كلما نظرت إلى السماء ورأيت جمال تلك السحب التي تتراكم على بعضها بعضاً مكوِّنة إزدحاماً من الإنتعاش منذرة بهطول قطرات من المطر، تتردّد على مسامعي كلمات “البدر” وهو يصف ذلك الجمال:
قلت المطر قالت من الـيوم ديـــمه …. ما به رعد لا برق ماغير هـــــــتان
عشق جمع ما بين قـاع وغيمــــه …. سيّل علي صدر الثري دمع الامزان
همس النديم اللي يـعاتب نديمــــه …. صوت المطر كنّه تعاتيب خــــــــلان
تبسّمت لاجل اللـيالي القديمــــــــه …. وقالت تذكّر قلت يابنت نسيــــــــــان
تورية تحكي قصة عشق في إطار من الرومانسية الجميلة لا تبتعد عن مشاهدة المطر، و صوت المطر، و رائحة المطر.
تحت المطر، يتحول البعض منّا إلى شعراء حيث ترقّ مشاعرهم وتنهال الكلمات العذبة على ألسنتهم، والبعض الآخر يصبح طفلاً يلاعب حبّات المطر، ويركض حولها ويضحك معها، وكأنها صديق حميم يبادله السعادة. لعلي أذكر ساعات الإنتظار التي كانت تقضيها إبنتي وهي تنظر من خلال النافذة تنتظر هطول المطر بعد مشاهدتها للغيم، أو إعلان الأرصاد الجوية عن التوقعات المطرية، وما يحصل لها من فرح هستيري وهي تقفز على درجات المنزل لتصل إلى الخارج. وتبتلّ تحت سيل من المياه، وقتها لا أعرف ماذا أفعل هل أوبّخها على فعلها أم أشاركها اللعب؟ في الغالب تحدث المشاركة.
يا مطرة حطي حطي… على قريعة بنت أختي.
نداء للمطر منبعه التفاؤل بقدوم عبدالصمد الذي جاء بعد هطول المطر ليفرح كل من في البيت، ويصبح تاريخ ميلاده ذكرى لهطول المطر. حتى بعد أن مرّت أيام صعاب على الحبيبة جدة عندما لم تكن في أتم استعدادها لاستقبال المطر، إلا أن السعادة التي تصاحب موسم المطر بقيت كما هي.
وحتى لو غلّفها بعض الخوف والقلق، تظل فرحة وبركة وخير، ويكفي ما تخلِّفه وراءها من أجواء ربيعية تكسي الأرض ، ونسمات عليلة تُخرج من في البيوت لتزدحم الطرقات بالباحثين عن مساحة تسمح بالجلوس واستنشاق هواء نقي .
جرّب إذا نزل المطر ، أن تستلقي في منطقة فضاء، وأن تنظر نحو السماء ،فارداً ذراعيك ،وكأنك تستقبل عزيزاً قادماً من السفر، وابتسم حتى ترى وجنتيْن من ستمضي. فإذا انتهيت ،عبِّر عن شعورك بكل صدق وبراءة. أنا على يقين أنك ستصبح شاعرياً وقد تدنّدن لنا بصوت جميل :( قلت المطر.. قالت من اليوم ديمه) وإن كنت لن تضاهي “أبو عبدالله” إلا أننا سنطرب لك تماشياً مع الأجواء الجميلة.
eman_bajunaid@