عالم الطفولة جميل ونقي ومتجدِّد ومليء بالأعاجيب والإثارة والدهشة والإكتشاف ، إلا أننا كلما تقدمنا في العمر، نفقد الكثير من تلقائية طفولتنا وزخم صفاتها ومهاراتها، وذلك نتيجة بعض مظاهر العادات والتقاليد ونظم التعليم وأساليب التربية، وبذلك نجعل من تلك الموانع والقيود والسدود حاجزاً أمام تلقائية الأجيال الصغيرة القادمة إلى الحياة حديثاً من الإنطلاق وممارسة مهارات الفضول والإكتشاف والإبداع ، وبالتالي نكون قد فقدنا الكثير من حيوية الحياة ومتطلبات التطور والتقدم.
لذلك، لو كان الأمر بيدي، لوضعت بجانب كل مدير مؤسسة طفلاً بدرجة مستشار له . لا تستغربوا ذلك إنني بكامل قواي العقلية، وإلا أمام المدير أن يعود إلى الوراء ويسترجع طفولته ويمارس مهارات الفضول والمخاطرة والإكتشاف والإبداع .
عالم الأعمال يكتنفه الإضطراب وعدم الإستقرار والغموض والتغير المستمر المفاجئ والمنافسة الشديدة وجهود التسويق المضنية ، إلى جانب متطلبات تطوير البنية التكنولوجية الذكية للشركات، حيث أنني أري أن القاسم المشترك بين كل الشركات والمنظمات هو البعد التكنولوجي شئنا أم أبينا، وهذا يفرز تحدّيات جديدة غير مطروقة في السابق ، مثلاً : في قطاع القوي العاملة ودخول الروبوتات الذكية جنباً إلى جنب مع البشر، ما يتطلب قدرات ومهارات بشرية مختلفة تتواءم وتتأقلم مع طبيعة الخليط الجديد للقوي العاملة وينعكس ذلك على تركيبة الهياكل التنظيمية للشركات فيتقلص أو يتسطح الشكل الهرمي للتنظيمات، بالإضافة الى إختلاف أنماط العمل بين الحضوري والعمل عن بعد . ممّا ينعكس على عدم مركزية إتخاذ القرارات والصلاحيات المالية ،وإرتفاع معدلات المخاطرة في الإعتماد على الذكاء الإصطناعي في إتخاذ القرات المالية والتسويقية والإدارية .
ومن منطلق تلك التحدّيات ،يجب على المدراء وقادة المنظمات أن يتقنوا المهارات السيادية السامية، مثل: الشغف والإكتشاف والإبداع والإبتكار وإستشراف المستقبل. وتأتي مهارة الفضول على رأس قائمة مهارات القائد السامية ، حيث هي التي تتيح البيئة الحاضنة والصالحة لنجاح المنظمة ، وبالتالي تمكِّن الموظفين والعاملين من إستشعار الأمان وعدم الخوف من التصدّي للتحدّيات وطرح الأفكار الجديدة والجريئة التي تحرِّك المياه الراكدة في المنظمة، وجعلها أكثر مرونة للتكيف مع المؤثرات الخارجية والداخلية والتفاعل معها وتحقيق النجاحات والإستمرارية.
وأخيراً ،إن معظم الإكتشافات والإختراعات والإبتكارات عبر التاريخ كانت من نتاج السؤال والفضول الطفولي .