يرتبط الأفراد بعلاقات كثيرة و متعدّدة في حياتهم على الصعيد الشخصي والإجتماعي. وتُبنى هذه العلاقات على التفاهم و تفهُّم الإختلاف بين أنماط الشخصيات المختلفة . وهذا لا يعني عدم الوقوع في اختلاف الآراء و طرق تعاطي الأمور بين الأفراد. هذا الاختلاف مهم حيث يصبح لدى كل فرد ،فرصة كبيرة لفهم الآخرين و طريقة تفكيرهم.
و قد تتفاقم الأمور بين الأفراد ، ويحدث بسببها مشاحنات بينهم وهذا يضعهم في مأزق حقيقي خصوصًا إذا وقعت هذه الإختلافات بين طرفين مرتبطين بروابط قويه ممّا يؤثر عليهم نفسيًا ،و يجعلهم يحكمون على بعضهم بعدم السماح ورفض التواصل الصحي بتاتًا .
و كما أن لكل فعل ردة فعل ،فإن اختبار عدم التسامح، لديه آثار نفسيه أقوى على الفرد غير المتسامح ، والأمر أشبه بغلق باب التواصل الخارجي وفتح باب آخر داخلي حيث يصبح الفرد أكثر تفكيرًا في الموقف المؤذي الذي تعرض له ، وأدقّ تحليلًا لتصرفات المؤذي .و بهذه الطريقة ،فإن الشخص غير المتسامح، وضع نفسه في موقف شحن ذاتي ،وذلك في كل مرة يتذكّر أو يحلّل فيها .فإنه يشحن ذاته بالغضب و الحقد.
وتكمن أسرار حيوية التسامح في التغاضي و العفو بكل صدق واخلاص حيث أن عدم السماح يعني أن هذا الألم الذي تعرّض له ،سيظل مرافقًا له طيلة حياته. ليس ذلك فحسب ، بل إن عدم السماح يضعف الفرد نفسيًا في التواصل و بناء العلاقات، ويجعله أكثر من يطلق الأحكام المسبقة على الآخرين بسبب موقف مؤذٍ من أحدهم .
و يعتقد الكثير أن التسامح هو الضعف و الإنهزام ، ولكنه في الحقيقة ليس كذلك أبدًا ،بل إن القوة تكمن في التسامح. ولا يوجد فرد ضعيف يستطيع أن يكون متسامحًا .والعكس صحيح.
ومن هنا تظهرمدى قدرة الفرد على السيطرة و التحكُّم بمشاعره ،وإمكانية منع المؤذي من السيطرة عليه بوضع الحدود.
ولا ننسى ألا شيء يعادل سمو الروح بالتسامح و حيويته .
@fatimah_nahar