قضية

اجتماعيات يحذرن من الانعكاسات السلبية..التفاعل مع «الفارغين» فضول أم تشجيع لـ«الخواء الفكري» ؟

جدة – ياسر خليل

ارتفعت نسب التفاعل بين أفراد المجتمع على مختلف منصات التواصل الاجتماعي مع المشاهير، الذين يبثون محتوى غير ذي قيمة عبر حساباتهم، يوصلهم لدرجة “هبوط الذوق”، وهو ما قد يشكل انعكاسات سلبية على المجتمع، وخصوصًا جيل اليافعين والمراهقين، الذين لا يترددون في تشجيع هؤلاء على “الخواء الفكري”.

“البلاد” ناقشت القضية مع المختصات الاجتماعيات لرصد أبعاد التفاعل مع مثل هؤلاء المشاهير؛ إذ تقول الأخصائية الاجتماعية غالية الزهراني: بداية دعوني أسترجع مقولة العالم ابن خلدون حين قال في كتابه الشهير (مقدمة البلدان): في طبقة المجتمعات في كل عصر لدينا دائرتان؛ دائرة المؤثر ودائرة المتأثر، والآن في عصرنا أصبح المشاهير هم المؤثرين، والمجتمع هو المتأثر؛ إذ غيروا في العصر الحالي المعتقدات والقناعات والاتجاهات والرغبات والأولويات- وللأسف- فإن بعض المشاهير يقدمون الآن محتوي معرفيًا لا قيمة له، وهدفهم- بالتأكيد- الوصول إلى الشهره والشغف، وفي الاتجاه نجد الغالبية العظمى من المتابعين ينساقون خلفهم وتشجيع تصرفاتهم.


وتابعت: نجد أن بعض أولئك المشاهير تأتي شهرتهم؛ بسبب أفعال غير قائمة على أسس المبادئ الأخلاقية والإسلامية، ويركز العديد منهم على جلب الشهرة، دون التأكد من قيمة المحتوى الذي يقدمه وما تحتويه من قيم ومبادئ، وهذا تأثيره سلبي على المراهقين الذين يرون في ذلك المشهور مثالاً يقتدون به، وهؤلاء أيضاً أصبح هدفهم الوصول لما وصلوا إليه هؤلاء المشاهير، لاسيما فئة الأطفال الذين كثيراً ما يقعون ضحايا لأفكارهم وثقافتهم وتغيير معتقداتهم؛ إذ أصبح المشاهير جزءاً لا يتجزأ من حياتهم.

واختتمت غالية حديثها بقولها: الإشكالية حاليًا المتاجرة بالقيمة الأسرية، وهناك البعض لديهم شخصيتان؛ يظهرون سعادتهم وبالداخل لديهم عقد نفسية لا يستطيعون فهم طبيعة أنفسهم ويشعرون بالتشتت، وهناك أيضًا إشكالية مع ذواتهم ومع حياتهم الخفية، فيبثون أفكارًا لا قيمة لها، وينساق لهم المراهقون للأسف، وعلينا البحث عن محتوي هادف وفكري، لا محتوى بلا قيمة.


وفي السياق ذاته، تقول الأخصائية الاجتماعية إهداء خالد عبدالله الغامدي: من منَّا لا يتابع بعض المشاهير في حياته بشكل مباشر أو غير مباشر، لسبب أو لغير سبب، كالمتابعة في مواقع التواصل الاجتماعي الشخصي، أو لمجرد الاكتفاء والمتابعة على التلفاز، فللأسف بعض من فئة المشاهير يظن أن الناس مهتمون حقاً بقصصهم وأخبارهم. ومن الطبيعي أن يكون هناك فئة تهتم بالمشاهير بصفة عامة، ويشجعوهم ويدعمونهم في مسيرتهم؛ حباً فيما يقدمونه من محتوى، لذلك من الصعب تحديد الدوافع الدقيقة لتفاعل الأشخاص مع المشاهير ومتابعتهم، فقد يكون هناك من العوامل المختلفة؛ كمتابعة المشهور لداعي الفائدة أو التعليم أو البحث عن شيء ما.


وتواصل إهداء، قائلة: قد يكون هناك أشخاص يشعرون بالفضول في معرفة المزيد عن حياة المشاهير ومشاكلهم الشخصية، أو متابعتهم لملء الفراغ، فيبحث الشخص عن أي شيء لأشغال وقته، سواء كان هذا الانشغال مفيدًا أو غير ذلك، لكن في بعض الأحيان يسوء الأمر وتنقلب المتابعة لمشكلة اجتماعية، فقد يستمتع البعض بمشاهدة السخافات والتسلية التي يقدمها المشاهير، وهذا بالطبع يؤثر على حياتهم الصحية والنفسية والاجتماعية، وينتج عن ذلك البدء في مقارنة الحياة الطبيعية البسيطة بحياة هؤلاء المشاهير، فيسبب ذلك عدم التوازن والاستقرار الداخلي وعدم القناعة بالذات، واهتزاز الثقة بالنفس.

ونصحت إهداء جميع مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي بتوخي الحيطة والحذر قبل متابعة أي محتوى، وتجنب التفاعل مع المواضيع السلبية وغيرها المحظورة التي لا تخدم الفرد ولا مجتمعه.


وحول كيفية حماية المجتمع من الأفكار السلبية التي ينتهجها بعض المشاهير، تقول الأخصائية الاجتماعية نوران خالد: لحماية المجتمع من الأفكار السلبية التي ينتهجها المشاهير يمكننا اتخاذ إجراءات عدة تساعدنا في الحفاظ على أفكار وسلوكيات المجتمع، ومنها التوعية والتثقيف، فهما مهمان جداً في نشر الوعي وتعزيزه بشأن مواجهة هذه الأفكار السلبية، وأثرها الضار واستبدال المعلومات الخاطئة بمعلومات صحيحة.

وأشارت نوران إلى أن من الأمور المهمة لحماية المجتمع، الحوار البناء الهادف بين أفراد المجتمع ومناقشة الأفكار السلبية، والبحث عن حلول دعم النماذج الملهمة والإيجابية الناجحة في المجتمع، وتشجيعها وتسليط الضوء عليها، والتركيز على الشخصيات الشابة التي ظهرت على الساحة مؤخراً، الذين ساهموا بإضافة أشياء مفيدة للمجتمع في مجالات عدة؛ كالصحة أو الفن أو التكنولوجيا والأدب، ونشر الإعلام الإيجابي ودعمه وتعزيزه في المجتمع ودعم وسائل الإعلام التي تنشر محتوى هادفاً وملهماً من خلال البرامج والأفلام والموسيقى التي تعكس القيم الإيجابية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *