الحدائق الذكية هي مفهوم لدى الكثير يشير إلى استخدام التقنية والذكاء الإصطناعي في تحّسين إدارة وصيانة الحدائق والمساحات الخضراء لتحقيق أهداف من أهمها تحسين كفاءة استخدام الموارد وتوفير الطاقة والماء وتحسين جودة الهواء والتربة وتعزيز تجربة الزوار.
وتعتمد الحدائق الذكية بمفهومها التقني (التكنولوجي) على مجموعة متنوعة من التقنيات والأجهزة المتصلة بشبكة الإنترنت، مثل أجهزة الإستشعار وأنظمة الري الذكية وتحليل البيانات للنواحي البيئية والإحتياجات المائية ومستويات التلوّث وغيرها من المعلومات.
وتعتبر أنظمة الري الذكي من أكثر التطبيقات التكنولوجية رواجاً تحت ظل التحدّيات القائمة من محدودية توفر المياه وأهميتها لحياة النباتات، بحيث تعمل أنظمة الري الذكي لتحديد احتياجات النباتات للماء بناءً على بيانات الرطوبة في التربة والأحوال الجوية المحيطة ممّا يقلّل من الهدر المائي.
ومن جهة أخرى، تعتبر أجهزة الإستشعار الذكية من التطبيقات الرائدة للتفاعل والتعرف على المناخ الدقيق للحديقة وأهميته لمرتادي الموقع من خلال رصد ومراقبة جودة الهواء ومستويات التلوث وقياس تركيزات الغازات الضارة والجسيمات العالقة في الهواء ، بالإضافة الى إستخدامات التطبيقات الذكية الإلكترونية التي تلقى أكثر إهتمامات الأجيال الشابة من خلال تطبيقات الهاتف المحمول أو الشاشات التفاعلية لتوفير معلومات حول المعالم والنباتات والأنشطة في الحديقة، وللتواصل مع خدمات الحديقة وتلقي التحديثات وتحسين تجربة المستخدمين والزوار.
ويمتد مفهوم الحدائق الذكية الى جوانب أخري بخلاف الجانب (التقني) التكنولوجي ليتضمن الجانب التصميمي من خلال العديد من المحاور لتوزيع مساحات الحديقة بصورة ذكية تتفق مع احتياجات المجتمع باستخدامات متعددة ومتغيرة بصورة تتناسب مع مساحة الحديقة وكثافة مرتادي الحديقة والحدّ من المساحات المهدرة. وكذلك التصميم لإستغلال مياه الأمطار وقنوات الصرف للإستخدمات الجمالية الطبيعية أو أعمال الري لتتفق مع متوسط الكثافة المطرية بالمنطقة والعديد من النواحي التصميمة الذكية الأخرى.
ومن الجوانب الأخرى للحدائق الذكية الجانب البيئي والذي يشمل العديد من التطبيقات الذكية مثل إستخدام الأنواع النباتية للمكافحة الحيوية الطبيعية للأفات النباتية وكذلك إستخدام مصادر الطاقة الطبيعية المتاحة (الطاقة الشمسية- طاقة الرياح- تحولات الطاقة الكهرومغناطيسية) للحدّ من التلوث المناخي وهذا بالإضافة الى إمكانية تبريد أسطح المباني بشكل طبيعي وخفض درجة الحرارة من خلال زراعة الأسطح والحدائق الجدارية.
وهناك العديد والعديد من المحاور الأخرى للحدائق الذكية مثل (التشغيلي – السلامة – التعليمي – الصحي والنفسي) والتي تساهم بخطوات نحو مستقبل أكثر ذكاء واستدامة في إدارة الحدائق والمساحات الخضراء.
وقد ظهرت في العديد من دول العالم خلال العشر سنوات الماضية العديد من التطبيقات الذكية للحدائق مثل مقاعد الجلوس وسلال المهملات والإنارة الذكية والممرات المولدة للطاقة من خلال تقنيات الكهرباء المغناطيسية وتقنيات الري الذكي. والأمثلة متعددة حول العالم لحدائق أشتهرت بتطبيقاتها الذكية مثل حديقة الأميرات في بوسان بكوريا الجنوبية وحديقة بالما نوفا في مدينة برشلونة بأسبانيا وحديقة سنغافورة النباتية بسنغافورة وحديقة التكنولوجيا في أمستردام في هولندا وغيرها من المناطق الأخرى والتي تعطي أمثلة جميلة لكيفية استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في إنشاء حديقة ذكية توفر تجربة فريدة ومحسنة للزوار، وتحسين إدارة الموارد والاستدامة البيئية.
وعلى المستوى المحلي يعد مشروع حديقة الملك سلمان في العاصمة الرياض أحد أكبر الحدائق مساحة عالمياً، حيث تغطي مساحة تزيد عن 13 مليون متر مربع وتتميز بإستخدام التكنولوجيا الذكية في إدارتها لتكون وجهة رائعة للزوار من جميع الأعمار، للإستمتاع بالمشي والاسترخاء في المساحات الخضراء، وممارسة الأنشطة الرياضية، وزيارة المطاعم والمقاهي لتكون مكانًا مميزًا يجمع بين الجمال الطبيعي والتكنولوجيا الذكية، وتعكس رؤية المملكة العربية السعودية لتوفير بيئة مستدامة ومبتكرة لسكانها وزوارها.
bahgethamooh@