اجتماعية مقالات الكتاب

المنتزهات الوطنية .. ثقافة وسياحة وعلاج للطبيعة

تتميز المنتزهات الوطنية بوجود الغطاء النباتي والمساحات الخضراء الشاسعة ، والتي تحتضن تنوعاً كبيراً من الكائنات الحية.
وتعد هذه الثروات الطبيعية الوطنية أحد أهم المساحات الطبيعية لامتصاص ثاني أكسيد الكربون وتخزينه في الأشجار والنباتات والتربة لتساهم بذلك في توازن الكربون، وتقليل تركيز غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي ومكافحة التغيير المناخي، ولها دور ريادي وحاسم في حماية المناطق الطبيعية والنظم البيئية والحفاظ على التوازن البيئي.

كما تعمل المنتزهات الوطنية بما تحويه من غطاء نباتي طبيعي وتنوع كبير من الكائنات الحية، على المحافظة على جودة التربة والحدّ من التصحر من خلال ما تحويه من مواد عضوية وهيكل ترابي يسمح بامتصاص وتعزيز تخزين الكربون في الأرض، بالإضافة الى ما تحويه بعض المنتزهات الوطنية من مسطحات مائية (أراضي رطبة) كالمستنقعات والبحيرات والتي تعمل على تخزين كميات كبيرة من الكربون من خلال ما تحويه من ترسبات عضوية قديمة غنية بالكربون بما يطلق عليه مصطلح الحفاظ على التخزين الكربوني.

بالإضافة الى دور العلاج البيئي للمنتزهات الوطنية، فهي ثقافة وتعليم من خلال استكشاف المناظر الطبيعية وتوفير المعلومات حول التاريخ والجغرافيا والبيئة والحياة البرية والنظم البيولوجية المتنوعة.

كما لها دور بارز للمنظومة التعليمية بمراحلها الدراسية المختلفة ، من خلال تنظيم ورش العمل والمحاضرات والأنشطة التفاعلية التي تساعد الطلاب على فهم مفاهيم الحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي والتاريخ الطبيعي والاستدامة، وهي كذلك تعتبر الأرض الخصبة لوجود المعارض والمتاحف الثقافية والتعليمية من خلال عرض المعلومات والمواد التفاعلية المرتبطة بالتاريخ الطبيعي والثقافي للمنطقة. وهذا يساعد في تنمية الفرص للزوار والطلاب للاستكشاف الذاتي والتعلم من خلال العروض المرئية والمعروضات التفاعلية والذي يساهم في رفع الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي.

كما يساهم ذلك في إبراز المشاكل البيئية المحلية والعالمية مثل التغير المناخي وتلوث المياه والحفاظ على الموارد الطبيعية، وهو كذلك فرصة للباحثين والعلماء والطلاب لدراسة الحياة البرية والتراث الثقافي والبيئة الطبيعية والاستدامة وتطوير مهارات البحث العلمي.

المنتزهات الوطنية هي مناطق طبيعية فريدة وبشخصية مميزة ذات تنوع بيئي وطبيعي جميل يمثل هوية المكان والزمان، وهذا بدوره يمثل أحد أهم عناصر الجذب للسياحة، وشغف الزيارة لاستكشاف المناظر الطبيعية الجميلة والتمتع بالحياة البرية، فهي الموطن لتجارب المغامرة في الطبيعة لما توفره من أنشطة سياحية فريدة مثل المشي لمسافات طويلة وركوب الدراجات والقوارب والتخييم وتسلُّق القمم ورؤية الحياة البرية.

وكون بعض المنتزهات الوطنية ذات بصمات أثرية وتاريخية، فهي مقصد أيضاً لمزار السياح الذين يهتمون بالتراث والثقافة، وتجربة فريدة للتعرف على السكان المحليين وتقاليدهم وأكلاتهم الشعبية ومصنوعاتهم الحرفية، ممّا يضاعف من فرص العمل في القطاع السياحي وتعزيز الأنشطة الاقتصادية المحلية.

ومن خلال ذلك ، تبرز بعض الأنشطة الزراعية التي تعتمد على أساليب الزراعة العضوية المستدامة لإنتاج الغذاء لتحقيق التوازن بين احتياجات الإنتاج الزراعي والحفاظ على التنوع البيولوجي والحماية البيئية في المنطقة ، وتعزيز الاقتصاد المحلي وتوعية الزوار والمجتمع المحلى بالزراعة المستدامة مع الحفاظ على الحياة البرية والتغذية الصحية.

المنتزه الوطني هو التواصل مع الطبيعة الهادئة الجميلة الذي يساعد على السكينة والاسترخاء وتخفيف التوتر وتعزيز الصحة النفسية، فمن خلال روعة المناظر الطبيعية الخلابة والهواء النقي والفرص المتاحة للممارسة النشاط البدني، يجعل من المنتزه الوطني الملاذ للتواصل القوي مع الطبيعة والبيئة المحلية للمنطقة ، وهذا بدوره يعزز الشعور بالتواصل الداخلي والانتماء وتقليل القلق والاكتئاب.

المنتزهات الوطنية هي فرصة للابتعاد عن صخب الحياة اليومية والتواصل مع الطبيعة في بيئة هادئة، وهي كذلك فرصة للإندماج الإجتماعي للتواصل مع الآخرين الذين يشتركون في الإهتمام بالطبيعة والبيئة، ممّا يعزز الشعور بالإنتماء للمجتمع.

bahgethamooh@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *