البلاد – الرياض
في ظل التقدم التقني المتسارع ، ظهرت في سوق العمل، مسمّيات وظائف جديدة لم تكن معروفة من قبل مثل: مهندس ذكاء اصطناعي، وباحث ذكاء اصطناعي، وعالم بيانات، وفنان ذكاء اصطناعي، وكاتب ذكاء اصطناعي، ومهندس مدخلات، وخبراء محتوى وغيرها. أوضح ذلك رئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) الدكتورعبدالله بن شرف الغامدي.
وأكد رئيس “سدايا” أن هذا التطور سيُسهم في ظهور 69 مليون وظيفة خلال الخمس سنوات القادمة حسب آخر تقرير عن مستقبل الوظائف الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، مبينًا أن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيُعزز الوظائف البشرية الحالية أكثر من إلغائها من خلال أتمتة بعض المهام وليس الاستحواذ على كل المهام، استناداً إلى دراسة حديثة نشرتها منظمة العمل الدولية. وأشار في الكلمة التي ألقاها خلال أعمال المؤتمر الدولي الأول لسوق العمل ، إلى أن هذه المتغيرات الديناميكية في سوق العمل تقود لتحدّيات استراتيجية تكمن في نقص الموظفين المتمكنين في المهارات الجديدة وتَنَافُسُ جهات العمل على هذا العدد المحدود. وشدّد على أن تطور سوق العمل حاليًا واتجاهاته نحو الذكاء الاصطناعي ليس بالضرورة تهديدًا للوظائف وإنما فرصة لتعزيز القدرات البشرية وإيجاد حلول ابتكارية إذا طُبقت على نحو سليم حسب السياسات والتنظيمات ذات العلاقة، وبصورة عامة فالذكاء الاصطناعي لن يسلب الموظف وظيفته ولكن الشخص الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي ستكون له الأولوية في شغل الوظائف المتاحة. وأضاف أن الإحصاءات تشير إلى أن ما يقرب من 77 % من الشركات حول العالم واجهوا صعوبة في العثور على المواهب التي يحتاجون إليها عام 2023م ، مبينًا أن عدم معالجة هذا الوضع بشكل استراتيجي واستباقي قد يؤدي إلى مخاطر في سوق العمل بحيث يخلق فجوة كبيرة بين الباحثين عن وظائف وسوق العمل.
وأوضح الدكتور عبدالله الغامدي أنه في خطوة استباقية من القيادة الرشيدة لمواجهة هذا التحدي صدر أمر ملكي كريم بإنشاء الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” عام 2019م لتقود أجندة الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في المملكة وتعزيز بناء القدرات المتخصصة وإيجاد حلول مستدامة لسوق العمل متعلقة بهذين المجالين الحيويين، مؤكدًا أنه من خلال الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي التي أطلقت عام 2020م يمكن بإذن الله تحويل الأزمات إلى فرص، وتحويل ثورة الذكاء الاصطناعي من مُهدد إلى داعم لسوقٍ العمل.
وأشار إلى أن الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي تستهدف تأهيل 20 ألف ما بين مختص وعالم وخبير في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي ورفع الوعي لدى 40 % من القوى العاملة في السوق.
وفيما يتعلق بمرحلة الإلهام، أفاد معالي الدكتور عبدالله الغامدي أن سدايا رفعت الوعي لدى 600 ألف شخص تجاه البيانات والذكاء الاصطناعي وأنه بمشيئة الله سنصل إلى 40 % من درجة الوعي لدى موظفي القطاعين العام والخاص بحلول عام 2030م، مشيرًا إلى أن سدايا أطلقت القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختين عام 2020م وعام 2022م، وشارك بالنسخة الأخيرة أكثر من 200 خبير من 100 دولة و20 ألف من المهتمين بالذكاء الاصطناعي، وكان أحد محاورها دور الذكاء الاصطناعي في سوق العمل حيث نوقش باستفاضة من المتخصّصين. وقد أُطلقت عام 2020م مبادرة ( دوري ذكاء) كاستراتيجية للوصول بالوعي تجاه الذكاء الاصطناعي إلى الجمهور العام بشكل مباشر، مستهدفة الوسط الرياضي، وهو هاكاثون شارك فيه أكثر من 570 فريقًا ، كما أطلقت هذا العام بالتعاون مع وزارة التعليم ومؤسسة الملك عبدالعزيز للموهبة والإبداع “موهبة” الأولمبياد الوطني للبرمجة وعلوم الذكاء الإصطناعي (أذكى)، وسجل فيه 260 ألف طالب وطالبة من المرحلتين المتوسطة والثانوية، وأقيم على هامش الأولمبياد (فعالية الطريق إلى أذكى) بحضور أكثر من 10 آلاف طالب وطالبة مع ذويهم، وفي مجال الصحة أطلقت (هاكاثون الصحة) بالشراكة مع جامعة ستانفورد شارك فيها المختصين لابتكار حلول في مجال الذكاء الاصطناعي بمجال الصحة.
كما يوجد 24 جامعة سعودية تقدم 33 برنامجًا في علوم البيانات والذكاء الاصطناعي. ونظّمت سدايا بالشراكة مع أكاديمية طويق معسكرات مكثفة وأٌقامت الأكاديمية حتى الآن 500 معسكر استفاد منها أكثر من 15 ألف طالب وطالبة، ويدرس فيها حاليًا أكثر من ألف طالب وطالبة يوميًا، وتخرّج أسبوعيًا ما معدله أكثر من 100 مستفيد لسوق العمل. ونوه إلى أن المعسكرات التدريبية التي تنظمها سدايا تُقدم بطريقة مبتكرة ، وحتى الآن تم تخريج 4 آلاف من أصل 20 ألف مختص وخبير في مجال الذكاء الاصطناعي. كما قدمت سدايا خدماتها لنحو30 شركة حتى الآن وتستهدف 100 شركة في نهاية 2024، مؤكدَا أن هذه المسرعات تعد فرصة لروّاد الأعمال لرفع مستوى شراكاتهم.
احترافية وأخلاقيات
أطلقت المملكة مبادرة إنشاء المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي وتم اعتماده من منظمة اليونسكو الشهر الماضي من الفئة الثانية، وفي العام القادم سوف نطلق مبادرات عديدة على مستوى العالم لتعميم تجربة المملكة في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي والاستفادة من الخبرات الدولية في هذا المجال.
وطبقا للدكتور عبدالله الغامدي، تعمل سدايا على إعداد دليل وطني لمهن البيانات والذكاء الإصطناعي لترسيم الوظائف الناشئة المتسارعة غير التقليدية وبناء مسار مهني للشخص بحيث يستمر في مجاله الإحترافي التقني حتى بعد سن التقاعد ولا يحتاج إلى التحول إلى مسار إداري لزيادة دخله.