اجتماعية مقالات الكتاب

العربية لغة الشعر والفنون

تختالُ في زهْوِ المُذِلِّ وحقّهَا
فقطُوفها تدنُو وليسَ تُطالُ
وقوامُها السَّهْلُ المنِيعُ وجوفُها
كهفٌ أحاطَتْ حولهُ الأمثالُ
وكُنوزُها حِكْرٌ على أربابِها
ودُرُوبهَا حفَّتْ بِهَا الأَهوالُ
أبوابُها مفتُوحةٌ لِطِلَابِهَا
فانظُر لِعمرُكَ مَا هُو الإِقبالُ؟

تِبيانُها الذَّوقُ الرَّفِيعُ وكُثبهَا
لا تسْتطِيعُ شِراءَهُ الأَموالُ
تكسُوك مِن حُللِ الجمالِ عباءةً
وحُرُوفهَا الياقُوتُ حِينَ تُقالُ
وكأنَّها الفِردَوسُ حِينَ وُلُوجهَا
وعطاؤُها التَّخلِيدُ حِينَ يُنالُ

لُغَةٌ بِها قصَّ الحكِيمُ بيانهُ
فانْثالَ مِثلَ عُبابِهَا الإفضالُ
وطَّنْتُ نفسِي كَي أسِيرَ بِدَربِهَا
تِرْسًا إِذا أودَى بِهَا الإِهمالُ
أحذُو على خجلٍ حِذاءَ نجُومهَا
رُوَّادهَا وحُماتهَا الأبطالُ
فتعاهَدُوا فِي أن تُوفُوا حقّهَا
كَي تجتَنِي ثمراتهَا الأجيالُ

تُعتبرُ اللُّغة العربيَّة واحدةٌ من أكثرِ اللُّغات تعبِيرًا وجمالًا في العالم ،فهيَ لُغة الشِّعر والفُنون بامتيازٍ .حيثُ تمتلِك قدرةً فريدةً من نوعِها في حياكةِ الكلماتِ والصُّورِ البيانيَّةِ، مُكوّنة لوحاتٍ شعريَّةٍ بالغة الحُسنِ والجمالِ . ولمْ تقتصِر اللُّغة العربيَّة على الشِّعر فحسْب ،بلْ كانتْ ولا زالتْ لُغة الفُنون المُختلفة . ففِي الخطِّ العربيِّ تتجلَّى اللُّغة كفنٍّ تشكيليٍّ يُعبِّر عن الجمالِ والدِّقة حتّى باتَتْ تُنافِس كُلّ لُغاتِ العالمِ في الأزياءِ والاكسسواراتِ وأدواتِ الزِّينة ،كمَا نجِد كلماتها تتآزر مع المُوسيقى فتزيدهَا عذوبةً تخلَّد في الأذهان، وما أن تلمس بعصاهَا السِّحرية النصّ الرّوائِي حتّى تخلقُ داخِلهُ عوالماً خياليَّة تأسِرُ القَارئ.

وقد حظِيت اللُّغة العربيَّة بمكانةٍ عظيمةٍ في العالمِ، حيثُ أصبحَ لهَا يومٌ عالميٌّ يُقام سنويًّا في الثَّامِن عشَر من شهرِ (ديسمبر)، ويُحتفى فيهِ بتارِيخها العريقِ وإسهاماتِها الكبيرةِ في مجالاتِ العِلْمِ والأدبِ والفُنُونِ والفلسفةِ، يُضاف إلى ذلِك مكانتهَا الرُّوحانيَّة حيثُ تَوَّج القُرآنُ الكريمُ اللُّغةَ العربيَّةَ وأكسبَها حُلَّةً عظيمَةً حِين نزلَ بِهَا وفرضهَا على كُلِّ المُسلمين تقرُّبًا وطاعةً..كمَا تتألَّقُ اللُّغةُ العربيَّةُ وتزدادُ جمالًا حِين تُلقِي بضفافِها على شواطِئ الشِّعْرِ والفُنُونِ ألوانًا من الإبداعِ ؛ فحرفِيَّتها العاليةُ ،منحَت الشُّعراء اللُّغة لرسمِ لوحاتٍ شعريَّةٍ تتَّسِمُ بالعُمقِ والجمالِ لتظلّ اللُّغة العربيَّة رمزًا للجمالِ والعُمقِ في الفُنُونِ والشِّعر فهِيَ في أصلِهَا لوحةٌ فنيَّةٌ تَروي ألفَ قصَّةٍ وقصَّة تتجاوزُ حُدُود اللُّغة إلى فضاءَاتِ الفنِّ والجمَال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *