اجتماعية مقالات الكتاب

معاداة السامية

ينتشر في الإعلام الغربي مصطلح شائع عند الحديث عن أعمال عدائية ضدّ اليهود هو: “معاداة السامية”، وبالإنجليزية: ” antisemitism “. وقد يأتي بأكثر من ترجمة عربية له مثل :”اللاسامية” أو “ضدّ السامية”. ولعلّ آخر من أُتُّهم بذلك مالك شركة تويتر “إيلون مناسك “الأسبوع الماضي عندما علّق على تغريدة تقول إن اليهود “قد تسبّبوا بإثارة نفس النوع من الكراهية ضد البيض في الوقت الذي يزعمون أنهم يريدون أن يتوقف الناس عن استخدامها ضدَّهم”.

كان ردّ ماسك على التغريدة: “لقد أصبتَ كبد الحقيقة”. بعد هذا الردّ، سحبت شركات “أبل” و” IBM ” إعلاناتها من المنصّة التي يملكها “ماسك”.

كان من السهل وصمه بهذا المصطلح الجاهز الذي أصبح في انتظار كل من ينتقد الصهاينة.والحقيقة الساخرة هي أن هذا المصطلح يشمل العرب أيضاً. مصطلح السامية يشير إلى مجموعة من الناس الذين يشتركون بسمات لغوية تعود أصولها إلى اللغة السامية نسبة إلى سام بن نوح عليه السلام، أي أن المصطلح يشير إلى العرب واليهود معاً، لكن لصوصية اليهود تجاوزت الأرض إلى اللغة أيضاً، بل وامتدّت هذه اللصوصية الصهيونية إلى سرقة الثقافة ومنها الطعام العربي والفلسطيني مثل قولهم:الحمّص الإسرائيلي!

ولعلّ آخر الضحايا لهذا المصطلح ،رئيس حزب العمال البريطاني السابق: “جيريمي كوربين” الذي رفض الإجابة على سؤال الإعلامي “بيرز مورغان” لأكثر من “15” مرة في برنامجه الحواري الشهير حول ما إذا كانت حماس مجموعة إرهابية.
“كوربين” رضَخَ في نهاية الأمر تحت الضغط الشديد وكتب مقالاً وصف فيه الحركة بالإرهاب رغم أنه قال أيضاً إن إسرائيل ارتكبت أعمالا إرهابية بقتلها الأطفال في غزة.
هذا التردُّد في الإجابة والتأخر في التصريح ، كلّفه مستقبله السياسي في حزب العمّال.

استطاع “مورغان” أيضاً استخراج نفس التصريح من الإعلامي المصري الشهير “باسم يوسف” في لقائه الثاني معه، ولعلّه، أي “مورغان”، أراد إنقاذ مستقبل “يوسف” الإعلامي في الغرب.
المثير للغضب ،أن “مورغان” والإعلام الغربي كلّه، يردِّدون منذ انفجار الأزمة ،ما حدث في يوم واحد فقط هو السابع من أكتوبر ، ويتجاهلون كل الجرائم الإرهابية التي ارتكبها العدو الصهيوني التي حدثت في الأسابيع الطويلة التي جاءت بعد ذلك اليوم.
المفارقة هنا في هذا المصطلح ،هو انتشاره في الإعلام العربي وترّديده بشكل ساخر مع كل اتهام تكيله الماكينة الإعلامية الغربية ضدّ شخصيات شهيرة ارتكبت جُرم انتقاد الغطرسة الصهيونية التي نشاهدها الآن في الإعلام.

لم يأت هذا العداء ضدّ الصهيونية من فراغ ،فالجرائم التي ارتكبوها عبر التاريخ، لا يمكن حصرها ، والسمعة المشينة التي انتشرت في كل شبر من هذا العالم ، لها ما يبرّرها ولعلّ آخر هذه الجرائم ،ما يحدث الآن في غزة من جرائم إبادة للمدنيين أمام أعين العالم.
السبيل الوحيد لمقاومة مثل هذه المصطلحات التي استولى عليها الصهاينة ،هو ترجمتها بالشكل الصحيح، فعندما يَستخدم الإعلام الغربي مصطلح معاداة السامية،ينبغي أن يكون المصطلح المقابل بالعربية هو: “معاداة اليهودية” وليس “معاداة السامية”.

khaledalawadh@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *