية وتحديداً إلى حي بروكلين حيث يعيش الكثير من اليهود بلا خوف ولا مراقبة ولا احتقار؛ وليس كما حدث في أوروبا وتحديداً في ألمانيا النازية التي أسرفت في قتلهم وتعّذيبهم وتشّريدهم. شعر سيمونوف بالزهو والفخر وهو يرى بني جلدته يعيشون في هذا الحي اليهودي بكل حرية واطمئنان ورخاء.
كان يقرأ أسماء المحلات في الشارع بكل زهو إذ كانت مكتوبة باللغتين الإنجليزية والعبرية. لكن هذا الفرح والانتشاء ذهبا سريعاً عندما صدمته لافتة بالانجليزية فوق دكان يبيع الساندويتش مكتوباً عليها بلغة واضحة “ممنوع دخول اليهود”. شعر شاؤول سيمونوف بالغضب الشديد إذ لم يتوقّع هذه العنصرية البغيضة التي أفسدت عليه لحظته السعيدة وقرّر أن يدخل هذا البوفيه العنصري. قال لصاحب المحل: أنا شاؤول سيمونوف، مهاجر من أوديسا.
جئت للتعارف فقط. ردّ صاحب الدكان مبتسماً: وأنا موشيه ليفي كاغانوفيتش، مهاجر من أوكرانيا. سكت شاؤول برهة ثم انفجر قائلاً: أنت إذن يهودي مثلنا، وتتنكّر لإخوتك وأهلك؟ لماذا تحرّم عليهم أن يأكلوا ويشربوا في هذا المحل. ما هذا العقوق؟ قاطعه موشيه ليفي كاغانوفيتش هامساً: وأنت هل ذقت طعامي؟ هل رأيت كيف نعدّ الطعام في هذا المطبخ قبل أن تتهمني بمعاداة السامية؟ تعال وانظر بنفسك. شعر سيمونوف بسعادة كبيرة إذ إن هذا الطعام والشراب لا يليق بشعب الله المختار. هذه القذارة والغش والغلاء في السعر لا تصلح إلا للكفّار من غير اليهود أو الجوييم كما يطلقون عليهم في العبرية. بارك سيمونوف هذا العمل النبيل وغادر المحل وهو ينظر إلى تلك اللافتة مبتسماً بكل خبث وشيطانية.
khaledalawadh @