نعلم جميعاً أن رقي الأمم وحضارتها ،إنما يقاس بمدى اهتمامها بشؤون الأسرة ،لأنها النواة الأساسية للمجتمعات. وقد اهتمت المملكة بالأسرة وأولت شؤونها تفكيراً وتخطيطاً ساهما في نجاتها من الإنحطاط والتدهور والتهالك، ومن ذلك تأسيس مجلس الأسرة السعودية ، برئاسة وزير التنمية والموارد البشرية ،وعضوية عدد من الأعضاء من مجالات وقطاعات عديدة. يُعنى هذا المجلس بكل ما يهمّ الأسرة السعودية . وللمجلس منتديات سنوية واجتماعات نصف سنوية ، يحق لكل أسرة متابعة هذه الجلسات والإطلاع على نشاطها والمشاركة فيها .
وفي هذا السياق انعقد يوميْ 12و13من نوفمبر الجاري منتدى الأسرة السعودية في نسخته السادسة بعنوان: (الأسرة في ظل المتغيرات المعاصرة) ،ولأن الحياة ديدنها التغيرات التي تطال الأسرة، فمن الحكمة أن تظل الأسرة مطّلعة ،ومدركة لما يجري حولها، حتّى تتمكّن من السير في طريق التقدم والسلامة والنجاة من المعاناة والأمراض الإجتماعية والنفسية .
ومن أجل نجاة الأسرة ومساندتها ،كان هذا المجلس وكانت هذه الجلسات، وكل الحوارات من أجل الأسرة بأعمدتها وأركانها :(الطفل والمرأة وكبار السن) . وأتمنى لاحقاً أن يكون من ضمن لجان المجلس (لجنة الرجل) ..لماذا أُستبعد الرجل من الأسرة رغم أنه رب الأسرة ؟ فهناك مشكلات تطال الرجل أحياناً. وكم نتمنى على المجلس أيضاً تكريم الزوجات الوفيات والأزواج الأوفياء الذين لم يتخلَ الواحد منهم عن شريك حياته خاصةً حين يدخل مرحلة ضعف تستحق المساندة والتقدير. فهؤلاء نماذج يجدر بالأجيال أن تقتدي بهم.
مثال: (أم طارق) التي تزوجت صغيرة ولم تكمل تعليمها وأنجبت ثلاثة أولاد وبنت وعاشت مع زوجها فترة وجيزة لم تتجاوز عشر سنوات ثم تعرض لحادث مروع كانت نتيجته شللاً رباعياً وأكبر أبنائها في الصف الثاني الإبتدائي. رحلة أم طارق في قيادة بيتها وأسرتها (بارك الله لها) ،رحلة مذهلة لا تسمح المساحة بذكر وفائها كما عرفته. تقول أم طارق :(كان لزوجي الكلمة الأولى في شؤون البيت وشؤون أبنائه كنت أستشيره رغم عجزه في كل شيء حتى لا يشعر بضعفه.)
الآن أم طارق تعيش مع أبناء متفوّقين وإبنة . كذلك زوَّجتهم جميعاً . نشأوا نشأةً سليمة نفسياً لأنهم لمسوا تقدير أمهم لأبيهم وحسن رعايتها له.
ومثال آخر: (أم ريان) ،هذه الشابة التي تزوجت بشاب محدود الدخل لكنه كان من عائلة طيبة عاملها بالحسنى وأكملت دراستها حتى تخرجت من الجامعة . بينهما رحلة حياة وخمسة أبناء. تقول أم ريان :(بعد فترة من زواجنا ،بدأ زوجي يسهر ويشرب ، ويأتي البيت ليلاً وهو في حالة سيئة. كنت أظل ساهرة أقاوم التعب والنوم حتى يرجع وأدخله الغرفة وأغلق الباب
وأبذل جهداً حتى لا يراه أبنائي).ظلت أم ريان على هذا الحال حتى تقاعدت ، هل تتخيلوا ياسادة رحلة عذاب
ووفاء كهذه؟كبر أبناؤها وزوَّجت بعضهم وصورة والدهم لم تُخدش في نظرهم. تقول أم ريان :( كنت أشتري للبيت وأجهِّز وأقول: “أحضره والدكم” ، رغم أنه لا يأتي بشئ). والعكس صحيح ،فكما هناك زوجات قمة في الوفاء والحياء ،هناك أزواج كذلك.
طبعاً أنا لست ضدّ الطلاق أو الخلع، فهذه أمور حلّلها الشرع ، لكنني ضدّ الطريقة التي تنتهي بها الحياة الزوجية ،وضدّ الجحود والنُكران وسَحق كل القيِّم والآداب سواء من الرجال أو النساء.ودمتم.
@almethag